إيران تنتصر نوويا وسياسيا
د.نسيب حطيط
قبل 11سنة بدأت المفاوضات الأميركية الغربية مع ايران بشأن ملفها النووي ورفع العقوبات والحصار المفروض على إيران منذ انتصار الثورة في العام 1979 ،لم تتنازل الجمهورية الاسلامية عن حقوقها بانتاج الطاقة النووية السلمية ولم تستسلم امام العقوبات والحصار، بل استغلته لتفجير طاقاتها وكفاءاتها العلمية والمتخصصة لتدخل ايران نادي الدول الصناعية والنووية وصولا الى العلوم الفضائية والاكتفاء الذاتي على صعيد التصنيع العسكري والحاجات الدفاعية .
النووي الإيراني عنوان عام يختزل عناوين كثيرة من الاختلاف والتصادم بين ايران والغرب اهمها الاختلاف السياسي ومفهوم الاستقلال والتبعية المغلفة بالتحالف والمصالح المشتركة صراع بين العدالة والمساواة بين الشعوب..ومنظومة عالم اول وبلدان العالم الثالث بين الدفاع عن النفس (المقاومة) وبين الارهاب (الاحتلال والغزو ) بين حق الشعوب بثرواتها والنهب المنظم الذي تتعرض له من قبل الغربوالسؤال .لماذا تريد اميركا والغرب توقيع اتفاق مع ايران ..؟
لماذا الرعب السعودي –الاسرائيلي من الاعتراف بحق ايران النووي ؟
لماذا لاتقبل ايران بالعرض الغربي ولماذا لاتتنازل وهي المرهقة بالعقوبات ويتحمل شعبها كل عذابات الحصار ؟ وماهي مقومات او اوراق القوة التي تملكها للثبات على موقفها ؟
لقد قال رسول الله (ص) "انما النصر صبر ساعة " وتعتمد إيران أستراتيجية الصبر الطويل بالتلازم مع بناء عناصر القوة المتعددة وعدم الإنفاق من دفتر التوفير الوطني وفي قراءة اولية لمحادثات فيينا نرى ان إيران حققت المكتسبات التالية :
- إعتراف دولي بحق إيران بالملف النووي السلمي وليس العسكري بينما كان الموقف الغربي رافضا للملف بمجماله وإعتراف أميركا وال5 +1 بإلتزام إيران بمكل بنود إتفاقية جنيف عام 2013 مما أظهر الغرب بموقف المعرقل وليس إيران.
- استرداد مايقارب العشر مليارات دولار من الأمول الإيرانية المجمدة في الغريب وعلى دفعتين واحدة قبل مفاوضات فيينا وثانية بعد المفاوضات .
- إثبتت ايران أن المقاومة وهزيمة الغطرسة الأميركية ليست مستحيلة ولو بعد ثلاثين عاما من الحصار والعقوبات والحرب العراقية .
- استدرج الملف النووي الإيراني ألإدارة الأميركية بذكاء الى منظومة السلة الواحدة (النووي والملف السياسي) فإيران حمت وأحتفظت قدراتها النووية وبدل ان تقايض ملفها بالتنازل السياسي في المنطقة عملت عكسيا، فوظفت ملفها النووي في خدمة المفاوضات السياسية مستندة إلى الميدان السوري الذي فرض نتائجه لصالح النظام ومحور المقاومة وكذلك النتائج الميدانية في العراق واليمن لتثبيت حلفائها في ساحاتهم وهذا ماظهر بعد دقائق من انتهاء مفاوضات فيينا، فتم إقالة وزير الدفاع الأميركي هيغل الذي يعارض الحل السياسي في سوريا وبقاء الرئيس الأسد وهذه أولى نتائج التفاهم السياسي!
- أعترف وزير الخارجية الأميركي كيري بأن المطلوب إتفاق سياسي يحفظ الإتفاق التقني النووي، مما يعني أن الإتفاق النووي قد أنجز والأشهر القادمة هي فترة إختبار للتفاهمات السياسية غير المعلنة وإختيار طريقة للحل السياسي في ملفات المنطقة ..هل هي بالجملة كما يريد الإيرانيون ام بالمفرق كما يريد الأميركيون ؟
الصمود السوري ومحور المقاومة في السنوات الأربع بدأ يؤتي ثماره ، والفشل الأميركيوهزيموة المشروع التكفيري قد بدأ بالتصحر الميداني لداعش واخواتها ومبادرة الأميركيين كعادتهم للتضحية بالآخرين من حلفاء وأدوات، للإبقاء على مصالحه وقد بدأ ظاهريا بالتخلي عن داعش عبر التحالف الدولي وتخلى عن الأخوان المسلمين في مصر وتونس وقطر وقريبا في تركيا وبعدها سيلجأ للتخلي عن العائلة المالكة السعودية بربيع سعودي بدأت علاماته بتصريحات نائب الرئيس بايدن وتبعتها تصريحات الوليد بن طلال والذي سيعززها بافتتاح قناة "العرب" والموجهة الى الداخل السعودي .
إنتصرت ايران في ملفها النووي وانتصر محور المقاومة في الميدان وتم دفن مشروع الشرق الأوسط الأميركي للمرة الثانية بعد تموز 2006 .