الأكــراد بيــن المواطنــة ومشاريــع الإنفصــال
د.نسيب حطيط
تمثل القضية الكردية إحدى القضايا المعقدة والمتعددة الساحات في منطقة الشرق الأوسط،ويتجاذبها سعي الأكراد لتحقيق مطالبهم ورفع الغبن التاريخي اللاحق بهم كمواطنين داخل أوطانهم،وبين مشاريع الإنفصال التي ينادي بها الأكراد ويؤجهها الخارج الإستعماري ضمن منهج التفتيت والتجزئة على أساس قومي وطائفي ومذهبيوفق مشروع الشرق الأوسط الجديد.
إن تعرض الأكراد للقمع العسكريردا" على مطالبته الإنفصالية لايمنعنا من تأييد وإعطاء كل مواطن عربي أو مسلم حقه في العيش الكريم والإعتراف بهويته وتأمين حرية المعتقد والرأي،وحقه في تأمين مقومات عيشه والمشاركة السياسية في منظومة السياسية للحكم،إلا أننا ضد أي حراك قومي أو مذهبي أو طائفي يؤدي للإنفصال والحكم الذاتي ضمن مشروع تجزئة الشرق الأوسط لما يسببه هذا المشروع من إضعاف الأمة وسيطرة إستعمارية وتبديد الثروات ،بالإضافة لعدم قدرة الكيانات والدول المستحدثة من العيش بإستقلاليتها،وحاجتها الدائمة للوصاية والرعاية الأجنبية ولهذا فإننا ضد أي حراك كردي أو غيره يؤدي عن قصد أو غير قصد للإنفصال.
لكن هذا الموقف لا يلغي قراءة الموقف الكردي إنسانيا" وإجتماعيا" وسياسيا" وقبل تحديد أهمية الحراك أو عدمه لا بد من الإضاءة على تاريخ القضية الكردية والوقائع لإيضاح الصورة ، لمجموعة انسانية يبلغ عدد ها حوالي ثلاثون مليون كردي يتوزعون على أربع دول أساسية هي(تركيا-العراق-إيران وسوريا)بالإضافة لإنتشارهم الواسع في أكثر من عشرين بلدا" أوروبيا"وعربيا"عبر الهجرة واللجوء والتهجير.
ويطلق الأكراد تسمية كردستان على المنطقة التي تضم أجزاء من شمال العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا(خريطة رقم 1) ويتواجد الأكراد بالإضافة إلى هذه المناطق بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا وبعض مناطق أذربيجان ،وتسكن الغالبية الكردية في تركيا حوالي خمسة عشر مليون كردي وفي العراق حوالي خمسة ملايين كردي وفي سوريا مليونين وإيران سبعة ملايين كردي.
وقد بدأت الثورات الكردية ضد السلطنة العثمانية منذ العام 1841 وبلغ ععد الثورات الكبرى حوالي اثنتا عشر ثورة اخمد اخرها عام 1975 ،وقد استغلت اسرائيل القضية الكردية ضد العرب خصوصا كما فعلت في جنوب السودان حيث قدمت المساعدات العسكرية والأمنية للقيدات الكردية في العراق ،وقد كشف ذلك مناحيم بيغن صراحة عام 1980 بأن اسرائيل قدمت الدعم للبرزاني طوال عشر سنوات، وان البرزاني خلال زياراته المتكررة لاسرائيل التقى بغولدا مائير وموشي ديان وايغال آلون.،وقد كتب الصحفي اسحاق بن حورين مقالا طويلا نشر بتاريخ 11/9/1987 في ملحق صحيفة معاريف تحدث فيه عن العلاقة القوية التي كانت تربط الملا مصطفى البرزاني والاسرائيلين منذ وصوله الى مطار اللد في فلسطين المحتلة عام 1968 وحتى وفاته بمرض السرطان عام 1979. وتعتبر علاقة اسرائيل بالملا مصطفى البرزاني الفترة الذهبية للعلاقة الكردية الاسرائيلية آنذاك حيث قدمت اسرائيل شتى انواع المساعدات في مختلف المجالات, وتواجد ضباط اسرائيلين لتدريب المسلحين الاكراد وخصص ضابط اسرائيلي يرافق الملا مصطفى, كانت التدريبات العسكرية التي يقوم بها الخبراء العسكريون الاسرائيليون تقوم على تهيئة الاكراد في حالة قيام حرب عربية اسرائيلية من اجل ابعاد اكبر قدر ممكن من الوحدات العسكرية العراقية عن حدود الجبهة الشرقية ضد اسرائيل, وكانت المساعدات تتواصل للاكراد من خلال مبعوثي الموساد وخاصة السلاح والذخيرة والمدربين من قطاع المظليين بشكل خاص وعلى رأسهم العقيد(تسوري ساغي) الذي تولى قيادة تنظيم انظمة الدفاع والهجوم للاكراد على الجيش العراقي بين 1966 – 1974،, وقد نجح الموساد حتى تاريخ 18/6/2005 بالاشتراك مع القوات الامريكية في قتل 350 عالماً عراقياً واكثر من 200 استاذ جامعي.
وقد استمر هذا التعاون والتنسيق بعد احتلال العراق وكانت هناك زيارات سرية الى اسرائيل لعدد من الشخصيات السياسية منها جلال الطلباني, ووفيق السامرائي ومثال الالوسي. اضافة طبعا للمصافحة العلنية التي تمت في ايطاليا بين رئيس الحكومة العراقية آنذاك (اياد علاوي) ووزير الخارجية الاسرائيلي (سلفيان شالوم)