الجيوش السورية الحرة والمعارضات المتعددة.
د.نسيب حطيط
أثبتت الاحداث السورية أن الحراك الشعبي المطلبي والمشروع لتحقيق الإصلاح والديمقراطية وحرية الرأي ،قد صادرته الجماعات المسلحة والتكفيرية بأمر من الإستعمار الأميركي الجديد وحلفائه من العرب التابعيين، والأسوأ أن هذه الجماعات لا تلتزم بالحد من الأخلاق والإنسانية وتمارس قتلها على أساس ديني مشوه ومنحرف يرتكز على فتاوى سطحية مفرغة من الجوهر والعمق العقائدي ،يقولها بعض دعاة الفضائيات المعلبين والمصنعين في معاهد المخابرات المتعددة الجنسيات والذين يمثلون (كتيبة المشايخ) الممولين من أمراء النفط والغاز.
لقد أطلق مصطلح (الجيش السوري الحر ) كعنوان تنظوي تحته كل الجماعات الإرهابية المسلحة من القاعدة والتكفيريين وقطاع الطرق والمجرمين، ومثل إطارا فضفاضا يعمل بإسمه من يريد السوء بسوريا شعبا وحكومة وجيشا دون علم ماتسمى قيادة هذا الجيش، تماما كما كان مصطلح القاعدة فضفاضا اتغطية جرائم أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية بشكل خاص بالعمليات الإنتحارية وأعمال الذبح الطائفي والمذهبي ،فشكل بربارة تنظيمية لأجهزة المخابرات، ولذا فإننا أمام مشهد من جماعات مسلحة تسمي نفسها كتائب الجيش الحر حتى لو كان عددها لا يتجاوز العشرة عناصر، وأصبحت الرتب المزيفة تباع في الأسواق وصار بعض المجرمين عمداء وألوية فالرتب يمكن شراؤها من حملات الإكسسوارات المزيفة.
أما المعارضة السياسية فليست بأفضل حال، فهناك معارضة الداخل وأطيافها غير المتفقة والمتناقضة مع بعضها البعض، وهناك معارضة الخارج التي تتحرك على طريقة دمى(الماريونيت)على المسرح السياسي وهي معارضة مفككة بين العلمانيين والإخوان المسلمين الذين أظطروا بداية إلى تقديم العلمانيين وتنصيب(برهان غليون)رئيسا للمجلس الوطني لكسب ود الرأي العام الغربي وبعض الدول العربية، ولعدم تضخيم حالة(فوبيا الإخوان)التي اجتاحت العالم العربي بعد الأحداث المصرية و التونيسية والليبية، لكن سرعان ما تبين ضعف وركاكة هذا المجلس الوطني، حيث شكل منظومة مطاطة تلهث وراء المال والإعلام والفنادق الضخمة وتنادي بالتدخل الأجنبي لإسقاط النظام بالنيابة عنها ،تعبيرا عن عجزها عن الضغط الداخلي ولعدم إرتباطها بالشارع السوري الحقيقي وعدم قدرتها على حشد الجماهير لأنها شخصيات عادية حاول الإعلام إظهارها كقيادات شعبية وسياسية، لكنها شخصيات فارغة وسطحية ومهاجرة وغير متواصلة مع الجماهير منذ أكثر من عشرين عاما وذابت في الغربة ثقافة وسلوكا ومفاهيم ولا تستطيع الإنسجام أو التفاهم مع تراثها وعاداتها وتقاليدها،فهي معارضة غير أصيلة ومصنعة خارجيا وكل مجموعة ترتبط بدولة عبر مصرف او ضابط مخابرات فإذا ماتضاربت مصالح الدول انفجر الصراع على داخل المجلس الوطني الذي سيسقط(غليون) من منصب الرئاسة
في حزيران القادم بعد أقل من شهر على التجديد والتمديد له، مما يوحي بسقوط مرحلة(غليون)وشعاراتها من التدخل الخارجي وبتنحي الرئيس الأسد وغيرها من المطالب والإملاءات الطاووسية ،والإنعطاف نحو مرحلة جديدة يمكن أن يستلم قيادتها مباشرة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وفي حال تم ذلك يعني أن الأميركيين والغربيين قد اتخذوا قرار التراجع عن إسقاط النظام إلى مرحلة إنهاك وإزعاج النظام لإلهائه وتطويعه وإعادة فرض الشروط عليه بسبب إستحالة إسقاطه من جهة، وإفتقار المنطقة لجيش قوي يقف ضد الجماعات الإرهابية.
لقد اعطت نتائج الإنتخابات المصرية بحصر المنافسة بين محمد شفيق ممثل المجلس العسكري والنظام السابق ومنظومته السياسية والإقتصادية وبين محمد مرسي ممثل الإخوان المسلمين مؤشرا واضحا على ان الثورة المصرية قد اسقطت حسني مبارك ولم تسقط النظام ،ولو خسر أحمد شفيق إنتخابات الرئاسة، فهذا لا يعتبر نصرا للإخوان بل يؤكد الصراع يعود من جديد منذ ثورة1952 بين الرئيس جمال عبد الناصر وجماعة الإخوان المسلمين أي بعد ستين عاما وغياب كل القوى السياسية والليبرالية والعلمانية عن الصراع الدائر، والخوف أن يتفجر هذا الصراع في الشارع المصري ميدانيا على الطريقة الليبية والسورية عبر المخابرات الإسرائيلية التي تعيش حالة الخوف من الساحة المصرية والتهديدات الأمنية التي يمكن أن تهدد الأمن القومي الصهيوني.
المعارضة السورية الخارجية وجيوشها(غير الحرة) أدوات للفتنة بأوامر خارجية لإسقاط محور المقاومة بعد العجز الإسرائيلي والأميركي عن النصر، ومهما خطف(ثوار سوريا)المدنيين الزوار أو قتلو أو ذبحوا أو ارتكبوا المجازر، فسيسقط جماعة(فيشي)في سوريا وستنتصر سوريا بشعبها العربي الأصيل وتحصد جائزة الإصلاح والديمقراطية والإنماء والعزة، لتتكامل مع كل قوى التحرر في الوطن العربي والإسلامي لمواجهة المشروع الإستعماري الجديد، وإستنقاذ الأمة من كبوتها وذلها لتعود خير أمة أخرجت للناس بعيدا عن الإنحراف العقائدي الذي يرفعه التكفيريين.