المغرب العربي والظلام التكفيري.
د.نسيب حطيط
بدأت القوى الظلامية التكفيرية مجازرها الدموية في الجزائر في تسعينات القرن الماضي، بما عرف بالعشرية السوداء بعد إشكاليات إلغاء الإنتخابات وفوز جبهة الإنقاذ الإسلامية وإذا كانت عملية الإلغاء خطأ فإن ردة الفعل المضادة ،خطيئة دينية وأخلاقية وإنسانية، لكن المشكلة الآن أن الظلامية التكفيرية تعود للمغرب العربي وشمال أفريقيا إنطلاقاً من الفوضى الليبية والتي بدأت تضخ التكفيريين بإتجاه الجزائر ومصر وتونس والمغرب وغيرها من الدول الأفريقية.
إن التكفيريين بمساعدة أميركية وخليجية بدأوا ببناء قاعدة المغرب العربي بإسم جديد "داعش" ووظيفة هذه الجحافل التكفيرية إشعال النار وتخريب المغرب العربي ،حيث تم تقسيم العالم العربي إلى ثلاث مناطق (المغرب العربي – المشرق العربي – الجنوب العربي) وبعد إستباحة المشرق العربي خاصة سوريا والعراق ولبنان إنتقل المشروع الأميركي إلى الجنوب (اليمن) والمغرب العربي بالتزامن، فبدأ عملية نشر التكفير في ليبيا وتونس والمغرب والجزائر عبر الساحة الليبية التي تحكمها الفوضى ثم بدأت عمليات الإغتيال في تونس والإشتباكات في جبل الشعانبي وهجرة المسلحين إلى سوريا وبينهم فتيات "جهاد النكاح" واعترفت تونس بمنع 12000 تونسي من السفر الى سوريا وتوجت العمليات الإرهابية التكفيرية بإقتحام متحف "باردو" والتي ضربت السياحة في تونس ثم أعقبتها عملية ذبح الأثيوبيين في ليبيا وقبلهما ذبح العمال الأقباط وكانت عملية إحتجاز العمال في منشأة "أميناس " الجزائرية والتي نفذتها القاعدة وكان من بين الرهائن خبراء "غربيين" والمئات من الجزائريين ولا يزال الخطر التكفيري جمراً تحت رماد التسوية السياسية وخاصة أن رياح التكفير الليبية تلفحها بشكل عاصف.
المغرب العربي بوابة المهاجرين غير الشرعيين للسواحل الأوروبية وبوابة التواصل مع القارة الأفريقية والتي تسعى أميركا لإستعادتها من التغلغل الصيني وفرنسا ،لتدعيم الإقتصاد الأميركي نظراً لثرواتها الطبيعية وسهولة قيادتها نتيجة الفقر والتخلف و لإستعادة نظام الرق والعبودية (بالجملة) على صعيد الدول والشعوب بدلاً نظام (المفرق) الذي احترفته أميركا وحلفائها الأوروبيين .
إن دور داعش والقاعدة في المغرب العربي تأمين المشروع الإقتصادي الأميركي في أفريقيا ضد الصين بشكل خاص بالإضافة إلى تدمير الهوية الإسلامية والعربية في المنطقة بعدما نجحت في تشويه الهوية العربية والإسلامية بعد (إعدام) اللغة العربية أثناء الإستعمار الفرنسي ولا بد من إقتلاع الهوية الإسلامية (الأثرية) عبر تهديم الأضرحة والتكايا الصوفية ومن تدمير المدن المغربية والجزائرية والتونسية ذات الطابع الإسلامي ومساجدها الأثرية "مسجد القيروان – مسجد الزيتونة - ومسجد القرويين في فاس" وغيرها من المعالم التاريخية كما تفعل داعش وأخواتها بتدمير الآثار التاريخية لكل الحضارات لمحو الهوية التاريخية والدينية للأمم والإبقاء على أساطير اليهود كأمة فوق الزوال لأنهم يمثلون "شعب الله المختار".
المغرب العربي على لائحة الإنتظار الأميركية لإشعال ساحاته بالنار التكفيرية إستكمالاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على التقسيم و عبر ومطالب الأمازيغ والبربر... فهل يكون الصراع بين العرب والأمازيغ في المغرب أحد مواقد النيران والفتنة يضاف إلى موقد الجماعات التكفيرية التي ترفع شعار منع الفساد الأخلاقي أو العلمانية أو الفرنسية والتعريب، فيقع المغرب العربي بين فكي الكماشة الإسلامية – الأمازيغية مع إختلاف الدوافع الأهداف ...وقد بدأ الخوف يتسلل الى المغرب حيث "أكدّ وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد أن المغرب لن يتوانى عن معاقبة من يُمارسون الجنس خارج إطار الزواج، ومن يُفطرون في شكل علني في رمضان وأن الوزارة لن تستجيب إلى المقترحات التي تمسّ صميم النظام العام المغربي المؤسس على الأخلاق العامة، أو تضرب إسلامية الدولة التي يرأسها الملك محمد السادس أمير المؤمنين"
لكن أميركا وحلفائها قادرون على مزاوجة هذه العوامل تحت عنوان تقاطع المصالح لتدمير المغرب العربي وإنتقاله من الكيانات الموحدة إلى الإمارات المشتتة ، تكرارا" لتجربة الإمارات الخليجية المصطنعة من الإستعمار البريطاني...حمى الله المغرب العربي حتى لا يتذوق مرارة الربيع العربي الأسود والأحمر.