الشباب الفلسطيني ونكبة الهجرة بدل حق العودة
د.نسيب حطيط
صدمت الأوساط الشعبية والوطنية بمظاهرات الشباب الفلسطيني في المخيمات ،للمطالبة بفتح باب الهجرة وتسهيلها إلى الدول الأوروبية والعربية بدلاً من المطالبة بحق العودة إلى فلسطين وهرباً من البطالة والملل الذي يعيشه الشباب الفلسطيني داخل المخيمات ويأتي هذا التحرك الذي يمكن للبعض وصفه بالمشبوه ويصفه البعض الآخر "بالإنتحار الجماعي" بعيداً عن الإتهام وقد سبقت هذه الخطوة وترحيب السلطة الفلسطينية وسلطة غزة بالخطوة القطرية لإعطاء 40 ألف تأشيرة عمل للشباب الفلسطيني في الصفة والقطاع للعمل في المنشآت الرياضية في قطر مما يفرغ ساحة الداخل الفلسطيني من الشباب الذي يشكل وقود أي إنتفاضة جديدة أو مقاومة داخل الأراضي المحتلة تطبيقاً لما قاله وزير الخارجية القطري المقال محمد بن جاسم مع بداية الحريق العربي "لقد انتهت حركة حماس كحركة مقاومة مسلحة".
إن العمل على شطب حق العودة من المفكرة الفلسطينية يظهر عبر ثلاثة عوامل تتكامل مع بعضها لإتمام المؤامرة وهي:
- إخراج الشباب الفلسطيني بواسطة عقود عمل إلى الخليج وقد بدأت قطر ويمكن أن تتوسع عملية إستقدام العمالة الفلسطينية إلى الخليج .
- مطالبة الشباب الفلسطيني في سوريا ولبنان بالهجرة وترك المخيمات طلباً لظروف أفضل للعيش وإفراغ المخيمات من خزان المقاومة وإحداث هوة بين الأجيال المقاومة التي شاخت وبين الأجيال الجديدة لتحقيق منافع المقاومة وشباب حق العودة.
- إغراق الفصائل الفلسطينية وقياداتها في آتون الحريق العربي وإنحراف بوصلة البنادق الفلسطينية فتصوروا المحنة الكبرى عندما يعلن العراق أن عدد الإنتحاريين الفلسطينيين ضد المدن في العراق بلغ 1200 إنتحاري من أصل 2300 إنتحاري ما بين العامين 2007 – 2013 !!
تصوروا المحنة والمأساة عبر ترك الشباب الفلسطيني أراضي 1948 المحتلة وكذلك شباب غزة والهجرة المعاكسة وتجاوز حواجز الإحتلال الإسرائيلي بهدف القتال في سوريا وتحريرها من الجيش العربي السوري وتعميم الديمقراطية ....... وهم الذين لم يستطيعوا تحقيق المصالحة بين فتح وحماس منذ سنين !!
فلسطين باعها بعض الملوك والأنظمة قبيل تسليمها للصهاينة وتباع مرة أخرى من أهلها وبعض فصائلها ومقاوميها الذين يريدون تحريرها من فنادق قطر وتركيا !!
"الحريق العربي" يدمر البلاد العربية، ويستنزف مقاوميها وجيوشها الوطنية للتمهيد لتدمير القضية الفلسطينية بعدما شغلت الشعوب والأنظمة بأنفسها وبعدما ارتكب بعض الفلسطينيين خطية التدخل في مصر وسوريا وتركوا قضيتهم وتحولوا إلى ذراع جهادية للإخوان المسلمين، بدل أن يبقوا ذراعاً جهادية للشعب الفلسطيني لإسترجاع أرضه.
فلسطين اليوم تبيعها بعض الفصائل كما تباع بعض النازحات السوريات لمشايخ وكبار السن بعنوان خادع هو زواج السترة أو العيش الكريم، تباع فلسطين بثمن بخس لا تعدو أضغاث أحلام ورغبات وعيش رغيد في الفنادق والسيطرة على السلطة في سوريا ومصر تماماً كما توهم بعض الفلسطينيين في لبنان قبل الإجتياح الإسرائيلي عام 1982 وكانت النتيجة خراب لبنان ونفي المقاومة الفلسطينية إلى تونس !!
أيها الإخوة الفلسطينيون
لا تقتلوا رفاقكم في خنادق المقاومة لتدفعوا مهر الصداقة مع قطر وتركيا ومن ورائهما أميركا وإسرائيل !!
- عودوا إلى تثقيف الشباب الفلسطيني بفكر المقاومة من أجل تحرير فلسطين وليس لتحرير وإسقاط الأنظمة العربية بسبب التعصب المذهبي .
- أعيدوا بناء منظماتكم الشبابية لتبقى راية فلسطين وشعلتها مضاءة لأيام النصر القادم.
- لا تجعلوا البندقية والأيدي الفلسطينية سلعة للإتجار أو الإستثمار أو المشاريع المشبوهة والخاطئة فالأنظمة التي باعتكم وتركتكم ستين عاماً لا تشفق عليكم الآن ولا تريد تحرير أرضكم بل إستغلالكم لقتال المقاومين الذين لا يزالون يفكرون بالقدس وفلسطين ويجب معاقبتهم ...وللأسف بأيد فلسطينية تنقل السيارات المفخخة إلى الضاحية الجنوبية وتخون الشهداء أبو جهاد وفتحي الشقاي والشيخ احمد ياسين ويحي عياش وسرايا القدس وكتائب القسائم وكل الشهداء والمقاومين الفلسطينيين الذين فجروا في إيلات وتل أبيب وحيفا وغزة والضفة.
أيها الإخوة الفلسطينيون
الضاحية الجنوبية ليست تل أبيب.... وأهلها ليسوا من الفلاشا أو الصهاينة الذين استوطنوا مخيماتكم وأرضكم ... أهل الضاحية هم من حضنوكم فلا تحضنوا من يفجرهم... وأنقذوا المخيمات من الجماعات التكفيرية المضللة او المشبوهة التي ستحول كل مخيماتكم الى مايشبه اليرموك ونهر البارد .
أيها الإخوة الفلسطينيون
لاتكونوا ضحايا الربيع العربي الموهوم ولاترموا بقضيتكم الى التهلكة والضياع .. ويمكن للربيع العربي الجاف والملتهب ان يصل الى حكوماتكم الوهمية والى مخيماتكم بعدما شاخت فصائلكم ولبست قياداتها البدلات الأنيقة وربطات العنق ولم تسكن أزقة المخيمات ولم تذق طعم الوقوف في طوابير مساعدات الأونروا وصبغت وجوهها لتحسين صورتها امام الفضائيات !