الإنتصارات السورية تصنع المبادرة الروسية الإيرانية
د.نسيب حطيط
رفع أعداء سوريا والمقاومة شعار إسقاط النظام وتفكيك الدولة وجمعوا التكفيريين الذين ابتلعوا الثورة السورية بأفعالهم غير الأخلاقية وصنعوا محميات سياسية ورقية كالمجلس الوطني أو الإئتلاف السوري وتنسيقيات الثورة وصنعوا بربارة إسمها الجيش السوري الحر الذي ابتلعته داعش والنصرة ولم يبق للثورة السورية المفترضة أي قيادة سورية مدنية أو عسكرية.
فشل العدوان الأميركي على سوريا ومحور المقاومة وتقلص النفوذ الأميركي في العالم مما إضطر أميركا أن تتراجع عن حصار كوبا بعد خمسين عاماً من الحصار فسنحت للروس فرصة العودة إلى الساحة الدولية نتيجة صمود محور المقاومة وإن تلكأ الروس في البدايات ،لكنهم بعد أحداث أوكرانيا وفرض العقوبات عليهم أحسوا بالخطر ، فانخرطوا في محور مواجهة المشروع الأميركي بالتكافل مع إيران وفي لحظة الصمود السوري وإلتقاط الأنفاس في العراق والإنتصار في اليمن لحركة أنصار الله وحلفائها بادرت روسيا وإيران لطرح مبادرة الحل السياسي في سوريا مستندة إلى إنجازات الجيش السوري مع الدفاع الوطني وحلفاؤه من حزب الله وإيران في لحظة مفصلية من الضعف الأميركي بالتبروء من داعش ظاهرياً وإنهزام الأخوان المسلمين في مصر وتونس والتخبط التركي والخوف السعودي من المد التكفيري.
المبادرة الروسية – الإيرانية تهدف:
- الحفاظ على وحدة الأرض والدولة السورية واحترام قرار الشعب السوري (بالإنتخابات) بتنصيب الرئيس بشار الأسد رئيساً للجمهورية.
- جمع المعارضة الوطنية السورية التي لا ترتهن للخارج وليست من المقاولين ونزلاء الفنادق.
- مواجهة الإرهاب التكفيري في سوريا والمنطقة.
إن تشتت ما سمي المعارضة السورية التي يعترف بعض قياداتها أنها صنيعة الخارج لإداء أدوار ووظائف ليست لصالح الشعب السوري بل لتحقيق المصالح الأميركية الإسرائيلية وبعض دول الإقليم الموهومة بقيادة المنطقة لكن المبادرة الروسية – الإيرانية تعترضها عدة عوائق منها :
- غياب الطرف المعارض السوري المؤهل لحوار النظام أو القادر على الإمساك بالميدان أو القوى المسلحة.
- هيمنة النصرة وداعش والجماعات التكفيرية على الميدان وإقامة إمارات لا وجود فيها لأي تمثيل للمعارضة السورية أو الجيش الحر الذي تمت تصفيته.
- مكابرة تركيا والسعودية وقطر ورفضهم لأي حل سياسي يبقي الرئيس الأسد في السلطة لأنهم قيدوا أنفسهم بمعادلة الأسد أو أردوغان ،الأسد أو الملك عبدالله ،الأسد أو أمير قطر وذهب الأمير وبقي الأسد والظاهر أن الآخرون سيرحلون ويبقى الأسد كما رحل ساركوزي وكلينتون وغيرهم.
- الموقف الأوروبي الضعيف والتابع سياسياً لأميركا أو الخاضع لإبتزاز دول الخليج المالي والإقتصادي فأصبح الموقف الغربي أو البريطاني مرتبط بالعطاءات المالية أو الصفقات العسكرية أو الإقتصادية.
- الرهان على الحل العسكري وتكرار تجربة الأربع سنوات الماضية مع قناعتهم باستحالة هزيمة النظام.
إن معركة حصار وتحرير مدينة حلب ستكون المفصل الأساس في تحديد وجهة الحل السياسي وإعلان نهاية الثورة السورية وبقاء عصابات مسلحة متناثرة وقطع اليد التركية بعدما قيدت اليد الأولى بالإتفاقيات الإقتصادية مع روسيا وإيران وقد بدأت المبادرة الروسية- الإيرانية مع بدء خطة تحرير حلب وتم إحتواء مبادرة المندوب الأممي دي مستورا بتجميد القتال في حلب لإنقاذ المسلحين ولن يكتب لها النجاح إلا بالشروط السورية كما حصل في حمص.
لقد بدأت المظاهرات الشعبية ضد الجماعات المسلحة واكتملت دائرة الإنقلاب على الثورة ولصوصها ،لقد بدأت الثورة بمظاهرات ضد النظام بحجة الفساد وطلباً للإصلاح وانتهت الثورة ببدء المظاهرات ضدالمسلحين لتسهيل الحل السياسي كمعبر إلزامي لأنهاء الأزمة السورية ستفرضه تداعيات تمدد الإرهاب التكفيري خارج المنطقة والذي بدأت إرهاصاته العالمية تظهر في أستراليا وفرنسا وأميركا والخليج...
لم تعد أميركا قائد العالم الأوحد الذي يفرض الحلول وإنتهى عصرها وبدأ زمن الأقطاب المتعددة والنجم الأميركي إلى أفول ومعه الربيع العربي الذي أعاد الباجي السبسي رئيساً لتونس وهو وزير داخلية أبو رقيبة فالسيسي ،لقد هزم السيسي أخوان مصر والسبسي هزم اخوان تونس ...!وعادت العلمانية تترأس تونس.... الثورة السورية انتهت وبانتظار إعلان وفاتها عبر الحل السياسي ووداعاً للجربا وغليون وغيرهم.....