اللغة العربية بين الإغتيال والتشويه.
البروفسور نسيب حطيط
الكلمة جسر التواصل والحب والسلام والتوافق ....والكلمة بوابة الإيمان والكفر ...بوابة الامر بالقتل والامر بالموت ..الكلمة نتاج العقل والمعرفة يطلقها اللسان بالتعاون مع غيره من اعضاء واعصاب الانسان
الكلمة اصل اللغة بعد جمعها للحروف المتناثرة المنسجمة والمتنافرة القوية والضعيفة الساكنة والمتحركة يعزفها لسان ويطلقها صوت رخيم او نشاز فتتراقص اغنية..أو حداء ترانيم وتواشيح انجيلا او قرآنا . علما معرفة وثقافة وارتكازا عليها لفظا او كتابة يبنى التوافق والسلام او العداء والحرب ..
اللغة كلمة شفاهية تحدث صوتا ..أو حروفا مكتوبة ترسم مخطوطة وتستولد كتاباً او رسالة حب او دعوة للإيمان ..او اعلانا لفراق وطلاق ...تكتب تاريخا ..لكن المسشكلة ان الكلمة اسيرة كاتبها او قائلها .يمكن ان تخبر بالحقيقة او تزوّرها ..وتجعل من الواقع وهما او من الوهم واقعا .، فالخطر يكمن في صانع الكلمة وليس بالكلمة نفسها ..!
اللغة احد اعمدة وعناصر الهوية الحضارية او القومية ويمكن ان تكون جزء من الهوية الدينية ..وباللغة يتم بناء الهوية الثقافية والتراث الثقافي والديني ...من الشعر والقصة والنتثر والكتابة المتنوعة .واللغة حاضنة الاساطير والملاحم...هي سفينة الامثال والحكايات الشعبية واللغة جامعة الاعراق والشعوب ان ضاعت ضاع حاملوها واول خطوة في ابادة الشعوب وحضارتها ،هو اعدام اللغة او تدجينها وتهجينها ..وتحريفها ..قبل اعلان موتها ..والغاء الجماعة ومنعها من التواصل مع تاريخها الحضاري فتتحوّل الى جماعة او امة بدون جذور او قيم او تاريخ ...وتتصبح جماعة ضائعة او طارئة لا حقوق لها في الأرض او السلطة او الإقامة ...فالهنود الحمر ضاعوا بعدما ضاعت لغتهم والعلمانية في تركيا .تطورت بعدما تم تغيير الحرف العربي الى الحرف اللاتيني ...حيث كان اسقاط الحرف العربي اعلان اسقاط الخلافة العثمانية وموروثها الثقافي والديني والسياسي واعلان الحرف اللاتيني بداية عصر تركي جديد ..فتم اعدام الخلافة باسقاط حروفها..!
تتعرّض اللغة العربية الى عدوان متعدد المحاور يمكن في حال استمراره القضاء عليها او حصارها لتصبح من التراث وسجينة بعض المجالس والفعاليات الموسمية وابعادها عن كلما يتصل بالحاضر من تجارة او علم او ثقافة او علاقات اجتماعية او علمية ..ويمكن ان نعطي بعض محاور الإعتداء الممنهج او التلقائي العفوي او الذي نُستدرج اليه بسشكل خفي وناعم :
- التقصير او القصور العلمي خاصة على مستوى الاختصاصات العلمية المتعلقة بالصناعة والدواء والتكنولوجيا والأدوات الضرورية للعيش في عصرنا حيث تم الغاء كل الحاضنات العلمية اللازمة لرعاية العلماء والمخترعين وامما دفعهم للهجرة وواصبحنا مجتمعا استهلاكيا عليه ان يتعلم لغة الآخرين لكي يفهم شروحات الالات والدوية وكيفية استعمالها وتصليحها ولم يحترمن الدول الصناعية لتكتب لنا بلغتنا مع اننا زبائن لمصانعها .
- الانهزام الثقافي وعقدة النقص التي يعاني منها الأغلبية حيث يتم الفرار من تهمة الإنتماء والفرار نحو الآخر ومحاولة التقرب اليه بالتكلم والكتابة بلغته حتى اصبحت اللغة الأجنبية وخاصة الإنكليزية رمزا للتحضر او التقدم والمسنتوى ال‘غجتماعي .زوصولا الى الاحياء الشعبية حيث يكتلب على الدكان الصغير باللغة الإنكليزية وحتى البطاقات الشخصية وحتى بعض التعاميم الرسمية .!
- الحرب الثاقفية التي يشنها منظومة التغريب والسيطرة على الشعوب بعنوان العولمة والتفوق الحضاري والعنصرية اللغوية والثقافية وقد ساهم وسائل التواصل الاجتماعي خاصة (الواتس-آب)(whtsapp) خاصة في الشريحة الشبابية التي تستعمل اللغة الرقمية فيتم ترميز الاحرف بالأرقام .
- انحدار المستوى المعرفي والتعليمي على مستوى المدارس والجامعات وحتى الحياة الاجتماعية حيث يتم التركيز على اللغات الأجنبية اكثر من اللغة العربية فتم اقرار ان الرسوب في اللغة الأجنبية هو علامة لاغية بينما لا يتم التعامل مع اللغة العربية بالمساواة مع اللغات الاخرى وتحوّلت اللغة العربية الى لغة هامشية غير مرغوب فيها ..وغير ذات صلاحية
ان مسؤولية مقاومة التغريب ومقاومة العدوان على اللغة العربية يوازي الدفاع عن الأرض والوطن والحقوق فعملية الإحتلال تبدا باحتلال العقول عبر اللغة ومصطلحاتها وكما ان الأرض عنصر اساس في الهوية الحضارية فان اللغة كذلك ويمكن تحريف الحقوق او الغاؤها بانقاص حرف او الرزيادة عليها وربما يكون اضافة نقطة او محوها يغير امرا كبيرا ,,,من يتساهل في "النقطة" سيخسر اللغة ..ومن يتساهل بالتنازل عن شبر .سيخسر وطنا وهوية ..