أردوغان يلسع روسيا في أرمينيا.
د.نسيب حطيط
يتنقل الدبور "التركي" من الشيشان إلى القرم إلى "ناغورنو قره باغ "بين أرمينيا (المسيحية) وأذربيجان (الإسلامية) في لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة الجيو سياسي والديني.
بعدما شعرت تركيا انها خارج دائرة المشاركة والقرار في المفاوضات السورية – السورية والتي احتكرتها السعودية بما يسمى" معارضة الرياض" وبعد إبعاد تركيا من الساحة المصرية عبر اسقاط حكم الأخوان المسلمين لصالح النفوذ السعودي وخسارة الورقة الكردية وانقلابها على الساحة التركية سواء في سوريا والتوسع الكردي وصولاً لإعلان بعض القوى الكردية السورية منطقة للحكم الذاتي في شمال سوريا على الحدود التركية مما أصاب تركيا بخسارة مثلثة الأضلاع في أحداث الربيع العربي فخسرت الساحة المصرية والساحة السورية وتحملت عواقب الإرهاب الداعشي المنقلب عليها او الموجه سعودياً او أميركياً لتأديب الإندفاع والشغب التركي او عبر عمليات الثأر الكردية من الحكومة التركية .... رداً على قصف المناطق الكردية وحزب العمال الكردستاني في تركيا وشمال العراق.
لقد حركت تركيا الجبهة الأرمنية – الأذربيجانية للتحرش بالروس وإظهار قدرتها بامتلاك القدرة على زعزعة الأمن الروسي في الجمهوريات الإسلامية الواقعة ضمن الإتحاد الروسي وكذلك ضمن روسيا عبر العمليات الإنتحارية او العبوات الناسفة في الساحات والقطارات ضد المدنيين مثلما حدث اخيراً في أقليم "ستافروبول".
يحاول أردوغان فرض نفسه في المشهد الإقليمي بكل الوسائل سواء بالإرهاب "المقنع" عبر الجماعات التكفيرية في أوروبا وروسيا والقوقاز او عبر إعادة التحالف الإستراتيجي مع العدو الإسرائيلي او إثارة الفتنة المسيحية – الإسلامية داخل الإتحاد الروسي او على حدوده لتحويل الصراع داخل الإتحاد الروسي إلى صراع ديني يشعل روسيا من الداخل بناء لأوامر أميركية في تكرار لما حدث في أفغانستان مع الإتحاد السوفياتي السابق حيث يشعر الأميركيون بأن تفردهم في حكم العالم لم يدم طويلاً وأن "الميت" الذي دفنوه (الإتحاد السوفياتي) قد عاد إلى الحياة عبر روسيا بقيادة" فلاديمير بوتين" ومن خلال النافذة السورية بدأت تتشكل ثنائية عالمية (روسيا – أميركا) وهذا ما لا ترغب فيه اميركا ولا تستطيع تحمله أو قبول المساكنة السياسية مع هذا المولود السياسي الجديد لذا فقد شنت أميركا هجوماً شاملاً على روسيا عبر ثلاثة محاور وفق التالي:
- محور العقوبات الإقتصادية سواء عبر الحصار الإقتصادي الأوروبي والأميركي او عبر خفض سعر النفط بواسطة دول الخليج لزعزعة الميزانية الروسية وتقليص هامش المناورة والحصانة للحكومة الروسية.
- محور أحداث أوكرانيا وجزيرة القرم والتي خرجت منه روسيا بربح جزئي (القرم) لكنها تعيش قلقاً وتوتراً دائماً مع أوكرانيا نافذة الناتو على الإتحاد السوفياتي بل في عقر دار الفضاء الأمني الروسي.
- محور الجبهة الأرمنية – الأذرية التي ان توسعت سيكون لها إنعكاساتها الكبرى بأضعاف ما أحدثته الشيشان سابقاً خاصة وان روسيا (الداخل) حتى في موسكو يعيش فيها أكثر من مليوني مسلم مضافاً لهم حوالي مليونين في إقليم موسكو ويمسكون بمفاصل إقتصادية هامة والكثير من المساجد التي يمكن ان يتسلل من خلالها الإرهابيون الذين ترعاهم تركيا والوهابية لشن حرب دينية داخل روسيا مع كل الدعم الذي ستقدمه اميركا وحلفائها لفرملة الإندفاع الروسي خارج الحدود وخاصة في سوريا ومنطقة البحر المتوسط.
إن المتضرر الرئيسي من أحداث أرمينيا – أذربيجان هم الروس وإيران لحساسية الموقع والموقف ولذا فإنه يجب النظر لأحداث "قره باغ" بأنها امتداد للميدان السوري وجبهة حلب عبر العامل والمحرك التركي وإشتعاله سيحول الإقليم من سوريا إلى روسيا وجمهورياتها الإسلامية إلى ساحة ميدان واحدة وإن تباعدت الجغرافيا.
هل ينجح اردوغان في أذربيجان بعد خسارته في سوريا ...أم ينجح الروس والإيرانيون بكبح وجماح "الدبور" التركي؟
سياسي لبناني