الحصانة للجزارين و قطّاع الطرق من المعارضة السورية
د.نسيب حطيط
تغيّرت معايير و مواصفات الثورة و الثوّار فيما يسّمّى الرّبيع العربي، و تدنى السلوك الأخلاقي و الإنساني ،و تحوّلت المعارضة السّوريّة و أتباعها إلى ائتلاف العصابات المسّلحة و قطّاع الطّرق و المقاولين ،الّذين يحترفون الذبح و الخطف و الإغتصاب وتديرهم المخابرات ووعاظ السلاطين؟
بدأ الحراك الشعبي في سوريا بشيء من البراءة و التقليد للإنتفاضات العربيّة و إستجابت السّلطة لبعض المطالب ووعدت بتطوير الإصلاح و مكافحة الفساد، لكن سرعان ما قفز الغرب بقيادة أميريكيّة و إسرائيليّة و بأدوات خليجيّة و تركيّة مدعومة من جحافل (المجاهدين الأميركيين و السلفيين التكفريين) لإسقاط النظام في سوريا ،ليس من أجل الإصلاح و الديموقراطيّة، بل ثأراً منه لدعمه حركات المقاومة الّتي هزمت إسرائيل ، و إحتشد الغرب و العرب جميعاً و أعيد إحياء مومياء الجامعة العربيّة لتكون جسر عبور للتّدخل الخارجيّ كما فعلت في ليبيا، و سخّرت الفضائيات والمؤسسات الدولية لتغطية جرائم العصابات المسلحة للمعارضة السوريّة الّتي تذبح مؤيّدي النظام أو من بقيّة الطوائف و تعدم كل من يخالفها الرأي ،وآخر اعمالها المجيدة إعدام (آل بري) في حلب ،و تهجّير المسيحيّين و المذاهب الأخرى و عمليّات الإغتصاب بما يشبه ممارسات العصور الوسطى .
يستريح بعض الجزّارين بحماية حزبيّة و رسميّة غير معلنة،ومنهم جزّار حمص(ابو رامي) الّذي أعترف عبر وسائل الإعلام بأنه ذبح مع رفاقه في (كتيبة الدفن )، اكثر من 200 من المخطوفين ،و أعلن الأمن العام اللبناني بان لديه موقوفا من ثوار سوريا (المدعومين ) من 14 اذار وغيرهم ، إعترف بعشر عمليات ذبح لمواطنين سوريّين ،ويطالبون بحمايته خوفا على حياته...! كما يستنكرون تسليم بعض المجرمين لسوريا وقد اوضح الرئيس ميقاتي وكذلك الأمن العام افعالهم المشينة ، (ستة منهم اعتدوا على ضابط في الجيش وعلى منزله في اليوم التالي، أربعة زوّروا أختاماً رسمية، اثنان ارتكبا أعمال سرقة، واحد قام بتحرش جنسي، وواحد بتوزيع أفلام خلاعية وبيعها) فنعم النشطاء السياسيين السوريين والثوار الوطنيّين وحماتهم ؟.و بعض السوريّين يحملون السّلاح بالأٌجرة لصالح أحزاب لبنانيّة ،ويجب حمايتهم ليكملوا عمليات الذبح و الإغتصاب و قطع الطّرق و الخطف ...و نسأل هؤلاء السياسيّين "ماذا لو وصل خاطفوا الزوار اللبنانيّين من المعارضة السّورية المزعومة إلى لبنان؟"هل ستطالبون لحمايتهم و تأمين الحصانّة لهم دعماً للثورة السّوريّة الّتي يقودها برنارد هنري ليفي الصّهيوني الفرنسي، و أردوغان التّركي ، الحليف الإستراتّيجي لإسرائيل و ملوك و أمراء الخليج التابعين لأمريكا ،وعلى أيّ أساس أخلاقيّ أو إنسانيّ أو سياسيّ شريف يستند هؤلاء الّذين إستنكروا ترحيل بعض السّوريّين المدانين قضائياً بتهم غير سيّاسيّة ،و هل يتّحمل المعترضون مسؤوليّة تهديد حياة الزوّار اللّبنانيّين الّذين أعلن الخاطفون لهم بعد تصريحات بعض اللّبنانيّين ،التهديد بإعدامهم إن لم يتراجع لبنان عن ترحيل السّوريّين ،ممّا يعني شراكة من صرّح في لبنان بمسؤوليّة ما يصيب الزّوّار .
الأكثر غرابة أن من يطلق الصّراخ عاليّاً ضدّ النّظام في سوريا الآن ،نسي أن السّوريّين قد شاركوا في صناعته ،بل أن معظم هؤلاء كانوا يزحفون لحضور عرس أو جنازة في سوريا ، ...لكّننا في لبنان ننسى ما جرى في الأمس و نعيش كمياومين في السياسّة و السّلوك و الأخلاق، و لا بدّ أن يستمر قبض الأثمان دون الإكتراث لهويّة الجهة المانحة ، مقابل المطالبة بالحصانة للجزارين و القتلة و قطّاع الطّرق و الخاطفين للزوار الإيرانيين واللبنانيين ، الّتي يديرها الأميركيّ و يمّولها العربيّ و ينتظر حصاد ثمارها الإسرائيليّ و ضحاياها من السّوريّين.