تثبت الأمم المتحدة يوما بعد يوم، بأنها هيئة لتغطية الانتهاكات والغزو الاستعماري الجديد ،وأن ما يسمى قوانين العدل الدولية أو حقوق الإنسان وحرية الشعوب وسيادة الدول ، تسقط على عتبات المصالح الغربية عموما والأميركية – الإسرائيلية خصوصا.
حيث أن الأميركيين والإسرائيليين يقعون خارج دائرة الحساب والعقوبات ، لانتهاكاتهم المتكررة للقوانين الدولية، والأكثر غرابة إلزام الدول الضعيفة أو الخائفة أو المتمردة، أن تقبل وتخضع للموازين العرجاء ، ليسهل حصارها ويطبق عليها بقفازات دولية تخنق كل إرادة حرة عند أي شعب أو جماعة.
ويصبح القاتل الأميركي أو الإسرائيلي والغربي عموما مدافعا عن العدالة الدولية ، له الحق أن يقتل من يشاء في أي ساحة وفي أي لحظة ، بحكم صادر من وراء البحار دون إعطاء الضحية الحق بالدفاع عن نفسها.
وتصبح الضحية طريدة إرهابية، تخلص العالم منها وفق الأبواق الإعلامية والاستعمارية ، وغالبا ما تكون الضحية إما من الأبرياء المدنيين ، الذين يقتلون عن سابق تصور وتصميم ، لإرهابهم أو تهجيرهم أو للضغط على حركات المقاومة التي يحتضونها ، وأما أن يكون الضحايا من المقاومين المجاهدين لتحرير أرضهم والدفاع عن أهلها.
ومما يثير الدهشة أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات التابعة ، تكون قادرة على السمع والحركة السريعة والفاعلة إذا كان الهدف ، حماية الأمن الإسرائيلي أو الأميركي فيرفع شعار ضرورة تطبيق القوانين الدولية.
وأخر مسرحيات الأمم المتحدة هرولة المبعوث الدولي لارسن إلى مصر، مرسلا من أمينه العام ( بان كي مون ) للإطلاع على ما سمي ( خلية حزب الله ) التي تعمل لمساعدة الفلسطينيين ، ومدى خرقها للسيادة المصرية والقرار1559 ولحصار غزة الدولي والعربي ، في الوقت الذي ألقت الأجهزة الأمنية اللبنانية القبض على عدة شبكات للتجسس لصالح الكيان الصهيوني من عملاء لبنانيين وفلسطينيين، وهذا خرق فاضح للقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة الذي ينص على وقف العمليات العدائية بين لبنان وإسرائيل.
ولم يسارع الأمين العام بان كي مون ولا مبعوثه ذو الهوى الإسرائيلي لتفقد السيادة اللبنانية واستنكار التدخل الإسرائيلي ، حيث أنهما لا يعتبران أي عمل عدائي إسرائيلي، بمثابة خرق للقانون الدولي بل هو دفاع عن النفس وخدمة للعدالة الدولية ضد الإرهاب وفق مصطلحاتهم.
هذه الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها، تمثل أكبر عملية تضليل وخداع للرأي العام ، حيث توهم الضعفاء المظلومين بأن لهم مرجعية ترفع الظلم عنهم وتمنع الاعتداء عليهم، و لكنهم يستيقظون فجأة، والسكين الدولي في رقابهم، يحتل الأرض ويقسم الأوطان ويعتقل الرؤساء ويقتل المقاومين ويطلق أيدي الاحتلال ويمعن قتلا وإبادة للأبرياء في فلسطين والعراق وأفغانستان.
ألم تسمع الأمم المتحدة بالإبادة الجماعية لمجزرة العصر في غزة مطلع العام 2009.... بل سمعت ورأت أشلاء الأطفال واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا ولم تبادر الى إنقاذ الأبرياء أو حتى مؤسساتها المدمرة.
ولم تحرك أجهزتها ولا محاكمها الجنائية ، كما فعلت ضد الرئيس السوداني عمر البشير وإن حاولت خجلا وحياء ، فإن العدو الإسرائيلي يمتلك الجرأة والوقاحة لمنعها ، لعلمه أنه لن يتعرض للعقاب ، ولمعرفة الدور المشبوه للأمم المتحدة والمعادي لحرية الشعوب لاسترداد حقوقها لا بد من إظهار بعض التناقضات الصارخة في زمن واحد وساحة واحدة.
1- تسخر الأمم المتحدة بضغط غربي وأميركي كل أجهزتها لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي السلمي ، وتحقق في أثار غبار نووي مزعوم في سوريا ، لكنها تدعم وتحمي مفاعل ( ديمونة ) النووي في إسرائيل ، مما يعني أن القانون الدولي لا يمنع التسليح النووي عموما ، بل يمنع كل سلاح يهدد الأمن الإسرائيلي ويحمي الأمن الوطني والقومي للأمتين العربية والإسلامية.
2- الأمم المتحدة ضد ( العنصرية ) لكنها تحمي العنصرية الصهيونية في فلسطين والجدار العازل ، والعنصرية الأميركية والغربية ضد الإسلام والمسلمين.
3- الأمم المتحدة مع حق تقرير المصير ، واستقلال الشعوب، لكنها تشكل المظلة للاحتلال الأميركي للعراق ، والإسرائيلي لفلسطين والجولان ، والاحتلال المتعدد الجنسيات لأفغانستان.
4- الأمم المتحدة تتبنى ( المحرقة اليهودية ) المزعومة في ألمانيا وتعمل على تعويض اليهود ، لكنها تسكت عن مجازر قانا وجنين وغزة لأن القاتل إسرائيلي الهوية.
5-الأمم المتحدة تحاصر كل من يعادي ( السامية ) ورموزها ، لكنها تسكت عن معاداة الإسلام والمسيحية والإساءة إلى رموزها خاصة النبي محمد ( ص) و النبي عيسى ( ع ) ، لأن الفاعل صهيوني الانتماء!!.
6-الأمم المتحدة مع الديمقراطية إذا كانت أداة لتخريب الأوطان ولقمع حركات التحرر ، أما إذا أوصلت الديمقراطية حركات وأحزابا ، معادية للصهيونية وللأميركيين ، عندها تصبح الديمقراطية عملية مدانة ومحاصرة كما حصل في فلسطين وإيران والجزائر..
7- الأمم المتحدة أداة دولية ، تساعد على سلب الشعوب والأمم حقها في السيادة ، هي ( سلسلة ) حديدية باسم الشرعية الدولية ، لتقييد الشعوب والمقاومين.
فمن شاء أن ينتظر الهيئات الدولية ليحرر أرضا محتلة ، أو حقا مغتصبا أو حرية مفقودة ، فلينتظر،ولن يستعيد شيئا.... ومن أراد العيش بكرامة،فالبندقية أكثر فعالية وصدقا وشفافية ،من كل القرارات الدولية.
القرارات الدولية حبر أسود يلطخ الوجوه البيضاء البريئة ،وطلقات الرصاص حبر أحمر يكتب التاريخ المشرف ويبقى الخيار... للشعوب والأفراد،بعيدا عن الأنظمة الضعيفة والتابعة