إعلاميون ضد التكفيرلحماية الإنسانية والتعددية .
د.نسيب حطيط
بين أشجار المنتجع الصيفي السابق للزعيم السوفياتي ستالين في موسكو والذي تحول الى فندق يستضيف فعاليات ومؤتمرات عامة ومتخصصة إجتمع إعلاميون وباحثون من دول إسلامية ومن دول الإتحاد الروسي لبحث إستراتيجية إعلامية وفكرية لمواجهة التطرف والإرهاب التكفيري الذي يهدد الأمن العالمي ويزعزع السلم العالمي دون إعتراف بالجغرافيا او الحدود وتجوزا" للمنظومة الأخلاقية والإنسانية والدينية او حرية الرأي او المعتقد .
إن الحرب العسكرية والأمنية التي يخوضها المحور المقاوم للمشروع الأميركي الذي يستغل الجماعات التكفيرية لتنفيذه في خطة إستثمار ذكية ومتوحشة ،تستلزم ضرورة القتال على خطين متلازمين "الرصاص والكلمة "،فالنار لمحاصرة التمدد الإرهابي التكفيري وتخفيف معاناة الضحايا والجمهور العام والكلمة لنشر الوعي وإنقاذ الأجيال من الشباب من عمليات التضليل وغسل الدمغة وتزوير الأحكام الدينية خاصة الإسلامية لتنفيذ مشروع سياسي يخدم المصالح الأميركية والصهيونية والغربية بلباس وقناع ديني والأسوأ ان ذلك على حساب حياة الشعوب العربية والإسلامية وثرواتها وموروثها الحضاري وهدم مستقبلها إبتداء والذي ستتطور مخاطره ليصل الى العالم كله بعد تفلت الوحش من قيود صانعيه والذي سينهش في لحومهم كما نهش بأمرهم الشعوب الأخرى .
إن مبادرة تجميع القوى الإعلامية والفكرية بالتعاون بين روسيا والعالم الإسلامي يهدف الى تحقيق هدفين:
- الهدف الأول وهو هزيمة الإرهاب التكفيري وما يشابهه من إرهاب يتكامل معه او يناقضه بنفس الأسلوب أي التكفير المضاد تحت شعار "الإسلاموفوبيا".
- وثانيا" توضيح الصورة بأن روسيا ليست ضد الإسلام او المسلمين بل هي ضد الإرهابيين الذين يدعون الإسلام وهي الدولة التي يشكل المسلمون فيها حوالي عشرين بالماية من سكانها و التي تنتمي للشرق أكثر منها للغرب مع حرصها لتكون حلقة وصل وليس هوة فصل بين عالمين خاصة وكما صرح احد المسؤولين الروس بأن ثلثها في أوروبا وثلثيها في أسيا .
ترتكز روسيا في تجربتها ومحاولتها الجديدة ضد النصرية التكفيرية من تاريخها في هزيمة الغزاة العنصريين فقد هزمت الأمبراطور الفرنسي " نابليون "ثم هزمت الزعيم النازي "هتلر" الألماني وكلاهما انهزما على أسوار موسكو وكلاهما من الغرب وستهزم الوحش التكفيري المصنع أميركيا وغربيا قبل دخوله موسكو أيضا" بالتعاون مع شركائها المسلمين بشكل خاص ،بعدما تمنع التحالف الدولي بقيادة أميركا من التعاون معها، بسبب خداعه وعدم مصداقيته في هزيمة الإرهابين بل إحتوائهم وإستغلالهم لمصالحه الإستراتيجية.
إن الإعلام التكفيري وصل الى حدود غيرمسبوقة من الإنتشار واللتأثير والتعبئة لتجنيد الأنصار ونشر الرعب والتوحش في جرائمه وأستطاع إستغلال الوسائل الإعلامية التي لا يملكها التي تنشر رسائله وتعممها تحت عنوان "السبق الصحفي "فصار يمتلك وسائله الإعلامية والوسائل الإعلامية المضادة في عملية ذكية من جهته وغير مدروسة من قبل خصومه حتى طرح السؤال الجوهري ...هل نشر مشاهد الذبح والتوحش في التعذيب تخدم داعش واخواتها ام تفضحهم ؟
ألا تدخل مشاهد الإستعراض الداعشي ،الرعب في نفوس المدنيين وتظهر الغلبة لصالح داعش ،مما يجعلها نقطة جذب للشباب المهمش والمحاصر والذي جعله القمع والفقر والسطحية والبطالة مسلوب العقل والإرادة للإنضمام الى داعش واخواتها لتحقيق إحلامه بالإنتصار والهروب من مآسيه ؟
لماذا لازالت وسائل التواصل الإجتماعي التي تنشر فعاليات التكفيريين وتجند الأنصار والمرخصة في دول أوروبية ،تعمل دون ان تقفلها الحكومات الغربية والغدارة الأميركية التي تمتلك السيطرة والإدارة لهذه المنظومة الإعلامية .
إن التغريدات للتكفيريين وانصارهم تتجاوز عشرات الآلاف يوميا" والتي تصطاد الضحايا من المتصفحين دون عوائق امنية او جغرافية ولا يقابلها الا النزر اليسير من المتطوعين بمبادرات فردية غير مؤسساتية ،مما يسهل إستباحة عقول الشباب او السطحيين او العاطفيين او المقهورين ليتحولوا الى جلادين مغرر بهم يعيثون فسادا" في الأرض وهم يظنون بانهم يحسنون صنعا ويرضون الله سبحانه ويتحضرون للغداء مع رسوله الكريم عبر تقديم القرابين البشرية من المدنيين الأبرياء في السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة .
إن المبادرة لتوحيد الأقلام المواجهة والمقاومة للمشروع الأميركي التكفيري لحماية الإنسانية والتعددية الدينية والثقافية ،يعتبر خطوة متقدمة وصحيحة لتطوير التنسيق والتكامل بين الصحافيين والمؤسسات الإعلامية وهيئات المجتمع المدني لمواجهة منهج التكفير الذي لا يمكن إستئصاله إلا بالمواجهة الفكرية ونشر الوعي وتطهير الفقه الديني من الإنحراف والتأويل المشبوه او الخاطىء لإنقاذ الإنسانية والرسالات السماوية من التشويه والتفجر الذاتي ،مما يجعل كل فرد او جماعة مسؤولية التصدي لفضح المشروع التكفيري .
"إعلاميون ضد التكفير" ...لا يقتصر على الصحافين واهل الإعلام بل يعني كل من ينطق كلمة او يكتب مقالة او يرد إفتراء او يوضح التباسا لحماية الحقيقة والدين بشكل تطوعي وجماعي