الصراع الأردني- الداعشي خداع أم فخ أميركي !
د.نسيب حطيط
أحرقـت داعش الطيار الأردني معاذ الكساسبة ،فبادر الأردن لإعدام متهمين بالإرهاب وإطلاق سراح أحد منظري التيار السلفي التكفيري أبو محمد المقدسي وقامت بقصف مواقع داعش في العراق وسوريا لمحوها عن الأرض وفق الإعلام الأردني وبالتلازم تستضيف الأردن غرفة العمليات المشتركة لقيادة الإرهاب المسلح في سوريا ضد الدولة والشعب بالتضامن مع العدو الإسرائيلي والمخابرات الأميركية والخليجية.
تظاهر الأردنيون قبل شهر دعماً لداعش في المدن الأردنية ولم يستنكر الأخوان المسلمون حرق الطيار في الوقت الذي ترتبط العشائر الأردنية بعشائر العراق وسوريا التي تحتضن داعش والنصرة والجماعات التكفيرية، فكيف لنظام يدعم الإرهاب في سوريا والعراق أن يحاربه إنتقائيا...وكيف تكون الجماعات التكفيرية إرهابية في شمال سوريا (الرقة) تحديداً ولا تكون في درعا والجولان ؟ و كيف تكون داعش إرهابية خارج الأردن ومناصروها يتظاهرون تحت أعين النظام وحمايته في الأردن ؟
وهل يستطيع طيرانه إنجاز ما عجزت عنه أميركا في اليمن وأفغانستان والتحالف الدولي في العراق؟!
والسؤال المطروح هل تم توريط الأردن بقرار أميركي للغرق في رمال داعش ،لإشعال الفوضى في الداخل الأردني كما في مصر وتونس وليبيا وسوريا والعراق مع هشاشة الوضع الإقتصادي والسياسي والنسيج الإجتماعي للأردن، حيث يشكل المواطنون من أصل فلسطيني اكثر من 50% من الشعب الأردني ويمسكون بالمفاصل الإقتصادية و تجذر الحالة الإسلامية (الأخوان) ورفدها بالحركات السلفية والتكفيرية وإلى فتاوى بإسقاط الحدود (سايكس– بيكو) وإسقاط الدول والكيانات لإقامة دولة الخلافة ومن ضمنها الأردن، فهل يصمد الأردن أمام مشروع الوطن البديل لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ؟
هل حصل الأردن على ضمانات أميركية – إسرائيلية بتحصينه ضد الفوضى بشرط أن يكون بوابة الحزام الأمني على الجبهة السورية – الإسرائيلية في الجولان وصولاً إلى درعا وأن يكون بربارة للتدخل البري سواء في العراق وسوريا ؟
ونتساءل... هل يكون الأردن ضحية الربيع العربي الفاشل ويكون جائزة ترضية للعدو الإسرائيلي بوطن بديل للفلسطينيين ؟
إن الأردن يلعب لعبة حافة الهاوية ويتعاطى مع داعش والمشروع التكفيري بلغة الإنفعال واستعراض العضلات (المحدودة القوة) وكأنه يقاتل عشيرة من عشائر الأردن أو مخيماً فلسطينياً محاصراً في عمان.. ويطير الملك الأردني ليقاتل داعش في سوريا والعراق وهي موجودة في شوارعه ومدارسه وأسواقه وعشائره، فكيف يستطيع قصفها بين مواطنيه الذين ألقى بعضهم المسؤولية عليه وعلى التحالف الدولي ولم يتهم (داعش) كما جرى على لسان النائب الأردني في عزاء الطيار الكساسبة.
إن الأردن الذي يشكل حاضنة لما يسمى المعارضة السورية المسلحة وقاعدة للتدخل الخارجي استمراراً لدوره المشبوه في الصراع العربي – الإسرائيلي ،كنظام له الصفة الوظيفية بعيداً عن صفة الكيان المستقل ،يستعمله الأميركيون اليوم ضمن حلقات مشروعهم التآمري على سوريا والعراق كما استخدموا مخابراته في أفغانستان مع حلف الناتو وكما تسرب عن دوره في إغتيال الشهيد عماد مغنيه في سوريا مع الموساد والسي -آي -أي وكما دوره في الحرب الأهلية اللبنانية.
الظاهر أن الأردن لم يتعلم من تجربة صدام حسين في العراق عندما ورطه الأميركيون بالحرب على الثورة الإسلامية في إيران وتعهد الخليجيون بتمويل الحرب وكان الأردن بوابة الدعم والتسليح للعراق لإسقاط الجمهورية الإسلامية، فصمدت وسقط النظام في العراق ،ثم أعاد الأميركيون توريط صدام للمرة الثانية بغزو الكويت عبر السفيرة غلاسبي فكانت النتيجة تدمير الجيش العراقي وخنق العراق وصولاً لإسقاطه عبر التحالف الدولي بقيادة أميركا ويعيد الملك الأردني تجربة صدام لإسقاط النظام في سوريا وستكون النتيجة مشابهة كما حصل مع صدام الذي اعتقله الأميركيون في حفرة وحاكموه وتم إعدامه... فهل سيستيقظ الأردن من أضغاث أحلامه وينقذ الأردن والوطن العربي من مؤامرات أميركا والعدو الإسرائيلي... مسؤوليتنا جميعاً إنقاذه وإنقاذ الشعب الأردني الشقيق ولكن كما يقول الله سبحانه "لايغير الله ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".