البطريــرك الراعــي ومسؤوليــة حمايــة المسيحييــن
د.نسيب حطيط
أحدثت تصريحات البطريرك بشارة الراعي ، ضجيجا وجعجعة داخل الساحة اللبنانية ،خاصة في مكونات 14أذار حيث أتهمت بكركي بتجاوز ثوابتها السياسية لجهة تأييد سلاح المقاومة و دعم النظام السوري.
إن البطريرك الراعي هو بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وليس (بطريرك كسروان وسائر14أذار)، وقد تحرك مدافعا عن رعيته ،بعد وصول التهجير والقتل للمسيحيين لأعتاب بكركي، ولأنه ملتزم بثوابت بكركي لجهة حماية المسيحيين في أوطانهم وانقاذهم من صراع الأمم القائم على تأمين مصالح الكبار على حساب الشعوب الضعيفة وخاصة الأقليات.
لقد عايش البطريرك خسائر المسيحيين بعد مغامرة بعضهم في الحرب الأهلية والتعاون مع إسرائيل وأميركا، فكاد المسيحيون يهجرون إلى كندا ودول العالم.
عايش البطريرك مغامرة مسيحيي الجنوب مع سعد حداد وأنطوان لحد فكانت النتيجة لجوء ألاف المسيحيين الى إسرائيل بعدما تركتهم إسرائيل عند فرارها من الجنوب ولم تعاملهم كحلفاء بل كمرتزقة خلف البوابات.
يرى البطريرك مايتعرض له المسيحيون في العراق من تفجير للكنائس والقتل برعاية الإحتلال الأميركي وتقاعس الدول الأوروبية عن حمايتهم ، فمصالح أميركا اهم من حماية مئات الألاف من المسيحيين.
يعرف البطريرك الراعي ما لاقاه المسيحيون في فلسطين المحتلة من حصار وإذلال وحصار وشراء للأملاك المسيحية لتهويد القدس فمن يحميهم هناك.
يعرف البطريرك الراعي أن حسني مبارك حليف أميركا ...ويسأل ماذا أعطى مبارك للأقباط في مصر من حريات وحقوق ،ويقارنها مع نظام الأسد في سوريا ومعاملته للمواطنين المسيحيين والكنيسة و التسهيلات والحصانة وعدم التمييز، ويسأل من يحمي المسيحيين في سوريا إذا تحولت الساحة السورية إلى ما يشبه الساحة العراقية أو الليبية أو الأفغانية ،قاعدة للمتطرفين السلفيين وبقايا القاعدة أو التنظيمات التي لا تؤمن بالديمقراطية كخيار لنظام الحكم؟
يعرف البطريرك الراعي كيف تعامل إيران رعاياها المسيحيين وما تعطيهم من حقوق وحرية مقارنة مع المسيحيين في العراق ومصر وغيرها .
يستذكر البطريرك الراعي ما عاناه المسيحيون أيام الإحتلال العثماني للمنطقة كأهل ذمة وما عاناه اللبنانيون من عذابات التجنيد الإجباري ومصادرة الممتلكات وتقييد للحريات وللعقيدة ويتساءل البطريرك إذا كانت تركيا قائدا للثورة السورية وللأخوان المسلمين فأي مصير ينتظر المسيحيين مع نظام الخلافة (الأطلسية ) الجديدة؟
يعرف البطريرك الراعي، مواقف الصهيونية - اليهودية المعادي للمسيحية كثأر تاريخي منذ بشارة السيد المسيح(ع)ويعرف التعدي على قدسية السيد المسيح(ع)وأمه العذراء مريم(ع) في أفلام السينما والمنشورات ،فكانت صرخته صدى للوقائع والتاريخ ،لأن المسيحيين في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين على طريق الإنقراض، وأن الغرب لن يساعدهم إلا بتأمين البواخر لإجلائهم ،وأن الكنيسة الشرقية المتمثلة بالأرثوذكس ومركزها سوريا مهددة بالإنقراض وهذا ما دفعها لإرسال وفد إلى روسيا لمطالبة الكنيسة الروسية للضغط على الحكومة للبقاء على موقفها المساند لنظام الرئيس الأسد كوسيلة لحماية المسيحيين، وهذا ما دفع البطريرك الراعي لتأييد لسلاح المقاومة لمنع التوطين، حيث يرى البطريرك أن المسيحيين في لبنان بين فكي التهجير من سوريا وتوطين الفلسطينيين في لبنان ،فإذا كان عدد المسيحيين لا يتجاوز ثلث سكان لبنان، فإنهم بعد التهجير وتحديد النسل و توطين وتجنيس حوالي نصف مليون فلسطيني مسلم في لبنان، سيصبحون أقلية لا تتجاوز العشرين بالماية وسيفقدون معادلة المناصفة والإمتيازات، وسيخسرون عمقهم السوري في الجغرافيا والعقيدة ويتحولون الى ذكريات وحكايات في تاريخ المنطقة.
لقد تجرأ البطريرك الراعي لقول الحقيقة استباقا لأسوأ الأحوال، لإعتقاده بأن مصلحة المسيحيين في البقاء في محيطهم كمواطنين مع إخوانهم ،وأن الحماية من القريب وليست من الغريب وأن الأميركي والأوروبي يسعى لكسب براميل النفط ولو كان الثمن ابادة الشعوب ابتداء بألأقليات واولهم المسيحيون في الشرق.