الفايسبـوك و الثورات العربيـة و اميركا
د.نسيب حطيط
قال ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق(من يملك نفط الشرق الاوسط يملك العالم)،وقديما كان لكل ثورة قائدها ووسائلها، اما في عصرنا الحاضر ،فتحول "الفايسبوك" الى قائد ورمز ،ووصفت الثورات بثورات "الفايسبوك" و غابت رموزها و قادتها، مما سيعرضها للمصادرة او الذوبان و الابتلاع من حيتان السياسة المحلية المرتبطين بالخارج ، و يسهل على اميركا ابتلاعها و تدجينها مع افتقاد الشريك القادر و القوي.
و نحن لا نستهين بالثورات او الشعوب او نتهمها،لكننانخاف عليهامن عدم تحقيق اهدافها ،واعدامها اميركيا بإستغلالها،و حرفها عن مسارها و توظيفها بدون معرفة الشعوب لبناء مشروع الشرق الاوسط الجديد من رحم "مصادرة الثورات" بعد ان اجهض المشروع من رحم الحرب الاسرائيلية على لبنان و الغزو الاميركي للعراق.
ومما يدفعنا الى والخوف، هو ما تشهده ليبيا بشكل واضح نبإستدراج الثورة السلمية المناهضة للقذافي الى ثورة مسلحة ، "رغما عنها"دفاعا عن النفس والوطن،نتيجة عجز الجامعة العربية ، وتواطؤ المجتمع الغربي مع القذافي خوفا على مصالحه ، مما جعل الثورة محاصرة بين صواريخ القذافي، و التدخل العسكري و السياسي الاميركي و الغربي ،، مما يهدد بمصادرة الثورة،ويعرض ليبيا لخطر التقسيم المسبوق بالحرب الاهلية بعد عقود من حكم القذافي ، او الدعم الأميركي المفخخ ؟
المثال الثاني هو الثورة الشعبية في البحرين،حيث تحاول اميركا و حلفائها الى وصف الثورة بالمذهبية ،لمحاصرتها او استعمالها في تفجير الفتنة السنية -الشيعية بشكل شامل، بعدما فشلت كل المحاولات في العراق و لبنان ،ويمكن إشعالها عبر التوتر غير المسبوق بين السعودية و ايران بما تمثلان من رمزية لكلا المذهبين السني و الشيعي في العالم.
المثال الثالث: الثورة اليمنية .الراقصة على ثلاثة الغام من الاحداث التاريخية و الاجتماعية.
- الوحدة و الانفصال بين الشمال و الجنوب
- المجتمع القبلي كركيزة اساسية في المنظومة الاجتماعية و السياسية
- الحروب المتكررة بين الحوثيين و النظام و التدخل السعودي.
و لذا فان اطالة الحسم السياسي للمشكلة اليمنية سيستولد الحرب الاهلية و القبلية الطويلة او عودة التقسيم ، ولذا فان الثورة اليمنية امام نفق خطير، خاصة وان اميركا و اسرائيل تتربصان بالموقع الجيوسياسي لليمن على خليج عدن.
و اذا كانت الثورتان المصرية و التونسية قد حققتا اسقاط رؤوس النظام ،وتعملان على اسقاط "النظام" القابض على كل المفاصل الإدارية و الاقتصادية و الامنية في مصر و تونس،حيث تواصل الثورة المصرية حراكها لتحقيق اهدافها ،وحصار الفتنة الطائفية التي تعمل المخابرات الاسرائيلية على اشعالهاكلما انطفأت ،لمنع مصر من العودة الى دورها العربي و الاسلامي و تحررها من المشروع الاميركي الاسرائيلي.
إن الخوف من المؤامرة وعدم الثقة باميركا نتيجة الأدلة الحسية و السلوكية على نفاقها وآخرهامبادرة ادارة موقع الفايسبوكلإغلاق الصفحة التي تدعو للانتفاضة الثالثة في فلسطين ضد الاحتلال الاسرائيلي ، وهذا ما تفعله اميركا و حلفائها في اذا تهددت مصالحهم، بينما تخادعالشعوب وتوهمهم بدعمها ضد الملوك و الرؤساء الذين كانوا حلفاء اميركا و اتباعها وحراسمصالحها.
و السؤال الاكثر غرابة ...الم تدعم اميركا الملوك و الامراء الذين يقمعون شعوبهم و يمنعون الانتخاباتالبرلمانية والاعلام الحر او الحرية الدينية؟
الم تمنع اوروبا و في مقدمتها فرنسا الحجاب وبناء المآذن ؟
ألم تفرض اميركا قانون الطوارئ الاميركي بعد احداث 2001 الاكثر تشددا و انتهاكا لحقوق الانسان من قوانين الطوارئ العربية ؟.... وقد قال "وولفيتز" (يجب علينا أن لانختار بين مصالحنا ونشر مبادئنا في الشرق الأوسط ....نعم علينا التشدد لحماية مصالحنا ؟!