إنتصار تموز 2006 يزهر تموز غزة.
د.نسيب حطيط
عندما انتصرت المقاومة في لبنان عام 2006 وصمدت 33 يوماً ضد الهمجية الإسرائيلية وتآمر الأشقاء والغرباءوكان الجميع ينتظر إعلان وفاة المقاومة والتخلص من سلاحها وفتح الطريق أمام مبادرة السلام العربية عام 2002 التي تشرع التوطين ويهودية دولة إسرائيل وتؤسس للتحالف الوهابي - الصهيوني لإنتاج الشرق الأوسط الجديد المهجن بلقاح (التفوق) الإسرائيلي مع المال والنفط العربي وفق ماقاله الأمير السعودي تركي الفيصل بدعوته الإسرائيليين الى منزله وزيارة قرية أجداده في الدرعية في الوقت الذي تحرق اسرائيل غزة بمدنييها من (السنة) الذين تدافع عنهم السعودية زورافي سوريا والعراق، مع أن حماس ليست مع النظام في سوريا بل لوح مشعل بعام الإنتداب الثوري !.
إنتصرت المقاومة بصواريخها وشعبها الصامد وصبرها اللامحدود، وأثبتت أن المقاومة هي الدواء الأنجع لمنع الفتنة المذهبية، فكانت المقاومة عابرة للدول والمذاهب والأحزاب ،لتعلن وقوف الوطنيين العرب والمسلمين مع المقاومة بإتجاه فلسطين وان العدو الأساس والأوحد هو العدو الإسرائيلي.
تموز 2006 مرحلة جديدة من مراحل الصراع العربي – الإسرائيلي استبعدت فيه الأنظمة وتم تحييد الجيوش النظامية للعودة إلى المقاومة الشعبية بمواجهة المحتل، والأهم أنها جعلت مسؤولية القتال على كل مواطن قادر لتلغي منظومة الحيادية في الصراع ولتمنع المهزومين والمتقاعسين من التحصن وراء عدم القدرة أو منع الأنظمة أو قلة الإمكانيات ،فصواريخ المقاومة ومجاهدوها في لبنان أعطوا البرهان والدليل على قدرة العربي أو المسلم أن يقاوم ويصمد وينتصر وأن الهزيمة ليست قدراً محتوماً إلا إذا إعتنقها البعض.
صواريخ العزة المصنعة في سوريا وإيران والمنقولة على الأكتاف إلى غزة في البر والبحر تصنع المعجزة في غزة المقاومة دون جناحها السياسي المغترب في الفنادق لتكرر في تموز 2014 معجزة تموز 2006 فالمقاومة من رحم واحد والسلاح واحد والهدف واحد وهو دحر الإحتلال الإسرائيلي وتحرير الأرض.
لقد أعادت المقاومة في تموز 2014 توجيه بوصلة الجهاد والقتال الشريف بديلاً عن قتال التوحش الذي يقوده التكفيريون من داعش والنصرة وأخواتها حيث أكدت داعش أن "ربها" لم يأمرها بقتال إسرائيل والظاهر أن (رب عملها) الإسرائيلي والأميركي والخليجي قد سلمها (قرآنه) المتضمن قتال المسلمين ونبش قبور أنبيائهم وسبي نسائهم وصلب أطفالهم ولم يمنعهم من التحالف مع الموساد والمخابرات الأميركية!
لا يزال بعض الفلسطينيين يرفعون علم الثورة السورية وراية داعش مع إعلانها أنها لا تقاتل إسرائيل ويشكرون قطر وتركيا ويعجز لسانهم عن ذكر رفاق السلاحفي سوريا وايران ولبنان الذين أعطوهم صواريخ العزة والدفاع عن النفس وأعتقل بعضهم نظام مبارك،لكنه المال والجاه الذي يفسد المقاومين ويحولهم مقاولين وتجار دم وبائعو قضية !.
لقد بقي الفلسطينيون في صحراء غزة "عراة" من الدعم العربي والإسرائيلي إلا من محور المقاومة حتى الإخوان المسلمين في مصر لا زالوا يتظاهرون ضد الإنقلاب لإسترجاع الملك الضائع ولم يتظاهروا من أجل ذراعهم الجهادية التي أعلنها إسماعيل هنيه !!
لقد راهن بعض الفلسطينيين على المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية ولتحرير الأسرى وعودة اللاجئين منذ إتقاقيات أوسلو وبعد أكثر من عشرين عاماً لم يطلقوا أسيراً ولم يربحوا دولة بل أخذوا يصادقون ويتنازلون عما أخذته إسرائيل بالقوة وشرعوا المستوطنات ... بينما استطاعت المقاومة وحلفائها أن تحفظ بعضاً من القضية وتحصنها إلى أن استدرجت بعض الفصائل وخاصة حماس إلى حضن الملوك والأمراء والسلاطين العثمانيين واعتقدت خطأ أن الدبلوماسية تعيد الحقوق وأن التنازل عن السلاح يحمي الموقف وانخرطت لتحرير سوريا ومصر من "الديكتاتورية" بالتحالف مع الملوك والأمراء لإقامة التعددية السياسية !!
هل أصبحت قضية حماس نشر الديمقراطية في سوريا ومصر والبلاد العربية بديلاً عن تحرير فلسطين !
لماذا أقفلت حماس أبواب قلعتها في دمشق وتركتها لتسكن في بيت أوهن من بيوت العنكبوت في قطر ؟ وهل تستطيع قيادة مقاومة مسلحة من قطر وتركيا الحليف الإستراتيجي لإسرائيل؟
وهل أعطتها قطر الطائرات بدون طيار ؟ او الصواريخ بعيدة المدى ،معيب أن لاتقول حماس الحقيقة ولن يضير اهل المقاومة نكرانها للجميل فنحن نعمل في سبيل الله سبحانه ومن اجل تحرير القدس وليس رضى وشكر الناكثين .
تموز غزة يقوم بالمعجزات ويحقق الإيجابيات التالية :
- تأمين قارب نجاة لمن ضل السبيل للعودة إلى خنادق المقاومة ...والتموضع في ساحة الحق والواجب الوطني والديني .
- إعادة للتذكير بفلسطين المنسية والمستباحة بعدما نسي الجميع كلمة فلسطين والعمليات الفدائية وانخرطوا بالعمليات الإنتحارية ضد المسلمين في الخريف العربي .
- إطفاء الفتنة المذهبية والطائفية والوحدة في معركة تحريرفلسطين وحماية المقدسات وإعادة إحياء القضية المشتركة والمركزية (فلسطين) بدل معارك جهاد النكاح والخلافة والإمارات الإسلامية المزورة او الإئتلاف الجرب في سوريا .
- إستدراج العدو الإسرائيلي الى قلب المعركة ومنعه من التفرغ لدعم دولة البارزاني في كردستان أو المسلحين في الجولان او التفجيرات في لبنان وإذلاله مرة جديدة بصواريخ المقاومة وان حروب داعش واخواتها من التكفيريين لن تجلب له الأمان .
المقاومة ستنتصر بإذن الله سبحانه وكل دم يسيل في فلسطين او على حدودها دم في
سبيل الإسلام وجهاد حقيقي وسيكون أقل كلفة من حروب الخريف العربي وضحايا الحرب مع العدو اقل عدد وأكثر قداسة من ضحايا التآمر العربي .