السيسي رئيساً مصر إلى أين
د.نسيب حطيط
صمدت سوريا ومحور المقاومة فترنح المشروع الصهيو-أميركي وبدأ بالتراجع وأرغمه على تغيير الوكيل العام لما يسمى الربيع العربي المتمثل بجماعة الإخوان المسلمون وبدأ تفكيك عقد المقاولة السياسية بين الغرب والإخوان المسلمين عبر الوسيط التركي عضو الناتو والحليف الإستراتيجي للعدو الإسرائيلي والناطق بإسمه رئيس الوزراء أردوغان.
بدأت منظومة الإسلاميين الجدد بالتفكك وبدأت أميركا بمعالجة كل ساحة على إنفراد ولكن بأسلوب إعادة إنتخاب الجيوش ففي الجزائر انتخب الجيش ممثلاً بالرئيس أبو تفليقة (على كرسي متحرك) وفي ليبيا تم استيلاء اللواء (حفتر) على رأس الجيش الوطني وإلغاء منظومة الثورة المفككة والركيكة وإعادة إنتخاب نوري المالكي في العراق لاستكمال حربه ضد داعش،أما في مصر و بعد أن سقط الإخوان تحولوا إلى جماعة إرهابية حتى في اللائحة السعودية وعوقبت قطر لدعمها الإخوان، لقد تحول الإخوان المسلمون في مصر إلى ما يشبه (داعش) والنصرة في سوريا لقيامهم أو تغطيتهم الأعمال الإرهابية في مصر.
ناشد المصريون الجيش المصري واحتموا به ليكون ملجأهم من بطش الإخوان ومصادرتهم لمفاتيح الجنة في الآخرة بعد أن صادروا أبواب الدنيا واحتكروا المؤسسات واستعبدوا الشعب والجمهور.
تحول السيسي إلى المنقذ والمخلص ويبالغ المصريون في تفاؤلهم وأحلامهم ويحملون المشير السيسي أكثر مما يستطيع حتى لو تعهد بذلك فمشاكل مصر كبيرة ومعقدة وإحتياجاتها فوق الممكن ولا يمكن إصلاح ما أفسده السلف خلال العقود الماضية، يواجه المشير السيسي (الرئيس المفترض) مشاكل عديدة داخلية وخارجية. فعلى الصعيد الخارجي:
- يرزح السيسي تحت عبء المساعدة والدعم السعودي له.... والسؤال كيف سيرد السيسي هذا الجميل والمكرمات الملكية ؟وهل ستجر الجيش المصري لمساعدة السعودية في الأيام الصعبة القادمة داخلياً وخارجياً ؟
- هل سيكون السيسي حليفاً للولايات المتحدة الأميركية بشكل واضح أم غامض وهل سيعطى دوراً أقليمياً بالتعاون مع السعودية (سنة عرب) للتوازن مع إيران (شيعة فرس) والأتراك (سنة أتراك) لإقامة مثلث للتوازن الإسلامي بحيث تصبح مصر والسعودية بيضة القبان وعلاقاتها المفتوحة إسرائيل وأميركا يوازن بين إيجابية التحالف التركي الإسرائيلي وسلبية العداء الإيراني-الإسرائيلي.
- ماهو دور السيسي والنظام الجديد في القضية الفلسطينية وهل بدأت تصفية حركة حماس ومن بعدها المقاومة الفلسطينية والتي ساهمت حماس بقصد أو غباء بالذهاب إلى المقصلة عندما رهنت وجودها بالإخوان المسلمين ولم تربطه بتحرير فلسطين !!
- هل سيكون السيسي من مجموعة (الرؤساء الأقوياء) في العالم العربي لضرب الإرهاب الذي سيهدد أميركا والغرب في المستقبل القريب ولذا سارع الغرب لإعادة إنتخاب الجنرالات والجيوش للنجاة من بطش التكفيريين العائدين من سوريا (السوريون الغربيين).
- هل سيقايض السيسي ديون مصر بالمواقف السياسية وتدخل الجيش المصري خارج الحدود ليكون جيش إمارات الخليج الإحتياطي ؟
أما في الداخل المصري فإن التحديات كبيرة ومتشعبة ومنها:
- تهديد الإخوان المسلمين للنظام والشعب وسيبقون مصدر إزعاج وتهديد وتخريب للإقتصاد والسياحة والأمن مما يزعزع الدولة المصرية ويجعلها دولة أمنية بإمتياز.
- كيف سيعالج التضخم السكاني المتزايد بشكل كثيف وكيف سيلبي متطلبات الإسكان والصحة والتعليم وتأمين المواد المعيشية في ظل أمن معدوم وبطالة مفتوحة!
- كيف سيعالج إعادة بناء الدولة المنهارة والمتصدعة ؟
مصر أمام إختبار صعب وهي على تخوم والفوضى النار في ليبيا وسيناء والسودان وستشتعل النار في داخلها عبر الإخوان المسلمين وأنصار بيت المقدس،فهل سيكفي "النيل" لإطفاء الحريق المصري؟
مصر تعيش حالة إنفصام مركبة ففي العقيدة صراع بين الوهابية والأزهر بالتلازم مع التحالف بين الوهابية السياسية والنظام المتحالف مع الأزهر !!
مصر في ظروف قاسية تتجاوز قساوة الأوضاع قبيل ثورة تموز 1952فهي تعيش حالة الرؤوس والتشكيلات المتعددة التي بدأت العمل المسلح الذي تشرعه فتاوى التكفير "الكافرة" والتي حولت الرأي السياسي لأي جماعة أو شيخ أو شخص إلى فتوى شرعية تصل بقداستها أو تتجاوز النص القرآني والحكم الإلهي حتى صرنا نعيش في عصر الآلهة المتعددة من أصنام بشرية متحركة تلبس عمامات لتحمل لقب العالم أو الشيخ أو تملك لقب الأمير أو الملك وصولاً إلى لقب "ولي الأمر" الواجب الطاعة باراً كان أم فاجراً في استخدام مزور للرسالة الإسلامية.
مصر بين فتاوى الجاهلين وجشع الأمراء والملوك وقيادة العسكر وأحلام البسطاء... هل تصل إلى بر الأمان أو تعبر إلى الفوضى المدمرة... دعاؤنا أن يحمي الله سبحانه مصر وشعبها وأن تعود إلى دورها القومي والإسلامي لمناهضة المشروع الصهيو- أميركي.
سياسي لبناني