الأخـوان المسلمـون وتحديـات السلطـة.
د.نسيب حطيط
تخوض جماعة (الأخوان المسلمون ) مغامرة استلام السلطة بعد60عاما من صراعها مع السلطة الحاكمة في مصر، وغيابها عن العمل العلني والقانوني حيث خرجت من مخابئها لتعلن نهاية العمل السري وممارسة العمل السياسي والديني من موقع الحاكم لا المحكوم، والشرطي وليس الهارب المطلوب للعدالة ،وامسكت بالتشريع الوضعي للدولة وتتحكم بالتشريع الديني للمجتمع خارج اطار (الأزهر) ووزارة الاوقاف الرسمية، وصارت الحاكم الديني والزمني للشعب المصري وقد قسم الرئيس الأخواني محمد مرسي الشعب المصري في خطابه الرئاسي الأول الى ثلاثة شرائح :
- الشعب العظيم
- الاهل
- العشيرة
وسيتعاطى الاخوان وفق هذه النظرية فالشعب هو كل الامة المصرية مسيحيين ومسلمين اخوانا او سلفيين او علمانيين، والاهل هم المسلمون المتحالفون او المناصرون للجماعة اما العشيرة فهم جماعة الاخوان واذرعها السياسية (حزب العدالة والحرية )وما يستبعه من تشكيلات سياسية وطلابية ونقابية.
والاخوان المسلمون كتيار اسلامي في الساحة المصرية له طابع الشمولية الجغرافية والانتشار في اكثر البلدان العربية يخوض تجربة صعبة على مستوى السلطة، سبقه اليها بمقاربة بسيطة التيار الاسلامي في السودان، ولكن ليس بنفس الوضوح والقوة مع صعود الرئيس عمر البشير بالتحالف مع حسن الترابي والصادق المهدي ،وانتهت الامور الى الخلاف السياسي والمنهجي فصار الترابي معتقلا والصادق المهدي بعيدا عن القرار،وتحول البشير الى مطلوب جنائي دولي وتعرض السودان للتقسيم على اساس ديني طائفي، وولدت دولة (جنوب السودان) المسيحية وينتظر شمال السودان وبعض اطرافه دورهم في التقسيم.
ان تحديات الاخوان المسلمين في مصر متعددة الاوجه والاشكالات نتيجة اعباء ومشاكل تتلخص كالتالي.
1- التوأمة بين المباديء والمصالح والواقعية السياسية.
2- الواقع المعيشي والداخلي المصري والسياسي الخارجي.
3- الارث الكبير الذي تركه نظام مبارك وصعوبة حل مشاكله.
والمصاعب الاساسية امام الاخوان المسلمون تتلخص بالاسئلة التالية:
- هل لدى الاخوان مشروعا سياسيا متكاملا للدولة؟
- هل جهز الاخوان المسلمين مشروعا اقتصاديا لمصر على اسس اسلامية بوسائل عصرية لمعالجة المشاكل الإقتصادية والمعيشية للشعب المصري الذي يرزح تحت خط الفقر ويسكن المقابر والعشوائيات.
- هل ان الفكر الأخواني سيبقى تحت تاثير العمل السري الحذر، وفق معادلة الظاهر والباطن والتحرك الفردي ام سيخطو نحو الائتلاف والتحالف والتعاون مع الآخر دون سوء ظن؟
- هل سيبقى الاخوان محكومون لفكرة الخوف من العسكر نتيجة العلاقة التاريخية السلبية بين الطرفين ام سيتجاوزون عقدة الخوف والحذر؟
- ما هو موقف الاخوان من الصراع العربي -الاسرائيلي ومعاهدة (كامب ديفيد) وهل ستكون الواقعية السياسية القناع لتبرير تلبية الشروط الأميركية وبعض العرب، لتنفيذ المقايضة المفترضة بين الطرفين ،بأن يحكم الاخوان مقابل عدم الغاء اتفاقية كامب ديفيد وعدم دعم حماس وابقاء العلاقة مع قطاع غزة كما كانت ايام مبارك مع تعديلات طفيفة على معبر رفح، وتوسعة الإنفاق ، وهل سيصافح الرئيس مرسي المسؤولين الإسرائيليين عند استقبالهم ام سيرفض لقائهم.
- ماذا سيقول الأخوان مع التطبيع مع اسرائيل وما هو موقفهم من حركات المقاومة وهل سيكونوا وسيطا بين المحتل الاسرائيلي والمقاومة في فلسطين، واذا فعلوا فأين مبادئ الاسلام بنصرة المظلوم وشعارات تحرير فلسطين والقدس؟
- ماذا سيفعل الاخوان مع المجتمع المصري واقتصادياته القائمة على السياحة ومتطلباتها في الفنادق والملاهي والطرب،وهل سيطبقون الشريعة ام سيترك للناس خياراتهم السلوكية؟
- وماذا سيفعل الاخوان مع العمل السينمائي والممثلين وهل ان تجربة ادانة عادل امام ستتكرر ام ستترك للفنانين حرية العمل؟
- ماذا سيفعل الاخوان مع الاقباط وكنائسهم مع العلمانيين واليسار والناصريين، ومع انصار النظام السابق الذي احرز نسبة متساوية من الاخوان اي انه لا زال يملك الشعبية والداعمين من رجال الاعمال واصحاب المصالح، ولا يزال النظام بأعمدته ورجاله في قفص سلوكيات وهواجس النظام السابق.
اسئلة تنتظر اجوبة صعبة، وتحتاج لزمن غير قصير حتى تثبت صحتها او خطأها، وصل الاخوان الى كرسي الرئاسة دون ادوات،ومتطلبات الحكم ،فالتشريع والموازنة ليست بيدهم ورئاسة الحكومة يمكن ان لا تكون لهم وفق الأخبار المسرية، فإذا كان الرئيس بلا سلطة تنفيذية( الحكومة) ولا تشريعية (مجلس الشعب) و السلطة القضائية مستقلة ،والقوات المسلحة عبر المجلس العسكري شريكة في السلطة ،... فكيف سيحكم الرئيس و جماعة الأخوان؟