إلى أين سيخرج التكفيريون بعد سوريا
د.نسيب حطيط
تشارف الأحداث السورية على إشعال عامها الثالث في القتل والتدمير والحرائق بإسم(التغيير الديمقراطي)وإسترجاع حقوق الشعب من نافذة فتاوى التكفير والتمويل الغربي ومسلحي جبهة النصرة والجيوش الحرة.
لقد صادر الغرب الحراك الشعبي السوري، وإعتمد نشر الديمقراطية عبر دعاة التكفير في جبهة النصرة والقاعدة وكل من أطلقته بعض الأنظمة من سجونها بشرط القتال في سوريا وتغيير نظامها بالسيارات المفخخة ضد المدنيين وقطع الرؤوس وإحراق البنى التحتية وتشويه الإسلام بفتاوى(النكاح في سبيل الله)وقتل الثلث من أجل حياة ثلثي الشعب السوري وأصبح الملوك والأمراء يرفعون شعار التعددية السياسية وتداول السلطة وحرية الرأي!
تطوع الأتراك لقيادة التغيير في سوريا وهم الذين يحرمون العلويين من ممارسة عقائدهم و يقتلون الأكراد وفتحوا حدودهم لكل المسلحين والسلفيين والتكفيريين للقتال في سوريا وإسقاط النظام(العلوي)وتحرشوا بالعراقيين على أساس مذهبي .
نطرح السؤال... إلى أين سيخرج ويفر هؤلاء المسلحون بعد هزيمتهم في سوريا؟
فحدود سوريا الخمسة هي فلسطين المحتلة والأردن والعراق وتركيا ولبنان، أما فلسطين المحتلة فلن يذهب إليها(جهاديو الثورة)لأنهم لا يرون في إسرائيل عدوا ولا فلسطين ساحة جهاد فهم منذ أن صنعتهم أميركا لمقاتلة السوفيات في أفغانستان لم ينفذوا عملية واحدة ضد أي هدف إسرائيلي سواء داخل فلسطين أو خارجها مع أنهم فجروا في كل العالم وفي أوروبا وأنهكوا العالم الإسلامي بإرهابهم وبقيت إسرائيل في أمان منهم تحت شعارتطهير الساحات العربية للإنقضاض على إسرائيل شعار خادع وفيه نفاق وتزوير.
ولذا فإن جحافل التكفيريين ستنقسم إلى قسمين ،قسم في سوريا ينشر القتل والخراب كما فعل ويفعل في العراق، والقسم الآخر سيتوزع على البلاد الأربعة(لبنان وتركيا والعراق والأردن)ففي العراق لا زالت بنيته الحاضنة موجودة وترعاها تركيا وبعض الدول العربية لإنهاك العراق وإسقاط الحكم بذريعة أنه(للشيعة)وسيذهب الآخرون للأردن لإشعاله، والتحضير لبناء الوطن البديل للفلسطينيين عبر دولة الخلافة الإخوانية ، و سيعود إلى تركيا ليفجرها من الداخل عبر بالفتنة المذهبية بين العلويين والسنة والفتنة القومية بين الأكراد والأتراك ،وقد ظن الأتراك الذين اشعلوا النار في سورية والعراق بأنهم بأمان منها.
أما في لبنان سيلتحق الفارون بمخيمات التدريب للمعارضة السورية ومخيمات النازحين و خلايا التكفيريين من فتح الإسلام وجند الشام وخلايا عبد الله عزام والحالات المولودة حديثا مثل الشيخ أحمد الأسير والمشايخ السلفيين في والشمال والذين يرسلون المقاتلين إلى حمص وإلى سوريا ويمنعون معايدة(المسيحيين الكفار)ويهددون المقاومة ويرفعون الشعار المذهبي .
إن النازحين السوريين المغلوبين على أمرهم والفارين من ساحة المعارك والقتل والذين سدت في وجوههم الحدود التركية والأردنية والقسم الآخر نازحون منظمون ، فيهم التكفيريون والمسلحون وخلايا التخريب للإنتشار في المناطق اللبنانية وإثارة المشاكل بإسم النازحين والمطالبة بحقوقهم وإستعمال هؤلاء كدرع بشري وغطاء أمني لتحركاتهم التخريبية.
والسؤال ...هل ستبقى القوى السياسية اللبنانية تدور في حلقة المزايدة والنكد السياسي بالنسبة للنازحين كبند خلافي ، ويتم التغافل عن المشاكل الحقيقية التي بدأت بالظهور في الساحة اللبنانية إجتماعيا وأمنياو إقتصاديا، أم ستبادر إلى التعاطي بعقلانية وإنسانية ووعي مع هذه المشكلة لإغاثة النازحين ومساعدتهم كأخوة وأشقاء وإبعادهم عن الإستغلال أو الإختراق الأمني بالتلازم مع حماية الساحة اللبنانية من تداعيات هذا النزوح وإنتشاره العشوائي ،وإقرار القيود و الضوابط التي تحمي النازحين من جهة وتحمي المضيفين من جهة أخرى.
لقد كاد لبنان أن يكون وطنا شبيها (بالسوق الحرة) في المطارات أو الحدود، فلا قوانين ولا قواعد لبلد يعيش بالأحكام الإستثنائية والظروف الإستثنائية والمواقف الإستثنائية حتى صار (الإستثناء) علامة بارزة على كل صعيد.... ويبقى لبنان حيا بشكل (إستثنائي )لا تنطبق عليه أي قاعدة سياسية أو إقتصادية أو أمنية!