الحوار الروسي السعودي وأثاره في سوريا واليمن
د.نسيب حطيط
يسود القلق والهواجس بعص السوريين من أنصار النظام والدولة السورية نتيجة خيبات الأمل من بعض الأصدفاء وغدر أكثر الأشقاء، فيطرحون السؤال... هل يخذلنا الروس في سوق المقايضات السياسية والمالية كما حصل مع صدام حسين أيام الرئيس الروسي غورباتشيف مقابل أربعة مليارات دولار ؟
هل يسيل لعاب الروس على صفقات السلاح للسعودية والمفاعلات النووية والفضائية ويكون الثمن التخلي عن دعم سوريا ؟
هل يقع الروس في الخداع الأميركي – السعودي كما حصل في ليبيا ، فيعترفون بالمعارضة السورية المصنعة أميركياً وخليجياً "الإئتلاف السوري" فيما لا تعترف أميركا بالرئيس بشار الأسد فتكون قد ربحت اعترافاً روسياً بالمعارضة ولم تخسر شيئاً.
هل يخضع الروس لضغوط التهديدات السعودية والأميركية بنقل التكفيريين إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة في الشيشان وداغستان وغيرها... ويتراجعوا عن تأييد سوريا أو التنسيق مع إيران ؟
كل هذه التساؤلات تعتبر مشروعة ضمن سياق الحذر من المستقبل ودبلوماسية المصالح الأوروبية خاصة وأن الروس قد تأخروا في دعم سوريا أكثر من عام منذ بدء الأحداث والإضطرابات عام 2011 ثم مضت فترة من المواقف الملتبسة خاصة من المسؤول الروسي بوغدانوف فكانت وفق "الهبات الباردة والساخنة" التي تزعزع الموقف السوري وحلف المقاومة وفق إزدواجية التصريحات الروسية المتناقضة بين المسؤولين الكبار والصغار ويأتي الخوف عند السوريين بعد الإتفاق النووي وما تسرب من إشاعات عن تحول الموقف الإيراني خاصة بعد المبادرة الإيرانية المعتدلة، لكن الإيرانيين سارعوا إلى حسم الموقف بالتأكيد على لسان كل المسؤولين والقيادة الإيرانية أن الدعم الإيراني لسوريا لن يتغير أو يتبدل ولن يتوقف والأكثر من ذلك هو السعي الإيراني لكبح جماح التفلت التركي عبر التدخل في شمال سوريا والذي اعترض عليه الإيرانيون بإلغاء زيارة وزير الخارجية ظريف إلى تركيا في آخر لحظة والسعي الإيراني مع روسيا لإعادة تأكيد الدعم الروسي – الإيراني في سوريا في المرحلة الجديدة بعد الإتفاق النووي وضرورة التأكيد العملي والعلني على ذلك.
هذه هي الهواجس التي أثارتها الإشاعات والفبركات الإعلامية لكن الرد الروسي الداعم لسوريا جاء على أكثر من محور أبرزها الدعم العسكري والذي تمثل بإعطاء سوريا 6 مقاتلات من طراز ميغ 31 لتعزيز القدرات الجوية السورية ليس بمواجهة مسلحي المعارضة بل بوجه التدخل الإسرائيلي أو التركي يضاف إلى التصريح العلني للرئيس الروسي بوتين الذي أكد على دعم سوريا قيادة وشعباً أثناء استقباله لوزير الخارجية السوري وليد المعلم.
بعيداً عن العلاقات الودية بين سوريا وروسيا، فإن المصلحة الروسية تقضي بدعم سوريا دون حدود ليس من أجل سوريا بل دفاعاً عن روسيا حيث ذاقت روسيا في زمن الإتحاد السوفياتي طعم الحرب مع القاعدة والأفغان العرب في أفغانستان، مما أدى إلى هزيمة الإتحاد السوفياتي وتفكيكه... فكيف إذا انتقل التكفيريون الإرهابيون إلى قلب موسكو ودول الإتحاد السوفياتي السابق وقاتلوا الروس في عقر دارهم بعد تجربة جورجيا والقرم وشرق أوكرانيا والتي جعلت روسيا تحت الحصار الأميركي والغربي شأنها شأن إيران وسوريا وكوريا الشمالية ،حيث تم التعامل معها كدول من دول العالم الثالث وليس كدول عظمى تحاول أن تكرس نفسها نداً وقطباً موازياً للقطب الأميركي.
لقد خدع الروس في ليبيا وها هم الأميركيون يدخلون كوبا بعد خمسين عاماً بعد أزمة الصواريخ الكوبية، لقد تصحر نفوذ الإتحاد السوفياتي السابق ولم تستطع روسيا النهوض من كبوتها إلا بعد صمود سوريا وحلف المقاومة، فإن أخطأ الروس الحسابات أو غرقوا في المقايضات السياسية ،فإنهم سيدفعون ثمناً باهظاً وهو تفكيك روسيا وستكون المساجد المتنقلة في شوارع موسكو غرف عمليات متنقلة لإقلاق روسيا خاصة أن التكفيريين سيستفيدون من القمع التاريخي للمسلمين في الإتحاد السوفياتي ولم تبادر الحكومة الروسية في التعويض على المسلمين والمسيحيين (الكنيسة الأرثوذكسية) لإعطاء نوع من الحرية والدور لأن العلماء المسلمين غير التكفيريين قادرون على محاربة داعش والقاعدة في الوسط الإسلامي أكثر من المخابرات وقوى الأمن الروسية بسبب الإرث التاريخي الأسود الذي حكم العلاقة بين النظام الشيوعي والمؤسسات الدينية.
التكفيريون على أبواب روسيا وإذا نجحت أميركا في سوريا بعد نجاحها في أفغانستان بإستعمال المارينز التكفيري في حروبها البديلة ستنتقل هذه الجحافل إلى روسيا في المستقبل القريب ولا حاجة للسلاح النووي ،فالسلاح التكفيري قادر على تخريب روسيا وإلغائها من المعادلة السياسية الدولية ... فهل يسقط الروس في الخداع الأميركي أم أنهم سيستفيدون من التجارب الماضية ليحصنوا أنفسهم مع حلفائهم لحفظ السلام العالمي ومكافحة الإرهاب.