تعيش منطقة الشرق الأوسط إرهاصات الحرب القادمة،على أكثر من جبهة وتحتقن الجبهات المتعددة،بالتهديدات والتحضيرات،المكشوفة والمستترة،وتشتعل النار تحت رماد التطمينات الإعلامية، وتملأ الأطراف مخازنها بالذخيرة،وتعبئة الجبهات الداخلية والحدودية،ويعيش الجمهور العام ،حالة الترقب للحرب القادمة التي تحمل صفة(الحرب الباردة)مع هبوب رياح ساخنة في أكثر من جبهة وعاصمة،خاصة وأن القرار 1701، لم يعلن وقف إطلاق النار بل هدنة مفتوحة على كل الخيارات على الحدود اللبنانية ،وكذلك في غزة والقدس،فلا وقف لإطلاق النار،بل وبقاء النار والقتل والتهويد اليومي،وكذلك في إيران.
لكن ملامح الحرب القادمة بدأت بالوضوح أكثر فأكثر ،عبر إغتيالات قادة المقاومة في فلسطين ولبنان،خارج ساحاتهم ،بل في العواصم العربية،وفي ساحات مختلفة المواصفات والمواقف، حيث بدأت بإغتيال الشهيد عماد مغنية أحد القادة العسكرين للمقاومة في لبنان، الذي أغتيل في دمشق عاصمة الممانعة والمقاومة العربية المتبقية حتى الآن،وإغتيال الشهيد محمود المبحوح احد القادة العسكريين لحركة حماس في دبي،العاصمة المفتوحة للمشاركة الإسرائيلية.
إن المحاولات الغير معلنة في عواصم أخرى،تنذر ببدء التحضيرات الميدانية للحرب،فعندما يبدأ العدو بإغتيال قادة المقاومة لإرباك المقاومين وتشتيت صفوفهم،مما يؤشر بأن المرحلة الأولى الميدانية،بعد المرحلة الإستخبارية قد بدأت،ولتكبر كرة النار عبر الردود المنتظرة من حركات المقاومة،حتى لا تستنزف من دون ثمن مقابل يدفعه العدو،والأخطر أن الجبهات قد توسعت وبقرار إسرائيلي – اميركي،لتكون الساحة العربية بعواصمها الحليفة للمشروع الأميركي وكذلك العواصم المقاومة له،ساحة نزال ومواجهة بين حركات المقاومة والعدو الإسرائيلي،لإيجاد الذرائع امام المعتدين،لشن الحرب،والذين لا يحتاجون أصلا إلى ذرائع لحروبهم،فلو أصيب مسؤول او سفير أو مواطن إسرائيلي بعسر الهضم،لأتهمت المقاومة بالإعتداء،وزحف العدو للإقتصاص منها،كما جرى في الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 والتهديدات المتكررة والمزمنة منذ حرب 2006 وعدم إقرار وقف إطلاق النار لإنهاك المقاومة وإبقائها في حال إستنفار دائم حتى تصاب بالإرهاق أو تغرق باللامبالاة ، لإقتناص اللحظة المناسبة للإنقضاض عليها ثأرا لهزيم الإسرائيلية – الأميركية في لبنان وغزة.
وإغتيال العميد محمد سليمان في الجيش السوري في حمص،وإغتيال العالم النووي في طهران ومحاكمة خلية حزب الله في القاهرة مع تأكيد الصحف الإسرائيلية على التعاون الأمني مع العواصم العربية خاصة في مصر والأردن،وإختطاف الشيخ المجذوب لنفسه على طريق بيروت – دمشق،وإشعال الدواليب من أجل الكهرباء ( بعد إطلاق النار على الباص السوري على طريق بيروت – سوريا) تضع حركات المقاومة في وضع حرج ودقيق فإن سكتت عن دماء قادتها،أصيبت بالإحباط والهزيمة واليأس ، بإنتظار الموت البطيئ،وإن قامت بالرد المشروع دفاعا عن النفس،اتهمت من حلفاء اميركا العرب(أنظمة وأحزابا)بأنه تجر المنطقة للحرب،وتقضي على الإقتصاد والسياحة وحب الحياة، مما يعرض المقاومة للحصار في مثلث ،أضلاعه أنظمة عاجزة أو متواطئة لقتل شعوبها ونهب وأوطانها وثرواتها،و عدو لا يلتزم بالقوانين الدولية وتقوده فكرة شعب الله المختار،وأن الناس خلقوا ليكونوا عبيدا له،وأوطانهم ملكا له،وثرواتهم وحضارتهم لا يعترف بها،و جماعات سياسية تمارس العمالة عن قصد أو غير قصد تحاصر السلاح دفاعا عن النفس،وتمنع المقاومة دفاعا عن الأرض،وتبرر للإحتلال والمعتدي خروقاته ولا تتحدث عنها،وهي التي لم تذق مرارة القتل أو القصف أو التهجير أو لأنها تعرضت لغسيل دماغ جعل سقف طموحها في الحرية أو السيادة بأن تكون مخبرا أو بوقا لسفارة،أو وكيلا للمحتل والمستعمر.
ففي الجنوب كانت مجزرة حولا عام 1948 قبل ولادة المقاومة والمقاومن ،وتفجير طائرات مطار بيروت قبل المقاومة والمقاومين،وإجتياح 1978 وما سبقه وما تبعه من مجازر،وكأن المطلوب من الضحية أن تموت دون مقاومة،ومن المغتصبة أن ترضى بإغتصابها وألمها دون صراخ، وللمهجر واللاجئين أن يبيت في خيام دون تأفف وإحتجاج .
لكن الجواب القاطع والحاكم... تحمله رصاصات المقاومين،أن لا موت على جبهة واحدة،ولا دمار على جبهة واحدة ،والهدوء لن يكون في ساحة واحدة.
شباط كان يحمل معه المطر والحياة للأرض وأهلها،وفي لبنان صار يحمل الموت والقتل،ففيه استشهد الشيخ راغب حرب وبعده السيد عباس الموسوي وبعده الرئيس رفيق الحريري وعلى اعتابه الشهيد المبحوح،فهل يأتي شباط هذا العام قتلا للمقاومين أم للأعداء المحتلين؟!.
في كلا الحالتين إن وقع القتل...يعني أن الحرب مستمرة...وعلى الجميع أن يحذروا... ويعملوا لتحصين الوطن من المعارك الوهمية ، بلديات أو تعيينات... فإن سقط الوطن...سقط الجميع دون إستثناء...فهل نستيقظ حتى لا يذبح بعضنا بعضا...ونعود مهزومين...ويبقى العدو منتصرا...لقد وحدتنا كارثة الطائرة وشهداؤها ...فهل توحدنا كارثة الإحتلال ومطامعه...