منذ تأسيس جامعة الدول العربية كمؤسسة تخطط لتحقيق وحدة المصالح العربية وحل الخلافات البينية،فإن هذه المؤسسة لم تستطع أن تحقق المضمون،بل حافظت على الشكل الخارجي الذي بحيث صارت الإجتماعات على مستوى القمة إنجازا"بحد ذاته،يطغى على جدول الأعمال، وتحولت قراراتها إلى إمدادات الحد الأدنى،الذي لا يزعج أحدا" ويبقى في الخطوط العامة دون التعرض للمشاكل وإيجاد الحلول لها،وتحول البيان العام المبهم والملتبس إلى إنجاز أيضا"،وبقيت المشاكل بدون حلول،وفي حال مقاربة الحل فكان القرار تأخير صيغة التمني والرجاء،دون آلية تستند إلى قوة لتقيد به،وقد بداء تغيب الجامعة العربية،بإقامة تجمعات إقليمية،عربية كمجلس التعاون الخليجي،أو الإنتخابات مثل ليبيا أو تجميد الإنتساب مثلما فعلت مصر بعد كامب ديفيد أو المقاطعة وبعدما فقدت الأمة العربية(الرأس الجامع)أو(الرؤوس الجامعة)بعد غياب جمال عبد الناصر والملك فيصل وحافظ الأسد وبقية الرؤساء القادة، صارت الجامعة بدون راع معنوي،خاصة بعدما أخرجت مصر نفسها من الصراع العربي الإسرائيلي الذي يمثل جوهر وأساس المشاكل العربية،فقدت الجامعة العربية قطبتها الأساس بل وتحولت إلى غطاء لتمرير المشاريع التي تنهي القضية،وفي إستعراض لتاريخ الجامعة العربية،ترى أن معاهدة الدفاع المشترك بين العرب لم تنفذ تاريخيا" وإذا نفذت فكانت بإتفاقات بين الدول وليس بقرار من الجامعة. وكذلك السوق العربية المشتركة وغيرها،فقد كانت تسقط الواحدة تلو الأخرى لفقدان الحماية المعنوية والمادية وآخرها كانت المبادرة العربية في بيروت التي أسقطها الرئيس بوش بالضربة القاضية عبر دعوته لقيام(دولة يهودية)في فلسطين.وعندما نستعرض مشاكل كل الأمة العربية فنرى أن الجامعة العربية إما أنها لا تستيقظ في أغلب الأحيان وإن استيقظت فتتشائب بيانا لرفع العتب،وإن أخذت وقفا" فهو يفتقر إلى قوة التنفيذ،لأن العرب أخرجوا أنفسهم من دائرة الفعالية أو التأثير أو الممانعة في الساحة السياسية العالمية،نتيجة خلافاتهم وعدم وحدتهم في وقت تتجه أوروبا نحو الوحدة الكاملة، ونتيجة ؟؟ إلى محاور متعددة،فالدول التي أطلقت أميركا عليها لقب(المعتدلة)لا تستطيع من ؟؟ الموقف الأميركي المتناقض مع المصالح العربية،والمحور الآخر الذي يكاد يقتصر على سوريا يضاف إليه القوى الشعبية الممانعة في فلسطين ولبنان،وقد وصل اليأس بالدول إلى حد عدم طرح مشاكله على الجامعة ولجأ للتفتيش إما عن الحل الذاتي أو الإستعانة بالخارج ولم تستطع جامعةالدول العربية أن تحل مشكلة السودان مع الجنوب، ولا المشكلة المستجدة في دارفور حتى وصلت القوات الدولية،ولم تستطع نجدة الصومال فكانت أثيوبيا أقوى من كل العرب ودخلت(كمستعمر)صغير ومراهن إلى الصومال،وقضية الصحراء العربية والمغرب لم تنجح الجامعة العربية طوال عقود ماضية أن تقدم شيا"،وقضية إحتلال الكويت من قبل صدام ماذا فعلت الجامعة...؟!وحتى الخلافات الحدودية البسيطة لم تستطع الجامعة فعل أي شيء إيجابي،وكذلك في اليمن ماضيا" وحاضرا"،أو في الجزائر،حتى أن العراق لم تتحرك الجامعة خلال أربع سنوات في خضم المجزرة المستمرة إلا عبر زيارات إعلامية خجولة،ولن تتحدث عن قضية فلسطين التي يكاد يصبح الوطن والشعب والتاريخ،مع خصوصية فريدة.وهي وجود(القـدس)بما تمثله من رمز إسلامي مقدس لا يخص الفلسطينيين فقط بل كل العرب والمسلمين، فإذا ما أضاعت الجامعة العربية أو تنازلت عن القدس فما هو المقدس الذي لن تتنازل عنه في بلاد العرب بعد ذلك وفي لبنان فإن الحرب الأهلية لم تحلها الجامعة العربية في الواقع بل بجهود سعودية وسورية مدعومة من الجامعة العربية.(كدول)والإرادة الدولية، حتى أنجز إتفاق الطائف فإذا كان تاريخ الجامعة العربية تاريخا" مملوء بالفشل زلا يعرف النجاح،وإذا كانت الجامعة لا تملك أدوات القوة لتنفيذ قراراتها وإذا كانت الجامعة العربية بلا رأس، تحولت إلى(ديوانية الدول العربية)بدون شيخ القبيلة،وللقمة العربية التي تحتمل التأويل والتوصيف وحشد الألفاظ ولكن سرعان ما يكشف الرأي العام ضعف الجامعة وفشلها لكن الأخطر اليوم هو إستعمال الجامعة كمطبة أو آداة لتمرير المواقف الأميركية أو تغطية التنازلات العربية،وإنهاء القضية الفلسطينية،بحيث أن عدم قدرة الجامعة الدور الإيجابي تحول إلى توظيفها سلبيا" سواء على مستوى الشعوب أو مستوى الأنظمة،ولم تستطع حتى اللحظة أن تكون على الحيادة بين من ؟؟،ولا بين المعارضة والموالاة في لبنان بل هي تنحاز وفق القرار الأميركي لهذه الجهة أو تلك مما يساعد على إنهائها وتحولها إلى ذكرى من التراث العربي، مع خصومه أنها تراث غير إيجابي كمال كانت آلهة العرب في الجاهلية فهي لا تنفع بل تضر لأنها توهم الناس بالقدرة على الفعل حتى يكشفوا أنها حصن غير آمن.