الصراع السعودي القطري يحرق الربيع العربي
د.نسيب حطيط
لقد أعترفت السعودية رغما عنها بإمارة قطر التي تعتبرها جزء من أراضيها من منطقة الإحساء التي اقتطعها الإنكليز عن سيادة العائلة السعودية بحجةأن معظم القبائل القطرية تعود في جذورها إلى نجد ومنها قبيلة آل مرة التي اتهمها القطريون بمساندة السعودية في حادثة مركز الخفوس الحدودي عام 1992 والتي أسست لاتهام قطر للسعوديين بالمشاركة في محاولة الإنقلاب عام 1995 بالتعاون مع الأمير خليفة آل ثاني( المخلوع بالقوة )من ولده الأمير حمد بن خليفة (المخلوع بالتنازل)
تتنافس (قطر الصغرى) مع السعودية الكبرى مستندة إلى احتياطات الغاز واحتياطها المالي بالإضافة إلى الحماية الأميركية والإسرائيلية بحيث تشكل قطر"النافذة " الإسرائيلية المباشرة على العالمين العربي والإسلامي بشكل لا تستطيع السعودية القيام به حتى لو أرادت وإذا استطاعت تقوم به سراً لا علانية.
واكبت قطر ما سمي "بالربيع العربي" ونصبت نفسها ولياً لأمر الثورات العربية وناطقاً رسمياً للجامعة العربية والشعوب والحركات، وتصرفت كممثل شرعي ووحيد للثورات من جهة ووكيلا حصريا للمشروع الأميركي والإسرائيلي بالشراكة مع تركيا الحليف الاستراتيجي لاسرائيل وعضو الناتو بحيث تزاوج (المال القطري) مع (القوة التركية) لصناعة الجسر الإنقلابي لنقل المنطقة إلى أحضان مشروع الشرق الأوسط الأميركي الجديد القائم على الطوائف والقوميات والمذاهب والذي يشطب فيه مصطلح الأمة الواحدة أو الوطن الموحد بل "الولايات العربية المتحدة"
أصيب الثنائي القطري (حمد بن خليفة -حمد بن جاسم ) بالغرور والعجب وغرقوا في الأحلام التي راودتهم وتخيلوا لقب (الأمبراطور العربي) وكذلك الثنائي التركي (أردوغان –أوغلو) على أمجاد السلطنة العثمانية وبين السلطنة العثمانية والأمبراطورية القطرية، غابت السعودية عن المشهد العربي وعن الملف الفلسطيني بعدما أقام خالد مشعل في الدوحة في ظل مكتب الإتصالات الإسرائيلية برفقة عضو الكنيست عزمي بشارة وذلك بفتوى شيخ الإمارة الشيخ القرضاوي.
استيقظ السعوديون فجأة من سباتهم وطلبوا من الأميركيين استعادة زمام المبادرة وذلك لتقييد القطريين وإبعادهم فاستجاب الأميركيون وعزلوا الأميرين (الحمدين) وطلب السعوديون مرة ثانية استلام ما سمي المعارضة السورية (الإئتلاف غير الموحد) بشرط أن تكون رئاسته وفق المنظومة السياسية السعودية قبلية – عشائرية – عائلية، تم تنصيب أحمد الجربا (المطرود من قبيلته) شمر بسبب سلوكه السيء وأبعد القطريون عن الساحة السورية وبدأ ضرب أدواتهم في سوريا من المتطرفين والسلفيين الذين تم تبنيهم من قطر بعدما استولدتهم السعودية وتريد إرجاعهم إلى بيت الطاعة.
انتفض الشعب المصري بالتحالف مع الجيش وتم اسقاط حكم الإخوان المسلمين وبالتالي سقط الدور القطري في مصر فسارعت السعودية إلى حشد الدعم المالي السعودة والإماراتي والكويتي لدعم الثورة الثانية وسد الفراغ القطري ومنع الإبتزاز للثورة، وطالبت السعودية من اميركا عدم مقاومة الثورة علها تستحوذ عليها وتبعد كأس الإخوان العقائدية والسياسية عن السعودية والحركة الوهابية.
ويظهرالصراع السعودي القطري في ساحات أخرى (اليمن – تونس – ليبيا – لبنان) فبعد الإنتصار السعودى على قطر في سوريا ومصر وامتلاك أوراقهما (حاليا) انتقل السعوديون إلى فلسطين وضغطوا لمتابعة المفاوضات وتعزيز دور الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية وتحجيم دور حماس التي تعيش مأزقاً سياسياً وأمنياً مع مصر بعد سقوط الإخوان وإحراق أدواتها في سوريا ومصر ولينان وتحجيم الدور القطري وتحاول السعودية أن تدفع (نقداً) لإسرائيل مقابل تسهيل دورها مع الثوارت العربية باستئناف المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية التي لن تنتج سوى تنازلات فلسطينية وأرباح إسرائيلية وهزيمة قطرية بالشكل حيث خسرت دور "البائع" للقضية الفلسطينية.
تتابع السعودية هجومها تحت ضغط عامل الوقت والميدان، فعلى المستوى الزمني لا بد من إحراز أوراق عديدة قبل مؤتمر جنيف قبل نهاية العام 2013 ولا بد من تحسين ظروف الميدان السوري ومنع تقهقر المعارضة ميدانياً وتشتتها وضعفها عبر المعارك الثنائية بين الأكراد والنصرة وبين النصرة والجيش الحر وبين لجان الدفاع الشعبي والميلشيات المسلحة, فاتجهت السعودية إلى لبنان علها تمسك بالورقة اللبنانية وضرب المقاومة وإزعاجها بالسيارات المفخخة والخطاب المذهبي الطائفي والحصار الإقتصادي عبر إبعاد اللبنانيين المقربين للمقاومة ولكنها ستفشل في لبنان لاعتبار قوة المناعة للمقاومة وتمايز الساحة اللبنانية عن بقية الساحات العربية بالإضافة إلى قلة الخبرة والحنكة السياسية السعودية وسقوط نظرية أن المال يصنع كل شيء ،فيمكن أن يشتري البعض أو يخرب لكنه لا يستطيع أن يبني دولاً أو يصنع ثورات أو زعماء إلا من ورق أو كيانات من رمل.
إن الساحات التونسية والليبية واليمنية بانتظار إشتعال الصراع السعودي القطري لإشعال الحرائق من جديد ولن يرضى القطريون خسارة الدور بسهولة وسيقاتلون ليس من أجل الإنتصار أو الفوز بل من أجل إفشال الدور السعودي وإخراجه أو توريطه في الساحات المشتعلة بانتظار وصول النار إلى الداخل السعودي من نوافذ متعددة.
العرب الأميركيون اشعلوا الساحات العربية وأجهضوا الثورات الشعبية وأفسدوها وحرفوا الإسلام وشوهوه وبددوا الأموال على السلاح والتدمير والذبح وهم يساهمون الأن بالتفتيت البطيء فكما أيدوا تقسيم السودان وولادة دولة جنوب السودان فها هي الظروف تتهيأ لإقامة الدولة الكردية التي ستصيب تركيا بشظايا الحقد ثمن أفعالها في سوريا.
الهجوم السعودي يتقدم على محاور عدة والقطريون يغلقون بوابات إمارتهم طلباً للأمان والسلامة وبناء لطلب اميركي وسيطردون كل من يقاقهم او يزعجهم سواء خالد مشعل أو القرضاوي أو المعارضة السورية، سيعود قادة حماس إلى الإقامة في الطائرة المتنقلة بين مطارات العالم لا يستقبلهم أحد إلا إذا تأسست إمارة (غزة –سيناء) في ذروة الفوضى المصرية.
يستدرج الأميركيون القيادة السعودية للرمال العربية المتحركة كما ورطوا قطروذلك على مشارف بدء الصراع حول العرش بعد الملك عبدالله بين الأحفاد وجناحي (بندر ومحمد بن نايف )!