إسرائيـل والمصالحـة مـع السلفييـن والإسلامييــن الجــدد
د.نسيب حطيط
مع إنطلاق الحراك الشعبي العربي والذي وصف "بالربيع العربي" أو "الصحوة الإسلامية "أستبشر البعض أن فلسطين صارت على قاب قوسين أو أدنى من التحرير مع المسجد الأقصى،وأن الحكام العرب أتباع أميركا قد إنهزموا لصالح الأحزاب والقوى السياسية العقائدية خاصة الإسلامية في مصر وتونس وليبيا ،وصولا إلى محاولاتهم في سوريا ،وبعد إنجاز المرحلة الأولى من العملية السياسية في مصر وتونس وليبيا وفوز الإسلاميين في الإنتخابات وبعدما غابت الشعارات السياسية عن الثورات العربية و غياب الموقف الواضح المعادي أميركا والإحتلال الإسرائيلي والإستعمار الغربي ،حيث انحصرتالمطالب الثورية بتأمين رغيف الخبز والحرية،وقال البعض أن الثورات ستتحدث بعد إستلامها الحكم في القضايا الوطنية والقومية ،وأنها ستكون نقيض الحكام الذين أسقطتهم على مستوى الموقف السياسي ،وكذلك المستوى الديني لكن الوقائع الأولى لا تبشر بالخير بل تزيد من عمق الجراح في فلسطين وتضفي شرعية دينية على الإحتلال الإسرائيلي خلاف ما كان الحكام يعطونه من شرعية سياسية عبر إتفاقاتالسلام والتطبيع.
ففي مصر التي فاز بها الإسلاميون الجدد(حزب الحرية والعدالة) والسلفيون (حزب النور)كان ثمن الفوز طمأنة أميركا وإسرائيل بأنهم ملتزمون بإتفاقيات السلام مع إسرائيل (كامب ديفيد) ولحفظ ماء الوجه قالوا لابد من تغيير بعض البنود، و لتأمين تأشيرة الوصول للحكم وبموافقة أميركية-إسرائيلية كان الإتصال الودود والدافئ بين الناطق الرسمي لحزب النور السلفي حامد يسري إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي معلنا بإسم حزبه ورفاقه(الأتقياء)أنه مع إتفاقية كامب ديفيد،وأنه يرحب بالسياح الإسرائيليين في مصر(بما فيهم الجواسيس) والسؤال المطروح ما الفارق بين أنور السادات الذي قتله خالد الإ سـلاميولي(الإسلامي)وبين حسني مبارك الذي أسقطه الثوار،وبين السلفيين والإسلاميين الجدد الثوريين.
ففي سوريا صرح برهان غليون رئيس مجلس( إستانبول) والذي يشكل الإخوان المسلمون(الجدد)عموده الفقري ،أنه بعد إسقاط النظام في سوريا وإستلام السلطة سيبادر الثوريون الإسلاميون الجدد بقطع العلاقات مع حركات المقاومة(حزب الله وحماس) وإيران وسيجرون مفاوضات للسلام مع إسرائيل،وأحد قيادات المعارضة السورية(الإسلامية) يصرح بأنه بعد إسقاط النظام سيتجاوز الحدود اللبنانية لمقاتلة حزب الله في لبنان ولم يقل أنه سيتجاوز الحدود السورية لتحرير الجولان من الإحتلال.
الإسلاميون الجدد في تونس ومصر وليبيا،سيكونون طبعة مكررة عن حزب(العدالة والتنمية) في تركيا،الحزب الإسلامي المهجن عضو حلف الناتو،والحليف الإستراتيجي لإسرائيل،والعاجز أو المهادن للجيش ولم يستطع حماية الحجاب للمرأة التركية،وصاحب نظرية التقشف الإقتصادي بالتقليل من شرب الخمرة، بينما النظام السوري ومنذ أكثر من خمسين عاما يحمل القضية الفلسطينية على أكتافه وبدعم حركات المقاومة ولم يوقع إتفاقيات السلام ولم يذعن للحصار فهل(ربيع سوريا)الإسلامي الجديد يبشر بالخير ويمكن تسميته(ربيعا إسلاميا) يبيع الأقصى ويعطي الأمان لإسرائيل المحتلة؟
في ليبيا بعد سقوط القذافي بأيدي الناتو،بمساعدة المعارضين الليبيين،فإن ليبيا هي ذاتها قبل الثورة وبعدها بالمعنى السياسي والإقتصادي الإستراتيجي ،فقد أرتمت بأحضان الناتو والغرب الإستعماري وفي الإقتصاد فإن الشركات الأوروبية والأميركية تنهب النفط الليبي كما كان ينهبه القذافي وعائلته لدعم ساركوزي وغيره في إنتخاباتهم،والمشكلة الأسوأ أن ورثة القذافي والثائرين عليه يستنجدون بإسرائيل، فالساعدي القذافي عين محاميا إسرائيليا للدفاع عنه،والمجلس الوطني الليبي لا يعارض إقامة علاقات مع إسرائيل، وكلاهما لا زال صامتا عن إختطاف الإمام الصدر ورفيقيه ،والقذافي كان يدعم الحركات الإنفصالية والإنقلابية في الدول العربية والإفريقية وها هو المجلس الوطني يرسل عناصر القاعدة إلى تركيا وبعدها إلى سوريا للإنقلاب على النظام بتدبير غربي-تركي فالقذافي والمجلس الوطني وجهان لعملة واحدة فأين الربيع العربي؟
والسؤال المطروح للتوضيح من الأخوة في حركة حماس هل أن تصريح السيد إسماعيل هنية بأن حماس هي الحركة الجهادية للأخوان المسلمين يعني أنها الذراع العسكري ويمكن أن تتدخل في الساحات العربية ؟ وكيف يمكن أن تكون إمتدادا للإخوان المسلمين الذين لا يعارضون إتفاقية (كامب ديفيد) والمتحالف مع حزب العدالة والتنمية التركي، والذي يعمل لإسقاط نظام الممانعة في سوريا الذي حضن حماسوحماها ودعمها ...فكيف يمكن التوأمة بين(كامب ديفيد)والمقاومة في آن وبيد مرشد واحد؟
دعاؤنا أن لا يسقط الإسلاميون في فخ غنائم وإغراءات السلطة،ولاتصبح العقيدة في جانب والممارسة في جانب آخر،والثورة غير الدولة،ومشكلة الإسلام أن ثواره عندما دخلوا القصور ولبسوا الحرير والديباج صاروا ملوكا وحكاما (بلحى )إسلامية وقلوب جبابرة وأباطرة .
حمى الله فلسطين والأمة من المضللين واللاهثين نحو السلطة.