القصير ووادي الحجير هزيمة إسرائيلية.
د.نسيب حطيط
في حرب تشرين عام 1973 إستطاع الإسرائيليون بقيادة شارون من فصل الجيشين الثاني والثالث المصري بما عرف بثغرة(الدفرسوار)على قناة السويس والتي أظهرت الأحداث أنها نتيجة تواطؤ الرئيس السادات وليست الحسابات الخاطئة كما يؤكد الفريق الشاذلي ،وبعد نجاح العدو الإسرائيلي في الدفرسوار تم إجهاض التقدم المصري و السوري والبدء بالمفاوضات التي أدت لإتفاقية كامب ديفيد وإخراج مصر من الصراع المصري-الإسرائيلي وبدء العصر الإسرائيلي لغزو لبنان عام 1982 وطرد المقاومة الفلسطينية إلى تونس وغيرها.
القصير عام2013هي الدفرسوار الإسرائيلي الجديد تخطيطا وإدارة ،أما التمويل والتنفيذ فهما عربيان ومتعددا الجنسيات لا يلبسان القلنسوة اليهودية بل العقال العربي وعمامات النصرة والقاعدة ووظيفة دفرسوار القصير فصل الجيش السوري عن المقاومة في لبنان إعتمادا على ما قاله موشي دايان يوما ( إن العرب لا يقرآون) وذلك لقطع الأمدادات عن المقاومة وحصارها وفق ما يعرف ( بالهمبرغر القاتل)حيث تحاصر المقاومة بين فكي الكماشة إسرائيل في الجنوب والتكفيرين(المخالب الأميركية)في الشمال لإبتلاع المقاومة في لبنان،والدليل ردة الفعل الهستيرية من الرئيس الأميركي اوباما واتصاله بالرئيس اللبناني وتصريحه الثاني ضد حزب الله،وإجتماع الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة مرتين ،ودعوة الجامعة العربية للإنعقاد ،ومسارعة اوروبا لتسليح المعارضة ،وردة الفعل تظهر قيمة الفعل وأهميته الاإستراتيجية ،ويعتقد البعض أن حلب كانت المعركة الرئيسية لإقامة منطقة عازلة وآمنة للمعارضة السورية لكن الوقائع تظهرأن حمص وريفها هي الأهم ومنها بدأ العصيان المسلح بشكل منظم وإرهابي للأسباب التالية:
- إن محافظة حمص وريفها المحاذي للحدود اللبنانية هي المنطقة الأكثر إستراتيجية للمشروع الأميركي- الإسرائيليلأنها تفصل دمشق عن الساحل ،وتحاصر البقاع والهرمل .
- بينت المعارك الميدانية أن البنى التحتية والأنفاق العابرة للحدود والتحضيرات كانت قبل بدء الأحداث السورية.
- إستعادة دور جيش لبنان الحر ولكن بنسخة متطورة تسمى الجيش السوري الحر على ضفتي الحدود(لبنان-سوريا) في لبنان من التكفيرين وأهل السنة والجماعة الذين تم إثارتهم مذهبيا في عرسال وعكار وطرابلس وفي سوريا من الجماعات السورية المسلحة.
- إن القيادة المركزية للعمليات(من ضباط متعددي الجنسيات) في حمص ودمشق والساحل كانت في بابا عمر وإنتقلت إلى القصير مع الإستفادة من مطار الضبعة العسكري والساحل السوري أمام الكوماندوس الإسرائيلي والدعم الخارجي.
- إن القصير على ضفاف العاصي شمالا ووادي الحجير على ضفاف الليطاني جنوبا يشكلان منافذ للتدخل الإسرائيلي لقتل المقاومة.
إن السيطرة على القصير تحضيرا الحرب الإسرائيلية الثالثة القادمة،لكن كما اسقطت معركة وادي الحجير الحرب الإسرائيلية عام 2006 ومنعت وصولها إلى الليطاني ،أسقطت معركة القصير الحرب الثالثة في الشمال عام2013ومنعت التقدم الإسرائيلي بإتجاه العاصي،وأكدت تصميم المقاومة لإبقاء مناطق ما بين النهرين(الليطاني والعاصي)خارج السيطرة الإسرائيلية أو عملاء المشروع الأميركي سياسيا وعسكريا، لأن ذلك حماية للبنان ، ومنع تصفية القضية الفلسطينية ، وحماية الوجود المسيحي في الشرق ، وإجهاض معركة اليهود الصهاينة مع المسيحية ومع الإسلام.
لقد اكدت معركة القصير إن العدو الإسرائيلي يحضر للحرب الثالثة وفق خطة(تقطيع الأوصال) وفق التالي:
- فصل سوريا عن المقاومة وإغلاق طرق الإمداد الجنوبية والبرية.
- الإنقضاض على ما يفترضه العدو الإسرائيلي المخزون الصواريخ الإستراتيجي في البقاع والهرمل.
- البدء بالحرب الثالثة من الخلف(الشمال والشرق) وليس من الحدود الجنوبية للتخلص من الصواريخ بعيدة المدى والإطباق من الخلف والداخل عبر التكفيريين وأنصارهم(الأسير-جند الشام-النصرة-السوريين النازحين- بعض القوى الفلسطينية....) وأكثر الأدلة وضوحا هي الصواريخ التي أطلقت على الضاحية الجنوبية وكذلك إعدام العسكريين الثلاثة في عرسال في حادثة مكررة بعد إعدام العسكريين في عرسال في شباط الماضي.
إن تدخل المقاومة في القصير ليس ضد المعارضة السورية المطالبة بالإصلاح والديمقراطية، لأن ما تشهده سوريا الآن ليس ثورة شعبية للإصلاح بل غزو أميركي خارجي متعدد الجنسيات بالتحالف مع إسرائيل وتركيا وقطر الركائز الثلاثة لمشروع الشرق الأوسط الجديد وأنصار الدولة اليهودية في فلسطين وليس معركة مذهبية بين السنة والشيعة..
لقد أسقطت معركة القصير (الدفرسوار)الإسرائيلي-الأميركي، وأجلت الحرب الإسرائيلية الثالثة وأفشلت خطة تقسيم سوريا وفق الخطة(ب)البديلة عن فشل إسقاط النظام،وحصار المقاومة من الخلف مما سينقل محور الشر الأميركي إلى المرحلة الثالثة وهي تفجير الساحة اللبنانية والعراقية واللتان تؤمنان العمق الإستراتيجي لمحور المقاومة، وسيلجأ عبر أدواته التكفيرية والمذهبية لزيادة السيارات المفخخة والإغتيالات وأعمال العنف خاصة في لبنان وتقسيم الجيش مذهبيا لإرباك المقاومة ومنعها من التدخل في سوريا بعد سقوط القصير أو إستهلاكا كليا في الفتنة المذهبية والفتنة اللبنانية-الفلسطينية مجددا.
المعركة هي بين المقاومين والعملاء وأسيادهم ولا بد من تحديد الموقف والخيار فإما أن تكون مع أميركا وإسرائيل والملوك والأمراء أو تكون مع المقاومة والقدس والشعوب المظلومة ...فهل سيستيقظ بعض الفلسطينيين وينسحبوا من دائرة القتال بالإيجار عند المخابرات القطرية والسعودية والغربية أم سيبيعون القضية بحفنة من الدولارات.
في عيد المقاومة والتحرير ستنتصر المقاومة وحلفائها.. والهزيمة للمحتلين وعملائهم .