الإسلامييون الجدد إرباك وفشل
د.نسيب حطيط
سقطت الأنظمة القمعية في مصر وليبيا وتونس،وصادر الإسلامييون الجدد السلطة وأحتكروا مؤسسات الحكم،وفق سياسة إقصاء الجميع وإعلان أنفسهم وكلاء(لله سبحانه)على الأرض فهم يمثلون الإسلام وما يقولونه فهو الصواب وكل الآخرين على خطأ من يخافهم الرأي يتهم بالتكفير والردة.
بعد عامين على إستلام الإسلاميين الجدد للحكم في بلدان ثلاثة وإعطاء نموذج سيء في سوريا أثناء المعارك فإننا نجد أن الإسلاميين الجدد(السلفين والإخوانيين)لم يقدمواا نموذجا إسلاميا أو ديمقراطيا يختلف عن الأنظمة التي سقطت سوى بالشعارات والمظاهر الدينية الفارغة وفي قراءة واضحة للأحداث في الساحات الثلاثة نجد ما يلي:
مصر: وقف الإسلامييون الجدد على (التل)بإنتظار سقوط مبارك بل وحاولوا التفاوض معه وإرباك الثورة وعندما سقط النظام إنقض الإسلامييون الجدد فأخذوا مجلس الشعب والحكومة والرئاسة وعزلوا المجلس العسكري لكنهم بعد سنتين وجدوا أنفسهم في الفوضى والفراغ والعصيان المدني وتبين أنهم لا يستطيعون الحكم بالأدلة التالية:
- الإرباك والتردد والمزاجية في إتخاذ القرارات والتراجع عنها لأنهم لا يستطيعون تنفيذها.
- حل مجلس الشعب و التصادم مع القضاء وعدم القدرة على قيادة الملسيرة الديمقراطية.
- إعلان حظر التجول والتهديد بإعلان حالة الطوارئ وإستعمال أساليب القمع ضد المتظاهرين تماما كما في عهد مبارك.
- الإلتزام بمعاهدة كامب ديفيد مثل مبارك والسادات.
- إغلاق الأنفاق بين غزة ومصر بشكل أسوأ من عهد مبارك حيث كان عدد الأنفاق 1200 نفق وتقلص إلى 120 نفق الآن ويغرق بعضها بالمياه العادمة والظاهر أن ذلك رضى حركة حماس كجزء من اتفاق هدنة غزة.
- التراجع الإقتصادي والمصري وعرض أثار مصر للإيجار لدولة قطر وكذلك قناة السويس ضمن حالة إفلاس سياسية ووطنية كبرى.
- تقسيم المجتمع المصري سياسيا وإستمرار المليونيات وكذلك العصيان المدني لأربع محافظات إنطلاقا من بور سعيد وإنتشار الفوضى.
- التمهيد للجيش لإستلام السلطة كمطلب شعبي بعد فشل الإسلاميين الجدد في إدارة الحكم وحفظ النظام والأمن القومي لمصر.
- الإنقسام بين السلفيين والإخوان المسلمين أي إنقسام التيار الإسلامي السياسي وبشكل حاد نظرا لأرتباط التيارين بالخارج(السعودية وقطر)وتناقض المصالح.
- تكفير العلمانيين والليبراليين من المعارضة وإقتراب شبح الإغتيالات .
- القمع الفكري للمثقفين والإعلاميين والفنانيين بشكل قاس دون إستعمال الحكمة والموعظة الحسنة بشكل ينفر الجمهور ويكشف عورة الإسلام السياسي.
والسؤال هل حكم الإسلامييون الجدد حتى الآن؟ والجواب لم يحكموا بل فشلوا بعد عقود من المعارضة لعدم وجود خطة أو مشروع سياسي أو إقتصادي أو تنظيمي لإدارة الحكم وتبين أنهم خارج العصر فهم يعيشون أفكار(البداوة المهجنة) ديمقراطيا ولم يستطيعوا بناء منظومة حكم فشوهوا الإسلام كنظام شامل وأظهروا قصوره نتيجة قصورهم.
نوأنصاعوا للطلب الأميركي عبر وزير الخارجية كيري بضرورة تنفيذ الحكومة لمطالب وشروط صندوق النقد الدولي برفع الدعم وزيادة الضرائب أي إرهاق الطبقات الفقيرة أكثر، مما يعني أن الثورة لم تحل مشاكل الفقراء وأطاحت بالأمن ولم تقدم للناس(الغلابة)أي شيء.
تونس: تنازلت حركة النهضة برئاسة راشد االغنوشي عن تسلم الوزارات السيادية في الحكومة الجديدة وبدأ عصر الإغتيالات إبتداء بالمعارض شاكر بلعيد وظهرت الميليشيا السلفية في تونس لفرض الأراء والأفكار الدينية وأحرق متظاهرون جدد أنفسهم تقليدا(للبو غزيزي) ولم يصل للفقراء أي عطاء بعد سقوط المظام وأمرت النهضة بعدم تجريم من يطبع مع إسرائيل خلافا للمبادئ والعقيدة الإسلامية.
ماذا أنجز الإسلامييون الجدد في تونس ؟ تراجع حكمهم وإنكشفت عورتهم الفكرية والعقائدية وإنقسم المجتمع التونسي بين النهضة والسلفية والعلمانيين والليبراليين والجيش سقط نظام بن علي ولم يولد النظام الجديد.
ليبيا:هي الأسوأ في الثورات العربية سقط القذافي ولا نقول النظام لعدم وجوده أصلا، ولم يبن النظام الجديد بل استولدت منظومة القبائل والمدن والميليشيات واستبيحت ليبيا من دول الناتو والمصادرة من قطر لم تولد الدولة بعد والظاهر أنها لن تولد بل ستصدر السلاح إلى الدول المجاورة وستغرقها بالفوضى.
ونسأل هل نجحت تجربة الإسلاميين الجدد في الحكم؟.
الوقائع تثبت عكس ذلك لقد أجهضوا الثورات لجهلهم في الإدارة وإنكشفت عوراتهم بمقايضة المبادئ بالمصالح وإستنسخوا أفعال الحكام الذين سقطوا وألبسوها(عباءة ولحية)وتحالفوا مع أميركا والغرب بعدما كانوا يتهمون الحكام بذلك،و صاروا أتباع الملوك والأمراء بالمال وكانوا يصفونهم بالرجعية ويستنجدون بهم لإحلال الديمقراطية فكيف نصدقهم أو نأمن لهم.
الإسلاميون الجدد وضعونا بين خيارين إما التكفير والذبح أو المبايعة العمياء لهم بأنهم ( الحاكم بأمر الله) والخليفة المطاع المعصوم فإن إعترض البعض أحرقت البلاد وكفر العباد.
(الربيع العربي)إشاعة لم تثبت صحتها بل خريف عربي عاصف ودموي فوضوي ،إنتهك الأمة وقسم الأوطان وأستولد الطوائف والمذاهب والقوميات، طمأن إسرائيل وفتح الأبواب لنهب ثروات الأمة ووقعت الشعوب ضحية ظلم الأنظمة التي سقطت وغباء وأنانية من إستلم الحكم فأعدم الشعب مرتين ولا يزال.
رحمة بالإسلام ...لا تصفوا أنفسكم بالإسلاميين(جنود الحكم الإلهي)لقد شوهتم الإسلام الحنيف وتلوثون صفحاته البيضاء المجيدة ،قولوا أنكم تطلبون السلطة والحياة ولا تقولوا أنكم تتبعون حكم الله فمن يبتغيذلك لا يبايع أميركا ولا يصالح إسرائيل ولا يقاتل المقاومة ولا يكفر من خالفه الرأي.
إتقوا الله وعودوا إلى رشدكم لننقذ الأمة ونطهر الإسلام من التلوث الفكري والسلوكي.
بيروت في 4/3/2013 سياسي لبناني*
www.alnnasib.com