القلمون تصفية الدفرسوار الإسرائيلي
د.نسيب حطيط
قد يستغرب البعض وصف القلمون بالدفرسوار الإسرائيلي، لكن الوقائع والتداعيات السياسية والعسكرية الإستراتيجية تؤكد أهمية معركة القلمون في سياق الصراع العربي – الإسرائيلي وفي الحرب العالمية على (سوريا-المقاومة) وليس على سوريا –الجغرافيا، فكما شكلت "القصير" إنعطافاً إيجابياً لصالح المقاومة في سوريا ولبنان ،فإن معركة القلمون رسخت نصر القصير وأضافت له ربحاً استراتيجياً وحققت النتائج الميدانية والسياسية التالية:
ميدانياً:
- أراحت لبنان والبقاع خاصة من التهديد التكفيري على الحدود الشرقية وحصرت نوافذ الإتصال والتهديد للبنان عبر نافذة عرسال وجرودها.
- قطعت طرق الإمداد بين لبنان وسوريا (الزبداني- الجرود- ريف دمشق) وأقامت منطقة عازلة وحزام أمان لحلف المقاومة.
- أمنت طريقين أساسيين، هما طريق بيروت-دمشق وطريق دمشق-حمص وتكاد تنجز شريطاً آمناً يمتد من دمشق إلى حمص إلى الساحل السوري مربوطاً بالعمق اللبناني في البقاع.
- أتاحت لحلف المقاومة تأمين بقعة جغرافية يمكن إستخدامها بوجه العدو الإسرائيلي عبر قواعد الصواريخ بعيدة المدى لحماية الجبهة الجنوبية في لبنان وسوريا في منطقة أصعب طبوغرافيا"من جنوب لبنان وأكثر حرية للتحرك العسكري وتوفير الإستطلاع والرصد بديلاً عن رادار جبل الشيخ الذي تحتله إسرائيل حيث ان المسافة النارية بين القلمون والحدود الفلسطينية في الجولان ولبنان(كريات شمونة )تساوي 100كم والى حيفا 150كم فقط!.
- تجميع الجماعات التكفيرية القاعدة وداعش في بقعة جغرافية محاصرة ومحدودة المساحة مع كل تناقضاتها وصراعاتها على السلطة والغنائم ،مما سيفجرها من الداخل كما يحصل الآن بين داعش والنصرة.
أما على الصعيد السياسي فإن تحرير القلمون كمقدمة لإستكمال تحرير عرسال وجرودها من التكفيريين وإعادتها إلى أهلها سيلغي دور قوى 14 آذار في الداخل السوري وسيهمش دورها ووظيفتها عند أسيادها ويضعف دورها الداخلي بالإضافة إلى تجفيف منابع الإرهاب الذي يوصل سياراته المفخخة والإنتحاريين إلى الداخل اللبناني.
إن معركة القلمون جاءت في لحظة يحتاج فيها حلف المقاومة وخاصة الشعب السوري إلى جرعة معنويات بعد الهجوم الشامل الذي قادته تركيا والسعودية وقطر بإشراف اميركي بعد ما سمي عاصفة الحزام ومحاولة تحقيق إنتصارات ميدانية وتهديدا" للمثلث الذهبي للدولة السورية (دمشق- حلب- الساحل) الذي طالما أنه بيد النظام والشعب السوري ولم يسقط بيد المشروع الأميركي إسقاطه ، فإن كل ما يربحه التكفيريون من الجغرافيا السورية لن يصرف (سياسياً) في مرحلة المفاوضات والتسوية السياسية ، بل يضيف مآسي كثيرة ودماراً ودماء لا أكثر وبالتالي فهو معدوم الفائدة بالنسبة للحلف الأميركي- الصهيوني.
لقد استطاعت المقاومة والجيش السوري القيام بمناورة ميدانية حقيقية تحاكي الحرب المقبلة مع العدو الإسرائيلي على الجبهتين اللبنانية والسورية والبدء بتأسيس منظومة الجيل الثالث من المدارس العسكرية بعد منظومة (حرب العصابات) ومنظومة الجيوش النظامية ودأت مرحلة منظومة (الجيش النظامي المتحول) إلى حرب العصابات والمقاومة المتحولة إلى جيش نظامي ،حيث رأينا قدرة المقاتلين للقيام بدور المقاوم والجندي النظامي وفق حاجة المعركة وتحول المجموعة المسلحة إلى كتيبة نظامية والعكس بالعكس وهذا ما لا يملكه العدو الإسرائيلي ولا الجيش الأميركي الذي حاول تقليد حلف المقاومة فأنتج الجماعات التكفيرية لكن ضررها المستقبلي على صانعيها يكاد يساوي ضررها على شعوبها وأمنها ولن ننتظر كثيراً لنرى إرهابها عندهم..
لقد أصبح العمق الجغرافي والإستراتيجي للجنوب اللبناني في القلمون ولن يقيد القرار 1701 المقاومة ، فالقلمون أكثر أماناً وحرية للمقاومة وأهلها وهي نقطة إلتقاء القوى العسكرية لحلف المقاومة في سوريا ولبنان ،لإستعادة سوريا وتحريرها من الإحتلال الإسرائيلي والتكفيري والتركي وجواباً صريحاً لكل الداعين بإسقاط والدولة السورية بأن ذلك من الأمور الصعبة وحتى المستحيلة ولا تهم بعض الإخفاقات الميدانية التي تستوعب ويرد عليها بعدم الهزيمة النفسية فمن صمد أربع سنوات يستطيع الصمود 40 سنة لأن الأعداء جربوا واستنفدوا كل ذخائرهم أما نحن فعندنا الكثير من الإحتياط والذخائرالتي لم تستخدم وهذا ما يؤشر لقدرتنا على النصر وهزيمة العدو ويمكن أن تقسم بعض البلاد العربية الهجينة والضعيفة وتبقى سوريا والعراق ولبنان صخرة الصمود لإنقاذ الأمة من مشروع التقسيم وإستعادة الأراضي المحتلة