ساحات مرشحة للتدخل الروسي .لمكافحة الإرهاب التكفيري
د.نسيب حطيط
دخلت الاستراتيجية الروسية لمكافحة الارهاب التكفيري مرحلة جديدة توحي بإمكانية التدخل في اي دولة تطلب المساعدة الروسية او اذا اتخذ مجلس الامن قرارا يسمح بضرب الجماعات الارهابية وفق التصنيف الدولي المتفق مع روسيا والصين عليه وليس وفق التصنيف الاميركي الذي يضع حركات المقاومة في اطار الحركات الارهابية اذا تصدت للمشروع الاميركي بوجوهه وادواته المتعددة .
ان الوقائع الميدانية السيئة في ليبيا دفعت الى إمكانية الطلب الليبي من روسيا المساعدة في مواجه داعش واخواتها مما دفع الاميركيين وحلفاءهم للإسراع بمشروع بالمصالحة الليبية وتشكيل حكومة وحدة وطنية خوفا من عودة روسيا من نافذة مكافحة الارهاب بعدما تم طردها من باب الخداع بالالتفاف على قرارات مجلس الامن والذي اباح ليبيا لحلف الناتو والجماعات التكفيرية وحولها الى ساحة فوضى متوحشة تهدد الجوار الافريقي والجوار في تونس والجزائر وبعدها المغرب ، فالساحة المرجحة للتدخل الروسي هي ليبيا لحماية الجزائر التي تشكل النافذ الروسية الوحيدة المتبقية في المغرب العربي وشمال افريقيا والتي يمكن عبرها النفاذ والتواجد داخل القارة الافريقية للإستثمار الاقتصادي بالتعاون مع الصين التي سبقت الجميع الى السوق الافريقي اما الساحة الاخرى المرشحة للتدخل الروسي ستكون الساحة المصرية في سيناء لمعاقبة الذين اقترفوا جريمة تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء خاصة بعدما بدأ تسريب معلومات عن ان الحكومة الروسية امسكت بخيوط استخباراتية حددت بموجبها بعض الجماعات المتورطة في التفجير والتي تلقى الرعاية من اطراف اقليمية وغض نظر من تنظيمات فلسطينية في غزة بالاضافة ان التعاون المصري الروسي في المجال الامني هو حاجة مصرية ملحة ومجال ترحيب روسي لاستعادة بعض الماضي السوفياتي في مصر وعلى البحر الاحمر للتكامل مع التواجد الروسي في البحر المتوسط في سوريا .
إن استراتيجية التدخل الروسي تعتمد على القواعد التالية:
- التدخل ضمن القانون الدولي او طلب النظام الشرعي للبلد الذي يتعرض للإرهاب والتدخل الخارجي المقنع.
- حماية الامن القومي الروسي ومنع التهديد المباشر او غير المباشر .
- تلازم العمل الفكري والاعلامي لنشر الوعي مع العمل العسكري الرادع.
ان روسيا بالتعاون مع محور المقاومة كمرحلة اولى بالإضافة للتعاون مع بعض دول اميركا اللاتينية والصين قادرة على بناء محور دولي متنوع ثقافيا وسياسيا لحماية التعددية والسيادة الوطنية والامن القومي لأطرافه والمساعدة لحماية السلم العالمي الذي تهدده اميركا عبر الجماعات التكفيرية التي ترعاها وتحميها وتمولها عبر اموال النفط وتصنعها في مدارس الوهابية التكفيرية التي اجتاحت العالم الاسلامي واوروبا وبرعاية وتسهيل من الحكومات الاوروبية ضمن مشروع الحرب البديلة التي خطط لها بما يسمى الربيع العربي الذي كاد ان ينجح ويقسم المنطقة لولا الصمود لمحور المقاومة والدعم الروسي السياسي كمرحلة اولى في مجلس الامن والدعم العسكري كمرحلة ثانية والذي استطاع احداث التوازن في سوريا ،وصولا لترجيح كفة الدولة السورية ضد الجماعات التكفيرية ورعاتها.
اما الساحة الثالثة المرشحة للتدخل الروسي فهي الساحة اليمنية التي تمثل مصلحة استراتيجية على المستويين الاقتصادي والسياسي والشراكة الروسية في رسم المشهد السياسي لمنطقة الشرق الاوسط بداية والشراكة في اعادة ترتيب المشهد السياسي الدولي فيما بعد لتأسيس عالم متعدد الاقطاب بديلا عن منظومة القطب الدولي الذي تربعت على عرشه الادارة الاميركية منذ انهيار التحاد السوفياتي وتحاول روسيا التي ورثت الاتحاد السوفيتي ان تقوم من كبوتها بعد تجاوزها للمرحلة الإنتقالية التي استمرت اكثر من عقدين من الزمن .
روسيا تتوسع بالميدان والسياسة وتجري مناورة بالذخيرة الحية لإعلان ولادتها الجديدة مع الاستفادة من اخطاء الاتحاد السوفياتي السابق والحزب الشيوعي بالإبتعاد عن فرض الايديولوجيا الماركسية او السياسة الروسية الى منظومة اكثر ذكاء وواقعية وبأقل تكلفة ،مع التأكيد على إحترام عقائد الحلفاء والبحث عن قواسم مشتركة والاحترام المتبادل وهذا ما دفعها الى تحريك منظمة الرؤى الاستراتيجية (روسيا والعالم الاسلامي) واحترام المسيحية في روسيا والخارج وهذا ما سيوفر لها مرونة في الحركة وتوسعا" في جغرافيا الحلفاء على مستوى الانظمة والافكار وهذا ما كان يفتقده التحاد السوفياتي السابق .
*سياسي لبناني