التسليح الروسي لإيران لمواجهة الناتو.
د.نسيب حطيط
تتوسع مروحة التعاون الروسي – الإيراني على المستويات العسكرية و الإقتصادية والسياسية وفق منظومة تبادل أوراق القوة لتأمين الدفاع الذاتي لكلا الدولتين اللتان تعرضتا للعقوبات الاقتصادية والحصار السياسي من اميركا وحلفائها وصولا لإثارة التوترات الأمنية ومحاولة السيطرة على الدول الحليفة لروسيا وإيران(سوريا –ليبيا – اليمن ..).
إن التاريخ يؤكد ان الحقوق لا تحميها المعاهدات او المنظمات الدولية في العصر الحديث ،بل تحتاج للقوة لحمايتها وطالما أن أميركا تتفوق بقوتها العسكرية الاقتصادية فهي تتحكم بالعالم ومؤسساته الدولية سياسيا" ولذا على كل دولة تريد حماية إستقلالها ان توفر مصادر القوة المستدامة وغير الخاضعة للسيطرة الأميركية وهذا ما فعلته إيران وفق المستطاع خلال حصارها الطويل وهذا ما فعلته روسيا أثنا نومها العميق خلال أكثر من عقدين من الزمن .
القوة لا تردعها إلا القوة وهذا ماتحمي كوريا الشمالية نفسها به من الأطماع الأميركية وكذلك على صعيد حركات المقاومة ،فإن قوة المقاومة حققت الإنتصار ورسخت معادلة توازن الردع والتكافوء في الخسائر في حال نشوب أي حرب .
تسلح روسيا إيران لتأمين صمود حليفها الميداني في سوريا وحليفها المستقبلي في ساحات أخرى حتى في الجمهوريات الإسلامية الروسية ،وبسبب قلة حلفاء روسيا القادرين على رفد القوة الروسية ،فإن روسيا بحاجة إلى إيران قوية كما هي حاجة إيران لروسيا قوية !
والسؤال ...لماذا تسلح روسيا إيران؟
الجواب ليس بسبب التجارة طبعا"،فالتسليح يهدف الى أمور عديدة منها :
- دعم الجمهورية الإسلامية (الجارة الأقرب الى روسيا) للتمكن من الدفاع عن نفسها وهي التي تشكل الدولة الوحيدة في المحيط الإسلامي الروسي الذي لا يشكل تهديدا للأمن الروسي.
- تشكل إيران النافذة الآمنة لدعم حركات المقاومة والجيوش الصديقة بالسلاح الروسي الذي ستكون نتائج إنتصاراته في الصندوق الروسي كما في الصندوق الوطني لأي طرف حليف وهذا ربح كبير مقابل السلاح المدفوع الثمن او المجاني الذي يعطي روسيا بدون عناء طالما أنه يضرب المشروع الأميركي أو الأوروبي او تركيا او السعودية .
- السلاح الروسي لإيران يبني خطوط دفاع آمنة لروسيا ويوسع دائرة الأمان، فهذا السلاح سيستعمل ضد أطراف ثلاثة (العدو الإسرائيلي – المشروع الأميركي – التكفيريون ورعاتهم ) فتربح روسيا ضرب عدوين على الأقل بشكل مباشر وتغمض عينها عن ضرب الطرف الثالث (إسرائيل ) ويمكن أن تربح بأن تكون وسيطا بين الطرفين بناء لطلب وحاجة إسرائيلية وتتشارك مع اميركا رئاسة المفاوضات العربية الإسرائيلية كما أستطاعت سوريا وحلفائها من تثبيت روسيا في رئاسة الأزمة السورية بالشراكة مع أميركا وهذا مالم تكن روسيا قادرة عليه بمفردها...لكن السلاح والذخائر الروسية في سوريا فتحت أبواب جنيف وفيينا ورسخت مصطلح ( كيري – لافروف ) في الإعلام بعدما كان (كيري) ملكا وحيدا!
- إن التسليح الروسي لإيران هو بمثابة تسليح روسيا لنفسها للدفاع عن أمنها يتطابق مع خطاب الرئيس الروسي في يوم حماة الوطن "أن الجنود الروس يدافعون عن الأمن القومي الروسي بقتالهم في سوريا ".
- السلاح الروسي أمام خيارين ، أولهما الصدأ في المخازن وتحوله خردة تباع بثمن رخيص أو ينتشر في ميادين القتال ويصرف سياسيا وإقتصاديا وعزة كرامة وهذا ثمن لا يربحه الا المقاومون والشجعان
ومثالا على ذلك أستطاعت روسيا ان تجبر أميركا والسعودية على عدم تزويد المسلحين في سوريا بصواريخ مضادة للطائرات عبر تهديدها، بتزويد الجيش اليمني وأنصار الله في اليمن بصواريخ ضد الطائرات السعودية - السلاح مقابل السلاح - وكما تزود اميركا أوكرانيا بالسلاح ويتقدم الناتو لحدود روسيا ،ستتقدم روسيا الى قلب الشرق الأوسط الأميركي عبر إيران وسوريا واليمن .
ايران وروسيا نواة الحلف المضاد لحلف "الناتو" كما كان حلف "وارسو" أيام الحرب الباردة مع فارق واضح ان الحرب ليست باردة بل ساخنة تحت الرقابة !