الخـداع التركـي بيـن طـرد السفيـر ونشـر الـدرع الصاروخيـة
د.نسيب حطيط
اثناء مناقشة وموافقة البرلمان التركي على إرسال قوات للعراق ، دعا رئيس الحكومة التركية أردوغان أعضاء حزبه البرلمانيين لأن يفكروا في مصالح تركيا بمستوى عال غير ضيق، ذلك أن هناك موقفا ثابتا في العلاقات الخارجية التركية منذ انضمامها لحلف الأطلسي(الناتو) عام 1952م، وهو أن الطريق إلى العالم الغربي وأسواقه ومحافله تفتح لتركيا عبر بوابة تل أبيب.
يتعاطى المسؤولون الأتراك مع الشعوب العربية وحكامها بمنطق السيد والعبد،و بأنهم مخلوقات ساذجة وعاطفية، ، ، وينخدعون بالمواقف الظاهرية وعدم التعمق في الأمور، ويتصرف الأتراك بمنطق الوصي أو ولي الأمر للقاصرين العرب ،بعدما بيعت الشعوب العربية لحكامها المدعومين أميركيا وغربيا من رؤساء وملوك وأمراء ليتحولوا إلى رعايا وتابعين ومن أملاك الحاكم وجواريه وغلمانه.
والمشكلة أن العرب تحكمهم الطيبة وحسن الظن بالآخر، ففتحوا أبوابهم للأتراك ،وتعاملوا على أساس الأخوة الإسلامية وصدقوا المواقف التركية ضد إسرائيل، لكن سرعان ما انكشف الخداع التركي ودورها نيابةعن حلف الناتو لتفجير أخر قلعة ممانعة ومقاومة في النظام الرسمي العربي في سوريا، فاحتضنت تركيا ما يسمى المعارضة السورية في الخارج واستغلت بشكل سافر قضية اللاجئين السوريين لإستعمالهم كنافذة للتدخل الدولي وفق الشعار المخادع (حماية المدنيين) واستمرت تركيا باستفزاز القيادة السورية بتحديد المهل الزمنية للإصلاح أو تمثيل دور الأستاذ والوصي،بينما سكتت تركيا عن الإهانة والإذلال الإسرائيلي بعدما صفعت أكثر من مرة منذ حادثة أسطول الحرية وذلكوفق الأحداث التالية :
- لقد قتل الإسرائيليون تسعة شهداء أتراك مدنيين على سفينة مرمرة،وصادروا السفينة وسجنوا الناشطين وصادروا المساعدات ولم ينصتوا لكل الإنذارات التركية ولم يراعوا التحالف التركي -الإسرائيلي والصداقة الثنائية.
- لقد أهانت الخارجية الإسرائيلية السفير التركي حيث اجلسه مممثل وزارة الخارجية الإسرائيلية في مقعد(أدنى)من مقعده في مكتبه الرسمي للإهانة، والقول أنتم الأتراك أقل شأنا من الإسرائيليين.
- طالب الأتراك حتى جف ريقهم بإعتذارإسرائيلي عن جريمة مرمرة ، ولم يعط الصهاينة أذانا صاغية ،وأجابوا بابتسامات ساخرة واستهزاء مذل للأتراك، بينما سارع الصهاينة للإعتذار من مصر بعد مقتل العسكريين المصريين مما يدل على التعامل الإسرائيلي المهين مع الأصدقاء الأتراك.
بعد ذلك ولتغطيه الدور التركي المتواطئ والمتحالف مع أميركا وحلف الناتو عبر نشر الدرع الصاروخية على أراضيها ضد إيران وروسيا وسوريا، ولتغطيه الدور التركي المشبوه في سوريا واحتضان المسلحين السوريين باسم المعارضة، سارعت تركيا بعد تقرير الأمم المتحدة الذي شرع حصار غزة ولم ينصف الأتراك بل برر للإسرائيليين جريمتهم، فقد حاول أردوغان استعراض قواه و استعادة عنفوانه فطرد السفير الإسرائيلي ولكنه لم يقطع العلاقات الدبلوماسية والتي تأسست عام 1949 بعد اعتراف ايران الشاه بإسرائيل ، والتي قطعتها الثورة الإسلامية بعد انتصارها عام 1978 وفتحت سفارة فلسطين ،وأعلنت تركيا تجميد التعاون العسكري لكنها لم تلغ الاتفاقيات العسكرية ،مع الإشارة الى اتفاقية امداد اسرائيل بالمياه التركية،والتي لازالت قائمة ،وهدد الإسرائيليين لكنه تناسى أنه عضو في الناتو وأنه ملزم بتنفيذ كل الاتفاقيات الموقعة بين الناتو وإسرائيل والتي تفوق العشرين اتفاقية .
لا يزال الأتراك وللأسف باسم الإسلام عبر حزب العدالة والتنمية يمارسون الخداع والنفاق السياسي والسلوكي والضحك على العرب بدعمهم للقضية الفلسطينية التي يعرفون أنها كلمة السر للدخول للعالم العربي والمشاركة السياسية والانفتاح الاقتصادي، ويدعمونها من منطلق التجارة والاستثمار السياسي، وليس على أساس عقائدي وإنساني ويسرعون الخطى قبل أن تستفيق مصر من سباتها وتستعيد دورها العربي والإسلامي الذي سيسحب البساط من تحت أقدام الأتراك الإنتهازيين.
وقبل أن تستعيد سوريا عافيتها ودورها والذي سيعيد إقفال الأبواب أمام الأتراك الذين لم يكونوا أوفياء بعدما شرعت سوريا أبوابها لهم ليدخلوا الشرق الأوسط كلاعب إقليمي فلما دخلوا البيت السوري مارسوا الخيانة وحاولوا إحتلال البيت وطرد ساكنيه،في إستعادة لأيام(سفربرلك)ومشانق دمشق وبيروت و أفران عكا التي أحرقت كتب الفكرالإسلامي.
إننا نراهن على الشعب التركي المسلم الذي يؤكد كل يوم جذوره الإسلامية وقدرته على مقاومة(التغريب)والتتريك باسم العلمانية المشبوهة والذي لا يزال متمسكا بعقيدته الإسلامية ومثلما انتصر على العلمانية ورموزها سينتصر على المخادعين الإسلاميين المصنعين أميركيا والذين لا يزال الحجاب ممنوعا بعد انقضاء عشر سنوات على استلامهم مقاليد الحكم، والذين لا يزالوا يقمعون الأكراد(المسلمين السنة)في داخل تركيا وخارجها للتأكيد بأن الإنتماء المذهبي لا يشفع عند أميركا واتباعها من الحكام، فأميركا عدو للإسلام بمذاهبه جميعها دون تمييز أو رحمة وضد الشعوب ومع الحكام ما داموا يحمون مصالحها، والديمقراطية وحقوق الإنسان أسلحة ديمقراطية وناعمة للسيطرة والغزو،فأميركا ليس لها حلفاء سوى الكيان الإسرائيلي والآخرون ليسوا إلا أدوات تنفيذية وأقنعة إقليمية ومحلية.
نحن لسنا ضد اي موقف صادق تتخذه القيادة التركية لكننا وفق المثل القائل(المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)فسوء الظن من حسن الفطن، والحذر واجب ومطلوب ولننتظر الآتي من الأيام فإذا بقيت تركيا على موقفها المناهض لإسرائيل فهذا ما يثلج صدورنا ،لأننا نعتقد أن فلسطين والقدس قضية إسلامية وليست فلسطينية أو عربية فقط، وهذا ما يزيد من شمولية جبهة المواجهة لإسرائيل، وإذا تراجعت تركيا وخادعت نكون في مأمن من الأفخاخ التي تنصبها اميركا ومن الطوابير الخامسة من(معارضات) مشبوهة ودول مشبوهة ومفكرين مشبوهين وإعلام مشبوه.
وحمى الله هذه الأمة من شر الطغاة وكيد ونفاق الضعفاء والتجار والانتهازيين مع اعتقادنا أن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين وكنيسة القيامة وموطئ الإسراء والمعراج لن تسقط أبدا بيد الصهاينة وسيأتي اليوم وتعود إلى طهارتها التي دنسها الصهاينة.
3 يوليو 1950: سيف الله إسين، أول سفير لتركيا في إسرائيل، يتحدث مع الرئيس حاييم وايزمان، وزير الخارجية موشيه شارت، عقب حفل تقديم أوراق اعتماده في رحوڤوت. ومنذ ذلك الحين أصبح إسين مدافعاً قوياً عن إسرائيل في تركيا.