أميركا تكشف المستور وتهدد السعودية
د.نسيب حطيط
بعد خمسة عشر سنة على تفجيرات أيلول 2001 وإرتكازاً على ما عرف "بالصفحات المخفية" اقر الكونغرس الأميركي قراراً يسمح لعائلات الضحايا الأميركيين بمقاضاة السعودية لمسؤوليتها عن تفجيرات أيلول 2001 وهذا القرار يدين السعودية ويهددها على عدة مسارات وفق التالي:
- المسار المالي الذي يمكن ان تصل فيه التعويضات المالية التي ستحكم فيها المحاكم الأميركية ما يوازي الودائع والسندات التي تملكها السعودية في أميركا ويضع السعودية في موقع الإفلاس المالي وبالتالي إنهيار المنظومة الإقتصادية السعودية والتي يمكن ان تهدم أركان العائلة المالكة سياسياً.
- المسار القانوني الذي سيضع السعودية في مركز (الدولة الإرهابية) والداعمة للإرهاب ويضعها وفق القانون الدولي في دائرة الدول الخارجة عن القانون ويعرضها للعقوبات السياسية والإقتصادية والمالية وإتهام المسؤولين فيها بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية وتضعهم تحت المطاردة القانونية لمحاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية او محكمة خاصة.
لكن هذا القرار من حيث التوقيت والأهداف يطرح عدة أسئلة وفرضيات متعددة خاصة بعد رفض الرئيس الأميركي اوباما تنفيذ هذا القرار حفظاً لمصالح الولايات المتحدة الأميركية.
والسؤال البديهي لماذا صمتت أميركا عن المعلومات التي تدين مسؤولين سعوديين طوال 15 عاماً ؟
ولماذا كشفت عنها اليوم أو هددت بكشفها وهل ستكشفها حقيقة أم انها عملية ترهيب وتهديد للسعودية لإبتزازها سياسياً وتحجيم طموحاتها الإقليمية بعدما فشلت في كل المهام التي تكفلت بتنفيذها في اليمن وسوريا والعراق ونجحت جزئياً في فلسطين بالإنفتاح على العدو الإسرائيلي ولجم السلطة الفلسطينية وتدجين حركة حماس سواء على مستوى المقاومة او على مستوى تحالفها مع محور المقاومة وإنحيازها إلى التحالف التركي – السعودي – القطري.
لقد جربت أميركا سياسية التهديد "بعصا المحاكمة" مع الرئيس السوداني واستطاعت حصد النتائج المبهرة فقد وافق على تقسيم السودان وانخرط في السياسة السعودية ومنع قوافل السلاح إلى غزة وانحاز إلى عاصفة الحزم وترك العلاقات مع إيران ولا يزال مستعداً لدفع الأثمان للنجاة من سيف المحاكمة !
جربت أميركا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وحصدت بعض النتائج السياسية والمالية في حصار المقاومة وإن لم تستطع ربح الحصار الكبير برأس المقاومة وسوريا شنت حربها التكفيرية عليهما وابقت على المحكمة الدولية.
يريد الأميركيون بأن تبقى السعودية كما كانت تنفذ ما يريده الأميركيون من تمويل للجماعات التكفيرية ومعاداة الأنظمة الوطنية والمقاومة منذ الرئيس عبد الناصر حتى الآن والمصالحة مع إسرائيل لكن بشرط عدم "الإجتهاد" السياسي والعسكري في مغامرات او تهديد بالإنتقال إلى أحضان الآخرين بالإنفتاح على روسيا أو فرنسا وغيرها دون استشارة او موافقة الأميركيين وبشروطهم والأكثر قساوة عدم التهديد بالودائع السعودية والتي تتعامل معها أميركا على أنها نظرياً هي أموال سعودية على الورق والسندات لكنها في الحقيقة هي أموال أميركية لتمويل صفقات السلاح لإحياء مصانع السلاح او التجميد او التعويضات المالية للضحايا او اختراع اسباب أخرى تهدف كلها لمصادرة المال السعودي وقد برهن العدوان على اليمن ان أميركا المستفيد الأول بعشرات او مئات المليارات من الدولارات.
أميركا ليس لها حلفاء بل أدوات وعبيد ودوام علاقتها معهم وفق ما تتأمن مصالحها وأمنها القومي وتستبدل الأنظمة والرؤساء كما تبدل إطارات سياراتها لا عاطفة ولا مجاملات ولا وفاء ولا اعتراف بالجميل ومن لا يصدق فليقرأ ما فعلته بشاه إيران وحسني مبارك وصدام حسين ومعمر القذافي وأمير قطر وزين العابدين وحتى بالرئيس علي عبدالله صالح في اليمن المشكلة ان البعض لا يقرأ وإن قرأ لا يتعظ ويعيش في أحلام اليقظة ولا يريد أن يصدق ما سيؤول إليه مصيره الأسود ويبقى يراهن ويقدم حتى يخسر كل شيء شعبه ووطنه ودينه وامواله ويصبح منفياً أو مقتولاً او في قفص المحاكمة الدولية.
هل سيستيقظ السعوديون والخليج وبعض العرب فيعودوا إلى شعوبهم وأمتهم التي ستحتضنهم وتحميهم مع كل ما فعلوه بدل أن يذلهم ويغتصبهم الأميركي أو يذبحهم بسيوف "داعش" والجماعات التكفيرية التي صنعوها وأطعموها حتى بلغت "سن التوحش" دمرت البلاد واهلكت العباد وها هي بأوامر أميركية تعود للسعودية بالتزامن مع القرار الأميركي بمقاضاة السعودية والتعويض على الضحايا لوضع السعودية بين فكي كماشة .
هل ستستيقظ السعودية وتنقذ نفسها والأمة ؟