ثورة البحرين وإذا المؤودة سئلت
د.نسيب حطيط
في الذكرى السنوية الأولى لإنتفاضة الشعب البحريني ضد النظام الملكي الحاكم، للمطالبة بحقوق المواطنة والعيش الكريم في حراك سلمي ووطني أعطى مثالا في النضوج والعقلانية والإستقلالية،حيث لم تبادر قيادة الثورة البحرينية من سياسيين وعلماء وشخصيات مدنية وثقافية باللجوء إلى الأميركيين واستدعاء التدخل الأجنبي، كما فعلت المعارضة السورية أو كما يفعل بعض الإسلاميون الجدد، الذين هادنوا إسرائيل وأبقوا على معاهدات السلام ،بل بقيت ثورة البحرين ثورة وطنية سلمية صادقة في شعاراتها وسلوكياتها وأهدافها المشروعة بالحصول على حقها في العيش الكريم وتداول السلطة والإنتقال من مملكة(المزرعة) إلى الدولة العادلة على أساس ديمقراطي مع حفظ حقوق وهواجس العائلة المالكة(ملكية دستورية) وأن ينقل المواطنون من طبقة الرعايا والخدم إلى طبقة المواطنين الذين يشاركون في بناء الوطن.
لقد ظلمت ثورة البحرين من الرأي الدولي ومؤسساته الدولية...وظلمت من الإعلام الموجه والكاذب وغير النزيه...وظلمت من علماء الدين الذين وصفوها بالمذهبية لحصارها وهذا خلاف الواقع ،فثورة البحرين فيها السنة والشيعة المظلومين معا،وفيها المتدين والعلماني والليبرالي وظلمت ثورة البحرين من ما يسمى الجامعة العربية التي لم تسمع فيها،ولم تتحرك من أجلها لأن الأميركي أمر ذلك ، لحماية أسطوله الخامس في البحرين..ظلمت ثورة البحرين من المثقفين والأحزاب ولم يناصرها أحد،فظلت يتيمة وحيدة ويشارك الجميع في قتلها وحصارها ولسان حالها يقول(وإذا المؤودة سئلت،بأي ذنب قتلت) .
لقد اذنبت ثورة البحرين وخطيئتها أنها أشعلت منارة الحرية والديمقراطية في منطقة الخليج المغلقة على نفسها بالعائلات المالكة،ملوك وأمراء النفط والغاز،محميات سياسية وأمنية أميركية تؤمن قواعد الإحتلال الأميركي الذي يغتصب الكرامة والسيادة والثروات كيف تشعل ثورة البحرين شمعة في ظلام الخليج.
اذنبت بخروج المرأة الكريمة والشجاعة والعفيفة إلى الشوارع تطالب بالحرية والعدالة ومثيلاتها في دول الخليج لا يسمح لهن بقيادة السيارة أو العمل!
اذنب البحرنيون لأنهم طالبوا بالإنتخابات وتشكيل مجلس نيابي حقيقي خلاف مجالس الشورى الصورية والرمزية في ممالك الخليج التي اسست بإتفاقيات مع البريطانيين عام1926 وتعهد البريطانيون فيها بالإعتراف بالسلطة للأباء وورثتهم من بعد(معاهدة دارين)،وللبيان فقد وقعت هذه الإتفاقية بين عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أمير الرياض وبريطانيا، وقعت المعاهدة في 26 ديسمبر 1915 بين الملك عبد العزيز والسير بيرسي كوكس، وهو ممثل الحكومة البريطانيوفي بعض بنودها:
- تعترف الحكومة البريطانية وتقر ان نجدا ًوالاحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي يبحث فيها، وتعين اقطارها فيما بعد ومراسيها على خليج فارس، وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل، وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقا على قبائلها، وبأبنائه وخلفائه بالارث من بعده، على ان يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه، خاصة فيما يتعلق بشروط هذه المعاهدة
- يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل بان يتحاشى الاعتداء على اقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية والتي لها صلات عهدية مع الحكومة المذكورة والا يتدخل في شؤونها، وتخوم الاقطار الخاصة بهؤلاء ستعين فيما بعد.
كيف يجرؤ الثوار البحرنيون المطالبة بتحرير البحرين من القواعد الأميركية وأسطولها الخامس؟
كيف يجرؤ البحرنيون على التظاهر لمنع التجنيس السياسي والأمني التي تقوم به الدولة لتحمي نفسها من مواطنيها بواسطة المرتزقة في قوى الأمن لقمع المحتجين،وتقدق عليهم العطاءات من الجنسية إلى السكن إلى الرواتب المرتفعة بينما يرزح الشعب البحريني تحت خط الفقر؟
لقد عميت الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان ما يجري في البحرين من إعتداءات على المدنيين والنساء والمستشفيات والأطباء والمساجد والمقابر.
لقد هدمت قوى الأمن ودرع الجزيرة الآتية من خارج الحدود35مسجدا و7حسينيات.
لقد نبشت قوى الأمن القبور وأعتقلت النساء،وديمقراطية الخليج الكاذبة تبدأ في البحرين حيث اعتقلت السلطات الشاعرة أبات القرمزي عقابا على قصيدتها ضد النظام ولم تحمل سلاحا أو متفجرة كما يجري في سوريا.
لقد أعتقل الإماراتيون4من مواطنيهم لأنهم شتموا الأمير، وأعتقل الأردن مواطنا لأنه أحرق صورة الملك؟
أعتقلت قطر العديد من القطريين لإحتجاجهم على تصرفات الأمير وحاشيته على تبذير الأموال على المونديال والمصروف الشخصي وعلى التدخل في الثورات العربية.
البحرين(الثورة) المظلومة واليتيمة، ثورة يخافها إثنان قطر والسعودية ،فالجسر الذي يربط السعودية بالبحرين في المنطقة الشرقية ،تعتبره السعودية نافذة للتغيير من داخلها إذا نجحت ثورة البحرين،لذا فقد ذهبت إليها لتخنقها وتقتلتها في مهدها،وقطرالعائمة على الغاز والكذب الإعلامي والتحالف مع إسرائيل وأميركا،تخاف أن تنتقل العدوى إليها فتسقط من الداخل فاجتمع(العدوان اللدودان) قطر والسعودية وبأمر وغطاء أميركي للإطباق على البحرين كفكي كماشة،لإبقاء الخليج بعيدا عن الحرية والثورة والديمقراطية.
لكن ثورة البحرين ستنتصر، فدماء الشهداء تعبد طريق الحرية بالعزة وصبر الثورة وعقلانيتها وسلميتها تكفل الإنتصار،والظالم مهما تعاظمت قوته وظلمه لا بد أن ينهزم فذلك وعد الله سبحانه وسنة التاريخ.
وأخيرا ...أخوتنا في البحرين عذرا لأننا قصرنا في نصرتكم ولو بالكلمة والموقف الصادق ودعائنا لكم بالنصر( إن موعدكم الصبح ،أليس الصبح بقريب).