في الذكرى الثانية والستين لاغتصاب فلسطين وطرد شعبها ،تم التعويض على ضحايا ما يسمى (بالمحرقة) النازية المزعومة ضد اليهود، التي قام بها الأوروبيون المسيحيون، بتشريد الفلسطينيين ،وإلزامهم دفع الدية التي فرضها البريطانيون ، وهي الوطن والهوية ، تكفيرا عن جريمة ارتكبها غيره المعروف وغير المجهول، وذلك لإنهاء الجريمة وتسويتها ،كما يتكرر الآن في فلسطين ، حيث تسعى اميركا لفرض توطين اللاجئين ،بدل تطبيق القرا 194 الذي يضمن حق العودة وكما يجري في أكثر من قضية دولية من المحكمة الجنائية وغيرها.
من مميزات النكبة الفلسطينية المستمرة،هو إنفضاض أكثر العالم العربي عن دعم القضية،وبدل احتضان الضحية(الفلسطيني)يفتح العرب عواصمهم للسفارات الإسرائيلية بضائعها وسياحها ولكسب الأجر من الله سبحانه،يدعى رئيس الوزراء نتنياهو إلى مأدبة إفطار بالقرب من حدود غزة المحاصرة.
والأكثر ذلا أن يصر العرب على مبادرتهم للسلام،ويستجدون الموافقة الإسرائيلية عليها وبدون جدوى،حيث تعرض إسرائيل شروطها وكلما قدم العرب مبادرتهم،قامت إسرائيل ببناء منظومة جديدة،وتقدمت نحو المسجد الأقصى للإستيلاء عليه وبناء الهيكل المزعوم.
بعد النكبة الفلسطينية عام 1948 وحتى حرب تشرين 1973 توحد العرب حول فلسطين وبعد اتفاقيات كامب ديفيد،صار أكثر العرب يستجدون السلام،ولم يبق إلا بعض العرب وفي طليعتهم سوريا تحمل لواء الممانعة والمقاومة إلى جانب حركات المقاومة في لبنان وفلسطين،واستعادت الأمة بعض روحها وعزتها، انطلاقا من جنوب لبنان حيث حررت أول أرض عربية من الاحتلال بدون مفاوضات وبدون شروط في ايار عام 2000،ونمت ثقافة المقاومة وترسخت في حرب تموز 2006 حيث ولأول مرة صارت إسرائيل -الداخل جبهة عسكرية بعدما كانت الحرب الإسرائيلية تقوم على ارض الآخرين و بعيدة،عن الخطر والعمليات الحربية ،إلا أن الإعتراف الإسرائيلي بقدرات المقاومة،العسكرية ،والتي تمثل أول طرف عربي قادر على ضرب تل أبيب وغيرها،حيث يمتلك القدرة والقرار،بينما امتلكت الانظمة القدرة العسكرية ولم تمتلك جرأة القرار وتحمل مسؤولياته.
إن الامل بنهاية النكبة الفلسطينية يكون بالمقاومة الواعية والموحدة،ولا يكون من نافذة المفاوضات العبثية الغير مشروطة والتي ولدت في أوسلو ولم تنتج بعد عقدين من الزمن،سوى التراجع والتنازل عن الحقوق التي اغتصبها الاحتلال،حيث من الخطورة أن يشرع الاحتلال مصادرته للأرض والهوية،بالتوقيع باسم الضحايا من اللاجئين والمحاصرين،والأفضل الف مرة ان تبقى الارض محتلة وفق العدالة والقانون الدولي والشرائع الدينية والأخلاقية مهما طال الزمن،من ان تعطي للمستعمر شرعية قتلك وطردك من أرضك.
في ذكرى نكبة فلسطين تبدأ إسرائيل مناوراتها الأوسع في تاريخها(نقطة تحول4 )والتي تحكي مازق الاحتلال في ذروة التحول الجيو سياسي والديموغرافي (الدولة اليهودية) الذي يتعرض له،حيث كانت المرحلة الأولى، احتلال فلسطين وتأسيس الكيان، والثانية التوسع خارج فلسطين المحتلة،والثالثة التصحر الاحتلالي بعد الانسحاب من سيناء ولبنان، والرابعة حماية الوجود والبقاء، وللمفارقة فقد اختارت إسرائيل التوقيت الملتبس لتاريخ مناوراتها بين تاريخ وعد بلفور(15ايار)واتفاق (17أيار)مع لبنان و(25أيار)يوم التحرير(23ايار)الانتخابات البلدية في الجنوب.
فاي تحول وتغيير ينتظره الجميع،وأي ثابت سيبقى...هل تزول إسرائيل وتهزم و تتحرر فلسطين وكل الاراضي المحتلة... ام تنكفىء المقاومة وينتصر المشروع الأميركي لتقسيم المنطقة بعنوان الشرق الأوسط الجديد ..؟
الأمل بالله والمقاومة... لا القرارات الدولية والمفاوضات...
د. نسيب حطيط