بعد العراق وأفغانستان،بدأت أميركا بتحضير الساحة للإنقضاض على اليمن ووحدته وإستقلاله،ليسهل على الإدارة الأميركية ،السيطرة على خليج عدن البوابة الإستراتيجية للعالم العربي بعد الإمساك بالخليج العربي بإحتلال العراق ومعاهدات الدفاع المشترك مع الدول الخليجية ، ويصبح العالم العربي محاصرا بالأخطبوط الأميركي – الصهيوني عبر ثلاثة قواعد تتمثل بإسرائيل على النيل والبحر المتوسط ،والإحتلال الأميركي في العراق على مضيق هرمز ، والإحتلال الأميركي على خليج عدن(1) ، حيث يتم تهميش العالم العربي من خلال التحكم المباشر بإدارته السياسية والإقتصادية وعبر الفتن بين الدول العربية أو الحروب الأهلية المذهبية والطائفية ولم يبقى من العالم العربي كقوة مركزية سوى السعودية ومصر وسوريا ،وقد استطاعت سوريا أن تنجو من الحصار وزعزعة نظامها من خلال منظومة الأمان لقوة المقاومة والممانعة اما مصر فان الإدارة الأميركية استدرجتها لتقييدها عبر عزلها من خلال موقعها الملتبس والسلبي من حضار غزة ومقاطعتها لسوريا وتصديها لحزب الله ومن وراءه إيران وأربكت مصر واستغلت أميركا وإسرائيل الإرباك المصري لتأمين التوريث الرئاسي للإنقياد الأعمى للتعليمات الأميركية مع ملف من ملفات الفتنة الجديدة وهي مشكلة الأقباط التي تنذر بعواقب خطيرة بعد احتضانها أوروبيا ومن الفاتيكان لأول مرة .
حيث ان صواعق التفجير الداخلي للنظام وللكيان المصري أصبحت قيد الإعداد في اللحظة المناسبة كما جرى للسودان في دارفور وجنوب السودان.
أما السعودية التي تمثل المركز الإسلامي كدولة تمثل الشريك الأصلي للسياسة الأميركية على مستوى العالم العربي والإسلامي فإنها تمثل في العين الأميركية هدفا إستراتيجيا للإمساك بها من خلال توريطها وإستدراجها لحروب على حدودها ولفتن داخلية مما يستدعي عرضا أميركيا على المملكة بحجة حمايتها والدفاع عنها عبر معاهدات للدفاع المشترك التي تستوجب تواجدا أميركيا دائما في المملكة مع محاذيره الداخلية دينيا وإجتماعيا وإن إعلان النوايا الأميركي بالتواجد في اليمن سيجعل السعودية محاصرة بالقوات الأميركية في العراق وبالقوات الأميركية في اليمن وإذا كان المجتمع السعودي لم يتحمل الإصلاحات الطفيفة والبسيطة التي بدأها الملك عبد الله التي لم تتجاوز حدود السماح بالإختلاط على مستوى الجامعة فكيف يمكن لهذا المجتمع أن يتحمل قضايا خطيرة وكبرى مثل التواجد الأميركي على الأرض السعودية، هذا المجتمع الذي تربى على السلفية المفرطة في الجمود والتي أطلق لها العنان على المستوى العسكري بمسميات منها القاعدة أو طالبان أو جماعات الجهاد او التكفيريين الذين أطلقوا من افكارهم المتحجرة ولا يمكن السيطرة عليهم ساعة يشاء من أطلقهم، لذا فإن حرب اليمن تشكل النفق المظلم الذي أستدرجت إليه السعودية عبر اليمن والذي يمكن أن يطيح بالكيانين معا لصالح إمارات وكيانات تنتج عن التفتيت والتقسيم.
وإذا كانت حرب اليمن قد أغرقت الرئيس المصري عبد الناصر لعدة سنوات ولم يستطع حسم المعركة بل خسر على جبهته الرئيسية ضد الإحتلال الإسرائيلي عام 1967 مع الإمكانيات الضخمة التي يمتلكها على المستوى العسكري والميداني وتواجد بعض القوى اليمنية الداخلية المتحالفة معها فكيف يمكن للسعودية التي لا تمتلك نفس الإمكانيات ولا نفس القدرات أن تحسم هذه المعركة لصالحها حيث تظهر الوقائع الميدانية إستحالة ذلك وأن كل يوم من المناوشات يغرق السعودية في الرمال المتحركة اليمنية، ولم تبادر أي جهة إقليمية أو دولية لإطلاق مبادرة تنقذ السعوديين واليمنيين على اختلاف مكوناتهم من هذا المأزق الوجودي الخطر ومن حق السعوديين على العرب خاصة، المبادرة للمساعدة، لأن السعودية لعبت دورا مهما في العقود الماضية للقيام بمصالحات بينية في العالم العربي ولها الحق على الأشقاء أن يهبوا لمساعدتها.... لكن السؤال الأكثر إلحاحا هل تسمح الإدارة الأميركية لأحد أن يوقف هذه الحرب التي تؤمن المصالح الأميركية دون خسائر مباشرة كما يدفع الأميركيون في العراق وأفغانستان حيث أن القاتل والمقتول كلاهما من الأعداء المفترضين لأميركا وإسرائيل،وأول الغيث الإستعماري الأميركي لليمن هو الوجود النوعي على المستوى الأمني والعسكري في اليمن الذي تطور إلى سماح للأميركيين بإستعمال جزر سقطرى اليمنية كقاعدة أميركية على خليج عدن.
إن آخر ضحايا العالم العربي للمشروع الأميركي المسمى الشرق الأوسط الجديد في السعودية واليمن، بعدما تعثر هذا المشروع وإنكفأ على الجبهة اللبنانية والجبهة الفلسطينية بعد حرب 2006 وحرب غزة 2008، فالمشروع الأميركي خلافا لما يظنه البعض فإنه لم ينهزم ولم يسقط، بل تلقى بعض الضربات القاسية ،فأعاد إنتشاره السياسي والعسكري مع ثابتة أساسية هي عدم مغادرته للمنطقة فإذا خسر في بلد ما أو بقعة جغرافية فإنه يفتش عن موطئ قدم في جهة أخرى فالشرق الأوسط الجديد وخاصة المنطقة العربية يمثلان الهدف الإستراتيجي للتوسع الأميركي لإحتكار النفط العربي ونفط الخليج بما فيه النفط الإيراني والهدف الثاني هو حماية الكيان الإسرائيلي الصهيوني المهدد بالزوال، والذي لم بعد قادرا على حماية نفسه أو لعب الشرطي الفولاذي للمنطقة، وبالتالي فإن قوى المقاومة والممانعة مدعوة للتنسيق على مستوى الأمة وتجاوز الإختلافات العقائدية والمذهبية لأن المشروع الأميركي – الصهيوني لا يهمه فكرك الذي تحمل بل ما تحمل أرضك من ثروات والمهم أن تكون أداة وعبدا للتعليمات الأميركية.