المسيحيـــــون ضحايا القيادة المفقودة والمشاريع الأميركية
د.نسيب حطيط
يعاني المسيحيون في لبنان والمشرق من مشكلتي فقدان القيادة والتهجير المنهجي الذي مارسه الاحتلال الاسرائيلي والاميركي وتورط بعضهم في المشاريع المشبوهة خاصة في لبنان.
ويسعى الغرب بقيادة أميركا وبتخطيط صهيوني(عقائدي)إلى القضاء عل الفكر المسيحي الذي تحتضنه الكنيسة الشرقية ورعاياها بعدما استطاعت الصهيونية العالمية تهديم دعائم الكنيسة الغربية وأدخلت عليها مفاهيم رجال الدين المثليين والنساء وفضائح الاعتداءات الجنسية على الأطفال ، بعدما أخرجتها من الحياة العامة .
واستطاعت أميركا وإسرائيل أن تغوي في لبنان بعض المسيحيين للتعامل معها ضد العدو المفترض(المقاومة الفلسطينية)حيث تمازج هاجس الخوف والطموح مع الأهداف الإسرائيلية –الأميركية لتخريب لبنان والقضاء على المقاومة الفلسطينية ،فكانت الحرب الأهلية التي أسست لحقبة من العداء والدمار وللإجتياحات الإسرائيلية وإخراج الفلسطينيين وتوقيع اتفاقيات أوسلو التي أنجبت الواقع الفلسطيني المرير الذي نعيشه الآن.
وسعى الغرب لأن يكون المسيحيون الشرقيون رؤوس جسور له والاستفادة من وجودهم دون الالتفات لما يتعرضون له من خسائر، وكانت لهم الأولوية في الحماية لأنهم الأقرب(من وجهة نظر غربية)إلى الغرب من المسلمين العرب.
لكن المشكلة الآن أن المشروع الأميركي قد وجد حلفاؤه من العرب أنظمة (المعتدلين العرب) وجماعات من (القاعدة والتكفيريين)الذين يؤمنون لمشروعه كل الامكانيات والوسائل أكثر من المسيحيين ،ولذا فإنه يتعامل مع المسيحيين بأنهم عبء إنساني في المستقبل تحت عنوان(الرهائن) واستباقا لهذا الموقف المحرج فإنه يعمل على توظيف أدواته(التكفيرية)المسماة(القاعدة)لتهجير المسيحيين بالقتل والتفجيرات من العراق والتي تقع مسؤوليتها على الاحتلال الأميركي ، وانخفض عديدهم إلى الثلث تقريبا ،ولن تدعهم أميركا وعملائها في العراق تماما كما فعلت إسرائيل مع المسيحيين في فلسطين مهد السيد المسيح(ع)حيث لم يبق أكثر من ماية وخمسين ألف مسيحي فقط ، والآن تهدد القاعدة الأقباط في مصر التي تتوفر فيها كل ظروف التوتر الطائفي الجماعي والذي لا يحتاج للكثير من الأفعال لكي ينفجر بشرارة محمولة من العراق وبإشراف أميركي.
أما في لبنان فالظاهر ان بعض القيادات المسيحية لم تتعلم من مغامراتها السابقة التي هجرت المسيحيين من شرق صيدا ومن الجبل ومن بقية المناطق وجمعتهم في كسروان وجبل لبنان ،و افتعلوا حرب الإلغاء التي انهكت المسيحيين ومعهم لبنان ،وهم يعاودون التجربة الآن ويتطوعون ليكونوا رأس الحربة للمشروع الأميركي فيعلنون حربهم ضد النفوذ(الفارسي)وضد سلاح المقاومة وضد الانفتاح على سوريا وتبرئة إسرائيل حتى من الإعتداء على لبنان و،الأسوأ من ذلك يتجاوزون تهديدات القاعدة للمسيحيين وإعلان مسؤوليتها عن تفجير(سيدة النجاة) ليلصقوا تهمة تهجير وقتل المسيحيين في العراق بالنفوذ الإيراني وحلفائه الشيعة ،ويغمضوا أعينهم عن المظاهرات الشيعية تأييدا لحماية مسيحي العراق ،تماما كما فعل الشيعة في لبنان الذين حموا المسيحيين في مناطقهم ولم يردوا بالمثل عما فعلته الكتائب والقوى والمتحالفة معها من تهجير وقتل في النبعة وغيرها.
المشكلة عند بعض القيادات المسيحية بأنها لا تشعر بالندامة أو تأنيب الضمير وتضحي بأهلها ووطنها لطموحات شخصية وثأرية ، والمشكلة الأسوأ أن الكنيسة لا تحاول جمع المسيحيين بل تصر على رؤيتها القائمة على (إغتنام)الرياح الغربية الآتية، لكن هذه الرياح تهب لتحقيق أهدافها ومصالحها وليس لمصالح المسيحيين أو اللبنانيين أو العرب كما قال كسينجر (ليس لأميركا حلفاء بل مصالح) والظاهر أن أميركا وجدت حلفاء عرب أكثر سمنة ودسامة من المسيحيين ، فتجاوزتهم لتتخلص منهم عبر أدواتها التكفيرية التي تؤمن بفكر ابن تيمية الذي يقول (من لا يبغض النصارى والكفار ليس مسلما) فيما الاسلام الحق يقول (تعالوا إلى كلمة سواء)وكما قال الامام علي(ع)(الإنسان أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق).
فهل يستيقظ المسيحيون المراهنون على اميركا ...ويعودوا الى وطنيتهم وبيئتهم الحاضنة كشركاء وأخوة