الخريف العربي يفكك مجلس التعاون الخليجي
د.نسيب حطيط
تأسس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 من (السعودية – قطر – الكويت – البحرين – الإمارات – عمان) واستثني العراق من عضويته وبعد مضي 32 عاماً على تأسيسه وبدل أن يصل لمستوى "الإتحاد الخليجي" كما تطرح السعودية ،فإنه يسير نحو التفكك والتصدع وننتظر بيان نعيه في وقت قريب وإن كان سيبقى إسماً بلا فعالية حيث لا تجمع دوله أي شراكة سياسية على مستوى المنطقة أو التحالفات الدولية وتتمثل عوائق قيام الإتحاد بأسباب داخلية وخارجية ومنها:
على الصعيد الداخلي:
- تباين على المستوى العقائدي فتتوزع معتقدات الخليجيين بين المذاهب الخمسة والفكر الوهابي –والسلفي التكفيري – والأباضية وعلى مستوى الإسلام السياسي بين الوهابية – والإخوان المسلمون – السلفية التكفيرية (القاعدة).
- الخلافات الحدودية بين البحرين وقطر، والخلافات الحدودية بين السعودية من جهة وعمان والكويت والإمارات وقطر من جهة أخرى.
- إنسحاب الإمارات من الإتحاد النقدي الخليجي.
- إنسحاب عمان من مشروع العملة الخليجية الموحدة.
- عدم وجود التأشيرة الخليجية الموحدة ومنع الإماراتيين من دخول السعودية ببطاقة الهوية بسبب خريطة الإمارات.
- الإختلاف بين أنظمة الحكم فبعضها يعتمد بعض ظواهر الديمقراطية (إنتخابات برلمانية) وأكثرها لا يزال ملكياً أو وراثياً.
- تباين في السلوكيات والحريات العامة والشخصية فبين الكويت والإمارات والبحرين والسعودية فوارق شاسعة ومتناقضة بين السباحة على الشاطىء وبين منع المرأة لقيادة السيارة ولبس البرقع.
أما على الصعيد الخارجي :
- تتجاذب مجلس التعاون عدة إتجاهات ومواقف متعددة وتغيب عنه وحدة الموقف ووحدة السلوك والأهداف.
- تنقسم دول مجلس التعاون حول الموقف من جماعة الإخوان المسلمين فبعضها يؤيد (قطر..) والآخرون يقودون الحملة المضادة لإسقاط الإخوان (السعودية – الإمارات..)
- يختلف الخليجيون حول إيران فبعضهم يدعو للحوار وبعضهم للعداء والدعوة لحصار إيران وضربها عسكرياً.
- بدء التذبذب والضياع مما يسمى الربيع العربي، فتتحد قطر والسعودية خصوصاً ضد النظام في سوريا وتختلفان، في مصر وبدأ الإختلاف أيضاً في لبنان والموقف من حزب الله فالسعودية تشن حملة سياسية وأمنية ضد الحزب وقطر تعيد الحياة لعلاقتها مع الحزب.
- بدأت نار الفتنة والفرز المذهبي الذي نشرته السعودية يعود إلى ساحات دول الخليج لتحترق شعوبها بالنار التي أشعلتها السعودية وقطر في سوريا والعراق واليمن ولبنان وبدأ الفرز والتعصب المذهبي يظهر في (الكويت – السعودية – البحرين...).
- يتفق أكثر الخليجيون حول التفاوض مع إسرائيل وبناء علاقات معها وفي مقدمتهم قطر ويليها السعودية وكان آخر فصولها العلنية لقاء الأمير تركي الفيصل مع الوزير الإسرائيلي ودعوته للخطابة في الكنيست بينما يلوذ بعض الخليجيين بالصمت دون أخذ موقف واضح على مستوى المجلس.
- يظن الخليجيون أن أميركا تحترم "أدواتها" أو حلفائها وظنوا أن من يرقص معهم بالسيف لن يستعمله ضدهم للحفاظ على مصالحه.
- استفاقت السعودية على واقع تجاوز أميركا لدورها وعدم الإستئناس برأيها بالإنفتاح على إيران أو الحل السياسي في سوريا، لم يفهم السعوديون ما فعلته أميركا (بالحمدين) في قطر وتم عزلهم و استبدالهما كما تستبدل إطارات السيارة ويرمى المستعمل منها في مزابل التاريخ،وظن الخليجيون أن أميركا تحترم "أدواتها" أو حلفائها وظنوا أن من يرقص معهم بالسيف لن يستعمله ضدهم للحفاظ على مصالحه.
هل سيستيقظ السعوديون بعدما خسروا مجلس التعاون الخليجي وتم تفريغه وفقدت السعودية قيادة المجلس وسقطت مشاريعها على أعتاب "عمان" وتصديها لإعلان الإتحاد الخليجي، و عند أعتاب قطر التي تنافسها واستدرجتها للهرولة نحو إسرائيل فإنكشفت عورة السعودية وتساوت مع قطر.
لقد استدرج الأميركيون السعودية بواسطة بندر بن سلطان وبدأ الإحتراق السعودي في سوريا والخليج ولبنان ومصر واليمن بالتزامن مع الوضع الداخلي الحرج والخطير بين تيارات العائلة المالكة والمعارضة السعودية، وإرهاصات الإنقلاب على المؤسسة الدينية و تغلغل القاعدة والفكر التكفيري الذي يهدد وحدة المملكة.
مجلس التعاون الخليجي يتصدع ويتفكك بعدما تصدعت الجامعة العربية مقدمة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي رسمته أميركا ولم تستطع إنجازه بالغزو المباشر أو الحروب الإسرائيلية المباشرة فاعتمدت "التكفيريين" والوهابيين لتفتيت العالم العربي بما فيها السعودية والخليج.
تتصرف السعودية بإنفعال وارتباك أخرجاها عن عقلانيتها وهدوئها ،وتتصرف كنظام انقلابي مراهق يعتمد الأسلوب العنفي -الإرهابي لفرض ارائها وسياستها في المنطقة فهي بدأت ترحيل العمال الأفارقة واليمنيين وبعض السوريين وتهدد بترحيل اللبنانيين المؤيدين للمقاومة ،وتعيش هاجس الخوف والشك والريبة من الجميع ... السعودية في لحظة انفعال يهددها بالتفجير والفوضى نتيجة لعبها القمار السياسي والأمني في الدول العربية مرتكزة على الفكر التكفيري والحسابات المصرفية وبراميل النفط وكلها اوهن من بيت العنكبو ، وستستيقظ السعودية من سراب احلام الزعامة العربية والإسلامية لتجد نفسها على هاوية التفكك والتقسيم وضياع الحكم الملكي لأن من يعتدي على احكام الله (جهاد النكاح)وعلى عباد الله (الذبح والإتصاب وتدمير المساجد والبيوت ) فإن الله سبحانه يمهل ولايهمل !