الربيع العربي يشعل جمرته الخامسة
د.نسيب حطيط
أشعلت إسرائيل العام الخامس للربيع العربي بغارة على مثلث المقاومة في الجولان (سوريا – إيران – لبنان) لتبدأ المرحلة الثانية من الربيع العربي بعدما أشعل البوعزيزي المرحلة الأولى بنفسه إحتجاجاً فكانت ثورة تونس التي أسقطت زين العابدين بن علي في يناير 2011 وبدأ ما يسمى بالربيع العربي لتستعيد الشعوب حريتها وحقوقها والقرار المستقل.
إنتقلت عدوى الثورة التونسية إلى مصر فكانت ثورة 25 يناير 2011 التي أجبرت الرئيس مبارك على التنحي في شباط 2011. وإنتقلت الثورة إلى اليمن وبعدها في ليبيا ضد القذافي وبعدها في آذار 2011 إشتعلت الثورة في سوريا وبعد أربع سنوات من الربيع العربي ،كان الحصاد كارثياً ولن يزهر ربيع أو يستقر أمن أو إستعادة كيان إلا بعد عقود عديدة وأنتج الربيع الدموي الأسود ما يلي:
- سقط الرؤساء الفراعنة والملوك ،القذافي مقتولاً برصاص فرنسي ومبارك مسجوناً - على طريق البراءة – وزين العابدين لاجئاً في السعودية وعلي صالح عاد لليمن شريكاً في السلطة والرئيس الأسد مقاوماً صامداً بوجه الإعصار التكفيري والمتعدد الأسماء دولياً وإقليمياً.
- إنهارت الدول وسقطت المؤسسات ،فليبيا لا زالت تحترق ويتقاتل التكفيريون والعلمانيون، قبائل وجهات ،حكومتين وميليشيات متعددة ونفط مسروق وانتقلت من جماهيرية العبث الوهمي إلى مجزرة القتل اليومي والتقسيم الزاحف إلى ليبيا والإستعمار الأميركي الجديد للسيطرة على النفط والجغرافيا.
- اليمن وإنقلاب المعادلات والقتال المستمر وإنهيار الدولة وتسلل القاعدة وهزيمة السعودية في حديقتها الخلفية.
- أما في سوريا ، ساحة الصراع المركزية والتي استطاعت بصمود محور المقاومة كشف خداع الربيع الأسود وفضحت إستغلال أميركا وحلفائها لمعاناة الناس ومطالبهم وكيف استعملهم الأميركيون والخليجيون حطباً ووقوداً لمشروعهم الشرق أوسطي الجديد وجسر عبور لتفكيك الدول وتقسيمها.... صمدت سوريا وحلفائها فأستنزفها الأميركيون بواسطة التكفيريين لكنها استنزفت الأميركيين والأتراك ومتعددي الأنياب، فجربوا كل الوسائل المتوحشة وغير الأخلاقية وفشلوا في إسقاط الدولة والنظام وإنكشفت مؤامرتهم واعترفوا أخيراً بلسان أميركي "وجوب حضور الرئيس الأسد على طاولة المفاوضات" وأن الحل السياسي هو الأوحد لحل الأزمة السورية.
والسؤال المطروح ... أين الشعوب وأحزابها في الربيع الأسود ؟
في تونس إنتخب الناس الباجي السبسي وزير داخلية الحبيب بورقيبة عما 1970 وثورة الشباب أنتجت إبن الثمانين وحركة النهضة تراجعت والتكفيريون يقرعون الأبواب.
سقط الأخوان المسلمين في مصر وسقطت أحلام ثمانين عاماً من العمل والتنظيم وسقط مشروع الإسلام السياسي المهجن أميركياً وإنكليزياً وطعن الإسلام وأضحى رهينة تجربتين...تجربة الأخوان المتحجرة الجامدة وتجربة التكفيريين المتوحشة والتي غيرت وجه الإسلام وصنعت إسلاماً جديداً لا يمت للإسلام الأصيل إلا بإنتحال الصفة !
الربيع العربي يبدأ مرحلته ماقبل الأخيرة من مسيرته وفق مراحل أربعة ما يلي:
- بدء الثورات بتحركات شعبية محلية دون تدخل ظاهر من الخارج الذي كان مختبئاً وراء الكواليس والأقنعة بما سمي ثورات الفايسبوك وانتهت بإسقاط الرؤساء.
- نشر الفوضى الخلاقة أميركياً والهدامة ميدانياً وتخريب البلاد والمجتمعات بشكل منهجي وتثبيت وقائع ديمغرافية جديدة وفق تهجير طائفي ومذهبي وقومي لبناء مداميك الدول والكيانات الجديدة.
- سيطرة الجماعات التكفيرية المسلحة على الجغرافيا والثورات وإقصاء المعارضات المحلية وأهل البلد ،فأصبحت داعش والنصرة وأنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس بديلاً عن أحزاب المعارضة والأخوان المسلمين والإئتلاف السوري ، أنتهت الثورات الشعبية لصالح الخلاقة الوهمية والمزورة.
- بدأت بالغارة الإسرائيلية ضد المقاومة في القنيطرة والتي ستشكل منعطفاً مفصلياً في الصراع العربي- الإسرائيلي والربيع الأسود وبدء المواجهة المباشرة بين المحور المقاوم والمحور الأميركي- الصهيوني والإشتباك دون قفازات أو أقنعة ،حيث نزل اللاعبون الحقيقيون ،بعدما استنزفت القوى البديلة والأدوات، مما يعني توسيع رقعة جغرافيا المواجهة بين المحورين.
الربيع الأميركي -الصهيوني أحرق بلادنا وعاشت الأمة الخريف الدموي ... فهل سيبدأ الخريف الغربي والخليجي والإسرائيلي ويبدأ الربيع الحقيقي لأمتنا بإعلان الإنتصار بعدما صمدنا 4 سنوات