الأقليات الدينية بين الإسلام والتكفيريين.
د.نسيب حطيط
تجتاح العالم الإسلامي عواصف فتاوى التكفير بعناوين حفظ الإسلام والتوحيد ومقاتلة الشرك وتقوم جماعات مسلحة متعددة الأسماء والجنسيات والقوميات والجغرافيا يوحدها هدف مقاتلة (الكفر) وفق أوامرأجهزة المخابرات الخفية الناطقة بأفواه بعض المشايخ أو الدعاة أو الحكام من ملوك ورؤساء وتجار.
يفسر هؤلاء الأحكام الإسلامية وفق فهمهم القاصر أو الموجه فتنوياً وفق مبدأ تحريف الأحكام وتطبيقها بما يخالف الأحكام القرآنية والسنة النبوية الشريفة وكذلك سلوكيات السلف الصالح.
لقد دفعت الأقليات الدينية (الإسلامية) أو الأقليات المسيحية أثماناً كبيرة نتيجة تهور وإنحراف هذه الجماعات مما إرتد سلباً على الفكر الإسلامي ونظرة الآخرين له وأطلق ظاهرة (الإسلاموفوبيا) ظاهرة الخوف من الإسلام وإظهاره كدين إرهابي ومنظومة فكرية تقوم على القتل والتدمير لكل ما تراه مخالفاً لعقيدتها وأن الدعوة للإسلام هي دعوة إكراهية وتهديد بالقتل أو التهجير وذلك عبر إسقاط بعض الأحكام دون فهم صحيح لها خاصة مبدأ التكفير للآخر وتطبيق أحكام قتل الكافر حتى على أبسط الأمور السلوكية أو الظاهرية حيث يعمد التكفيريون إلى قتل المخالف لأفكارهم .
لقد أنتجت السلوكيات التكفيرية مجازر في العراق ضد المسيحيين وضد الشيعة وضد السنة المعارضين للقاعدة وأخواتها وكذلك في سوريا فقد قتلت الجماعات التكفيرية الشهيد الشيخ محمد رمضان البوطي وعددا من أئمة المساجد من أهل السنة والجماعة بعنوان (كفرة أو أعوان الظالمين) ولم يراعوا حرمة المسجد ولا أحكام القتل في الإسلام حتى للكافر الحربي أو الكافر غير المحارب ولم يتبعوا مراحل الوصول للقتل ولم يحدد المفتي الجامع للشروط الفقهية والدينية التي تجيز له الفتوى حتى تحول تاجر الأغنام أو بائع الخضار أو حتى المجرم الهارب من السجن إلى (أمير) أو مفتي أو رئيس الهيئة الشرعية!
يقتل المسيحيون وتدمر كنائسهم خلاف النص القرآني الموجه لأهل الكتاب وأصول الحوار والموعظة الحسنة، وخلاف وثيقة الأمان التي كتبها الرسول (ص) للمسيحيين والتي وجدت في دير سانت كاترين في سيناء والتي تنص " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله إلي كافة الناس أجمعين، بشيراً ونذيراً، ومؤتمناً علي وديعة الله في خلقه، لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً، كتبه لأهل ملته، ولجميع من ينتحل دين النصرانية في مشارق الأرض ومغاربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وعجميها، معروفها ومجهولها، كتاباً جعله لهم عهداً فمن نكث العهد الذي فيه وخالفه إلي غيره وتعدي ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئاً وللّعنة مستوجباً سلطاناً كان أو غيره من المسلمين المؤمنين.
لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سايح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شيء من بناء كنايسهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين فمن فعل شيئا من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله ولا يحمل علي الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزيةً ولا غرامة وأنا أحفظ ذمتهم أين ما كانوا من بر أو بحر في المشرق والمغرب والشمال والجنوب وهم في ذمتي وميثاقي وأماني من كل مكروه. ولا يجادلوا إلاّ بالتي هي أحسن ويخفض لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذي المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا. ويعاونوا علي مرمّة بيعهم وصوامعهم ويكون ذلك معونة لهم علي دينهم وفعالهم بالعهد." وخلاف العهدة العمرية فيقوم التكفيريون بقتل المسيحيين وتهجيرهم أو إجبارهم على الإسلام، ويقتل التكفيريون المسلمين من السنة والشيعة وبقية المذاهب دون سند شرعي أو قانوني أو أخلاقي وفق نظام الفاشية الدينية، ونسأل هؤلاء المضللين وأمراؤهم ومشايخهم:
- هل تتبعون أحكام الإسلام في كيفية تحديد وتوصيف الكافر وقتله ؟
- هل تدعون الكافر للإسلام وفق السيرة النبوية الهادئة والتي لا تعتمد على تحويل الكافر إلى مسلم ملتزم خلال ثوان؟
- هل تتبعون أحكام الإسلام بتوصيف وتشخيص المرتد ... وهل تبادرون إلى حواره وقبول توبته إذا سلمنا جدلاً بصوابية أحكامكم؟
كيف يتحول إخوانكم وحلفاؤكم من النصرة وداعش والجبهة الإسلامية غيرهم إلى كفار بين ليلة وضحاها وتذبحون رجالهم وتسبون نساؤهم وهم يشهدون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويقولون ما تقولون ويفعلون ما تفعلون وتقتلون عناصر الجيش السوري والشيعة والدروز والعلويين والسنة المخالفين لأنهم كفار؟ ونسأل هل تحول أميركم إلى وكيل لله سبحانه وتعالى على الأرض وصار يدخل الناس جميعاً إلى الجنة أو النار بإذنه وأوامره؟
لقد تحول كل المسلمين والمسيحيين والعلمانيين إلى كفار ومشركين ولم يبق إلا قلة من المضللين الذين تحركهم المخابرات الأميركية والتركية والخليجية و الصهونية وتصبح الثورة السورية تمشي على عكازين واحد تركي في الشمال وآخر صهيوني في الجنوب .
لقد تحولت الأكثرية المسلمة والمسيحية إلى أقلية دينية وسياسية وفق مفهوم التكفيريين وتحولت الفئة الضالة القليلة منهم إلى أكثرية تفرض أفكارها.
إحذروا أيها المسلمون على إختلاف مذاهبكم ويا أيها المسيحيون مهما كانت طوائفكم أو أحزابكم فالسكين التكفيري يسير نحو رقابكم ليطهر الأرض منكم بأمر من الأمراء المعصومين والمجهولين، أبي بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني وأبو داوود الإسرائيلي وأبو سلجوق العثماني وأبو غورو الفرنسي وأبو بلفور البريطاني وأبو وهاب السعودي وأبو سارق الإجرامي وأم جهاد النكاح و...!.