د.نسيب حطيط*
قبيل إنعقاد القمة العربية في ليبيا، ولمواجهة الحرب الإسرائيلية الميدانية التي بدأت بمصادرة الأماكن المقدسة،تمهيدا لإعلان يهوديةالدولة، ،ولإعادة البوصلة الجهادية،والعقائدية والوطنية لإتجاهها الصحيح ضد العدو الإسرائيلي في فلسطين والجولان ولبنان..انعقدت قمة المقاومة العربية الإسلامية في دمشق،بأركانها الأربعة الأساسيين(نجاد-الأسد-نصرالله -مشعل) مناصفة بين الدول المقاومة والممانعة،وبين حركات المقاومة في فلسطين ولبنان،لتعلن أن التهديدات الإسرائيلية،صارت عبثية وفارغة ولن تؤثر على جهوزية وثقافة المحور المقاوم بجبهاته الأربع المتحدة ،و أن إستراتيجية الإشتعال المفردة قد سقطت،وأن سيمفونية المعركة الشاملة،هي الحصن الجديد لحماية أي جبهة،مما يقلل من فرص الحرب،وإن وقعت يقلل من فرصة إنتصار العدو الإسرائيلي ويزيد من إمكانيات الصمود، بل والإنتصار المؤكد، نتيجة وحدة القوى النارية،ووحدة المصير الإستراتيجي.
إن البعض من الطوابير العلنية والمستترة السياسية والإعلامية التي تعمم ثقافة الإحباط وعدم القدرة على مقاومة العدو الإسرائيلي والأميركي،تتناسى التاريخ وتغمض عينيها عن الحاضر والوقائع التي تدل على عدم إستحالة الإنتصار،بل وعلى وااقعية الطرح المستند إلى إمكانية هزيمة العدو، ولا بد من طرح بعض الأسئلة للراسبين في إمتحان العزة والكرامة والسيادة الوطنية والقومية من خلال الأسئلة التالية:
- ألم يبادر العرب في حرب تشرين عام1973 لشن الحرب ولأول مرة على العدو الإسرائيلي وإستعادة أراض محتلة في الجبهات المصرية و السورية؟!.
- ألم تهزم إسرائيل في حرب 2006 في لبنان،أو على الأقل أنها لم تنتصر في جبهة واحدة مع كل الدعم الأميركي والعالمي والعربي؟!.
- ألم تفشل إسرائيل في غزة عام 2009 ولم تحقق إنتصارا،بل إن حركة المقاومة الفلسطينية صمدت في غزة ولا تزال رغم الحصار والجبهة الواحدة؟!.
- ألم تتغير موازين القوى السياسية العسكرية لصالح محور المقاومة على صعيد الدولتين سوريا وإيران وكذلك المقاومة اللبنانية والفلسطينية؟!.
أليس صحيحا الإفتراض بأن المقاومة في لبنان وفلسطين وكذلك سوريا، وكأنهم امتلكوا السلاح النووي ومقدماته والترسانة العسكرية الضخمة،طالما أن إيران امتلكت هذه الفرضيات؟!.
إن مؤتمر قمة المقاومة في دمشق،أكد على وحدة الجبهات،والإنتقال من دائرة الدفاع والتشتت إلى دائرة المبادرة والهجوم، ،بالإضافة إلى نقلة نوعية إستنادا إلى تجربتي حرب 2006 وحرب غزة 2009 وهي نقل المعركة إلى الداخل الإسرائيلي،وإنتهاء زمن الحروب على أراضي الأخرين ،مع أرجحية للمحور المقاوم نتيجة الواقع الجيوسياسي الذي يعتمد على الجغرافيا الواسعة عبر الساحات المتعددة والمفصلية مقابل الواقع الجغرافي الإسرائيلي الضيق والمحاصر، مما يجعل المدنيين الإسرائيليين والبنية التحتية داخل كرة النار ولزمن لا تتحكم فيه الآلة العسكرية والسياسية الإسرائيلية.
إن من المميزات المهمة لقمة المقاومة في دمشق أنها كانت تتويجا للخطاب السوري واللبناني،الذي يحمل صفة التحدي وعدم الخضوع للتهديدات،وأن هذا الخطاب ليس أقوالا جوفاء يل يتكامل مع الفعل العملاني المتمثل بالجهوزية الميدانية الناضجة والتحضير لصد أي عدوان محتمل، والأهم هو الواقعية والحذر وعدم التبجج الإعلامي، وهذا ما سيعطي نتائجه المباشرة،سواء على مستوى تأخير الحرب خلال الفترة المقبلة،وإعادة النظر بالنتائج عند الطرف الإسرائيلي وحلفائه الأقليميين أو الدوليين،خاصة الراعي الأميركي،الذي يعيش مأزقه الخطرةفي العراق وأفغانستان،والشلل المصاب به على المستوى العسكري خاصة،وتقييد حركته السياسية الدولية في مجلس الأمن من خلال الموقفين الصيني والروسي،اللذين يستفيدان من المعوقات الميدانية في الشرق الأوسط، لربح الوقت اللازم لإستعادة زمام المبادرة سواء على الصعيد الإقتصادي او العسكري،للدخول إلى الساحة الدولية مجددا بعد غياب دام حوالي العشرين عاما منذ إنهيار الإتحاد السوفياتي.
هل تستفيد بعض القوى اللبنانية من الوقائع الجديدة،لتصحيح مسارها السياسي وترك منصة الدفاع عن الأفعال الإسرائيلية،والإمتناع عن إقلاق المقاومة ،أم ستبقى على مواقفها العدوانية وتدفع الثمن الباهظ كما دفعته سابقا، بعد إجتياح عام 1982 وكذلك بعد تحرير الجنوب عام 2000 ،لأنها الحلقة الأضعف.. ولآن من ناصرته أو تناصره من الإسرائيليين والأميركيين ليس حريصا عليها بل على مصالحه...وحري بهاأن تعود لرشدها ووطنيتها، حفظا لذاتها ومواقعها ووطنها...؟!.