الأخـوان المسلمون وتهريـب السلاح لإسقـاط ميقاتـي وسوريا
د.نسيب حطيط
لم تشهد الحركة السياسية اللبنانية تاريخيا ،تدخلا مباشرا للأخوان المسلمين، وكانت جماعة الأخوان تتمثل بالجماعة الإسلامية وجماعة عباد الرحمن، حيث أن التنظيم الأخواني لم يظهر في لبنان، كما ظهر في البلاد العربية خاصة في سوريا ومصر والأردن وغيرها.
وكان لافتا للإنتباه بيان الأخوان المسلمين في سوريا ضد الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته واتهامه بالتبعية للنظام السوري مما سيبررالهجوم عليه وإسقاطه بالتحالف مع 14 اذار ويوسع الأخوان بذلك دائرة انتفاضتهم المسلحة إلى لبنان ،و تزامن البيان مع كشف شبكة تهريب الأسلحة من مارينا سوليدير كما ذكر الإعلام اللبناني، وبدا كردة فعل ضد حكومة الرئيس ميقاتي من الجهات المسؤولة عن عمليات التهريب .
إن هذا البيان وتهريب الأسلحة يؤشران على دلالات كثيرة منها:
- إن صدور البيان باسم(الأخوان المسلمين)يعني ربط الساحة اللبنانية بالأحداث السورية والمصرية لأن الأخوان تنظيم إقليمي وعالمي وهذا ما يؤشر إلى مراهنة14 آذار لسقوط النظام في سوريا واستيلاء الأخوان على السلطة مما يعيد إليهم أمجادهم ،فإذا بهم يرمون أنفسهم في آتون الأحداث السورية كمراهقين سياسيين وأمنيين ،ليحصدوا ثمن ما اندفعوا إليه من(مغامرة)غير محسوبة في لعبة القمار السياسي .
- إن إندفاع البعض للتحرش بسوريا بأشكال متعددة يضع الساحة اللبنانية أمام إستحقاقات مفصلية أمنية وسياسية تهدد الإستقرار والسلم الأهلي اللبناني...فهل يدري هؤلاء المغامرون ،حجم الأضرار التي ستلحق بالأمن والإقتصاد اللبناني وخاصة الزراعة إذا أقفلت المنافذ السورية لمنع تهريب الأسلحة ،وهم الحريصون على ثقافة الحياد والحياة؟
- إن تهريب الأسلحة إلى سوريا خرق فاضح لإتفاق الطائف وللإتفاقيات اللبنانية والسورية التي تتعهد بحفظ أمن البلدين وتحمل القائمين بها مسؤولية إدخال لبنان(أمنيا)في دائرة الأحداث السورية مع تداعياتها الخطيرة ،وهذا ما لمح إليه مندوب الأمم المتحدة وليامز و مسؤولو المستقبل والجمعيات الإسلامية في الشمال عبر مظاهراتهم المستمرة.
- لقد فشلت 14 آذار بشعار المعارضة البناءة ونسيت انها ترفع شعار إسقاط السلاح المقاوم للعدو وهي تقوم بتهريب السلاح لتخريب سوريا الشقيقة .
- إعتراف 14 آذار وركيزته الأساسية(المستقبل)بالضعف لمواجهة الواقع السياسي الجديد مما دفعه للإستعانة بالأخوان المسلمين لتأليب العالم العربي تنفيذا لمقررات البريستول.
- استطاع الرئيس ميقاتي إختراق الجماعات الإسلامية في الشمال عبرإطلاق بعض السجناء الذين لم يسعفهم تيار المستقبل ودفع هذه الجمعيات الى الحياد مع ميل لتأييد ميقاتي وحلفاؤه، بسبب القصور الإقتصادي للمستقبل (مساعدات رمضان)والعجز السياسي والخدماتي بعد الخروج من السلطة ،مما سيدفعهم إلى إستعمال كل الوسائل لإسقاطه كما وعدوا جمهورهم.
هل سينجح الرئيس ميقاتي في استيعاب الهجمات المتكررة والتمدد داخل الطائفة ابتداءا بدار الفتوى لتثبيت زعامته بالتعاون مع حلفائه ، فلأول مرة منذ العام 1992 بعد إسقاط الزعامات السياسية السنية(سلام-الصلح-البزري- سعد...)وحصار آل كرامي ، واختفاء الزعامات المنافسة للرئيس رفيق الحريري ،تظهر الآن محاولة جدية لإعادة صناعة(الزعماء السنة) وإخراج الزعامة السياسية من العاصمة بيروت إلى طرابلس لإعادة مبدأ المداورة كما كانت منذ الإستقلال حتى التسعينات.
على الجميع أن يحمي هذه التجربة خاصة وأنها تثمر وطنيا بالحفاظ على الثروات الوطنية العسكرية(المقاومة والجيش)والإقتصادية(النفط والغاز)والدولة(تفعيل الإدارة) ،ومنع اسقاطها لتستكمل انجاز المطالب المعيشية للناس وفي مقدمتها زيادة الحد الأدنى للأجور ولجم الأسعار خاصة المحروقات .
إن من يستنجد بالأخوان المسلمين لإسقاط حكومة ميقاتي ، مقدمة لإسقاط النظام السوري،عليه ان يعرف ان النظام لن يسقط ، بل سيسقط الإستقراروالتعايش والكيان السوري ،وستكون الأقليات الدينية (المسيحيون والعلويون والدروز) والعلمانيون ضحايا الذبح والتكفير ،وسيكون لبنان الضحية الثانية وعسى ان لايرفع البعض شعار اسقاط النظام من لبنان دعما للمسلحين في درعا وحماة ودير الزور...فنسقط في الهاوية ؟