استقرار مصر وفانوس السيسي.
د.نسيب حطيط
يعيش المصريون ومعهم العالم العربي هواجس الإنفلات الأمني في الساحة المصرية وخطر انهيار الدولة وغرقها في دوامة القتل وأعمال العنف التي تجتاح العالم العربي الذي تحول ربيعه إلى حريق شامل وللأسف بعناوين دينية وفق ما يسمى مفاهيم الإسلاميون الجدد!
يراهن المصريون (ما عدا الإخوان المسلمون) على قيادة المشير عبد الفتاح السيسي وهم في الحقيقة يراهنون على الجيش المصري كصمام أمان لمصر وشعبها خاصة وأن الشعب المصري تاريخياً يميل إلى القائد العسكري أكثر من ميله للقيادة المدنية والسؤال:
هل ينجح رهان المصريين على العسكر أم يخيب ظنهم ؟
هل يتقبل الإخوان المسلمون خسارة جولة من حربهم للسيطرة على الحكم أم يستمرون في تدمير مصر ؟
إن إنقاذ مصر لا يمكن أن يقوم به شخص مهما كانت قوته إلا إذا إستطاع قيادة مسيرة الإنقاذ بالمشاركة مع القوى السياسية والأزهر والنقابات والإتحادات الطلابية.
إن مشاكل مصر الإقتصادية والإنمائية والسياسية تتراكم منذ عهد السادات وبعده مبارك وأضيفت لها أحداث ما يسمى بالثورة التي سرقها الإخوان واسترجعت منهم بعد العبث بها.
إن إنحياز المصريين إلى المشير السيسي يظهر بعض الدلالات والمؤشرات للعالم العربي وشعوبه وحراكه السياسي وثوراته التي أجهضها القائمون عليها بعدما أخضعوها للعرض والطلب والبيع والشراء ووظفوها لصالح الإدارة الأميركية وحلفائها.
إن التأييد للسيسي يعطي المؤشرات التالية:
- عدم ثقة الشعوب العربية بالقيادات المدنية السياسية وجنوحها نحو القيادة العسكرية بما فيها الدول الديمقراطية (لبنان) وذلك قبل الثورات العربية ومعها وبعدها.
- فشل الثورات العربية في قيادة شعوبها وإدارة الحكم وإنكشاف ضعفها بعدم إمتلاكها للخطط والمشاريع لإدارة الدولة حتى مع الإخوان المسلمين الذين بقوا ثمانية عقود يرددون الشعارات ولا يمتلكون الخطة وكذلك تونس وليبيا واليمن وسوريا.
- دور المال العربي (الخليجي) سواء في إشعال الثورات وتمويلها أو في مقاومتها ودعم الأنظمة التي تحاربها أو صراع المال العربي في ساحة واحدة مثل مصر فالمال السعودي – الإماراتي مع السيسي والمال القطري مع الإخوان ولا يستفيد منه المصريون سوى الحرائق والخرطوش وما ينتج عنهما من قتل وتخريب.
- إحتفاظ العدو الإسرائيلي بمصالحه وأمنه عبر إبقاء إتفاقية كامب ديفيد فالسادات وقع المعاهدة ومبارك إلتزم بها وحماها ومرسي- الإخوان بايعها وأعلن إلتزامه بها وكذلك المشير السيسي فالأحوال في مصر تتغير وكامب ديفيد تبقى قبل الثورة ومعها وبعدها... فأين الإسلام الأصيل الذي تحدث عنه الإخوان !!
- إن الواقع المعيشي المأساوي وإنتشار الفقر مشكلة لا يمكن حلها بسنة أو أكثر بل تحتاج لعقود من العمل والإنماء المتواصل وهذا ما بشر به المشير السيسي بأن علاج المشاكل المصرية يحتاج إلى عقود طويلة ويبدأ من تحديد النسل و الولادات العشوائية وكذلك تنظيم السكن والتخلص من العشوائيات والأمن الإقتصادي والإجتماعي والثقافي وأخيراً مكافحة الإرهاب.
والسؤال المطروح ...هل أن السيسي وليد اللحظة السياسية الحاضرة أم أنه نتاج الخطة (ب) في حال فشل الإخوان بقيادة الدولة ؟
وهل أن الإدارة الأميركية عادت للتعامل مع القيادات العسكرية بعد فشل منظومة الإخوان وتصاعد قوى التكفير والإرهاب التي صادرت الثورات وعلى مشارف التمرد على الدول وأجهزة المخابرات التي صنعتها إرهاصات زحف الوحوش التكفيرية إلى الساحات العربية والخليجية ودول الجوار مما سيشعل الحرائق الشاملة ويخلط الحابل بالنابل؟
هل أن السيسي مشروع وطني أم هو مشروع مختلط من الوطني إلى الإقليمي والدولي ؟
ما هو دور السيسي من القضية الفلسطينية والمقاومة في غزة !
هل يتحالف السيسي مع الأسد في مكافحة الإرهاب بدعم دولي على أن تكتمل ثلاثية مكافحة الإرهاب بعد تولي الأمير متعب بن عبد الله أو محمد بن نايف للعرش في السعودية؟
هل سيسهل تحالف حركة حماس مع الإخوان المسلمين في خطة القيادة المصرية للقضاء عليها وتأمين جبهة سيناء والقضاء على المقاومة في غزة تحت شعار حماية الأمن المصري كهدف واضح وهل ستستمر قيادة حماس في الخارج بالهرولة والإنقياد وراء قطر وتركيا المتحالفتين مع إسرائيل والتي سيؤدى التحالف معهما إلى السقوط في الهاوية.
مصر على كف عفريت الإرهاب ومشاريع الإخوان وتخبط حماس والصراع السعودي -القطري والعدو الإسرائيلي....مصر في خطر الإنزلاق إلى الحرب الأهلية.
ويبقى الرهان على وعي الشعب المصري ووطنيته التي رفضت التطبيع مع إسرائيل وهل يكون المشير السيسي إمتداداً للرئيس عبد الناصر أم إمتداداً للسادات ومبارك أم نموذجا جديدا ينسجم مع عصر ما بعد الثورات العربية ... حمى الله مصر وشعبها.