النووي الإيراني بإنتظار الميدان وصفقات المفاعلات
د.نسيب حطيط
قرر الإيرانيون والغربيون تمديد المفاوضات النووية الى شهر تموز والذي يمكن ان لا يكون الموعد النهائي لمفاوضات العصر الطويلة والمتشعبة الأهداف والشركاء والنتائج من باب تسوية الملف النووي الإيراني الذي تعرض لعماية بلطجة أميركية –إسرائيلية تؤكد ازدواجية المعايير الدولية والأخلاقية عند الدول الغربية التي تحكم بقانون القوة وليس بقوة القانون، فلا تطبق القوانين الدولية إلا على الدول الضعيفة او التي تفترضها ضعيفة وتعتدي على حقوق شعوبها بالحصار ومنع بيع ثرواتها بسعرها الحقيقي(النفط...) في عملية قرصنة موصوفة وواضحة وكل ذلك باسم القوانين الدولية التي لا توقع عليها اميركا (المحكمة الجنائية الدولية ..) او إسرائيل و(الوكالة الطاقة النووية الدولية ..) فتصنع القنابل النووية خلاف القانون وتطالب بمنع ايران من تقدمها النووي وتحرض بعض العرب للصراخ خوفا مع كل التطمينات المعطاة لها إيرانيا" !
لقد راهن الغرب على إبتزاز ايران للتنازل عن إنجازاتها التي كلفتها الأثمان الباهضة من الحصار وعرقلة التنمية وإغتيال العلماء والتشهير الدولي وتحريض المحيط العربي علها تنهار ، خاصة مع بدء الخريف العربي الدموي والفتن المذهبية التي اشعلتها اميركا بواسطة التكفيريين ،بالتلازم مع استغباء الدول الخليجية وإبتزازها ماليا عبر إلزامها ببناء مفاعلات نووية ستبقى تحت إدارة الخبراء الأجانب والتي ستكون مفاعلات نووية فرنسية وأميركية وإسرائيلية خارج أراضي هذه الدول حفظا" للبيئة من النفايات النووية والثغرات الأمنية وبتمويل خليجي ،فتنجز هذه الدول ابحاثها العلمية على نفقة الأغبياء العرب ،كما فعلت مع شاه إيران الذي بدأت اميركا وألمانيا بتأسيس مركز الأبحاث النووي في طهران في الخمسينات وقامت الثورة في 1979 ولم تنته الأعمال فيه بعد وهذا ماسيكون عليه حال مفاعلات السعودية وايران ان لم يك أسوأ !
يمدد موعد الاتفاق النهائي بإنتظار أمور ثلاثة :
- انهيار المفاوض الإيراني، مما يدفعه للتنازلات التي تهشمه شعبيا وإستراتيجيا" وتقيده في المستقبل لعقود طويلة وإعادته الى بيت الطاعة والمراقبة الأميركية بعد فترة تمرد قاربت الأربعين عاما ،خسر فيها الغرب الكثير من المصالح وتم عرقلة مشروعه بإحتلال العراق وغزو لبنان وتصفية القضية الفلسطينية وـقسيم سوريا وإنهاء المقاومة.
- نتائج الميدان العربي في المواجهة المستمرة مع المشروع الأميركي- الإسرائيلي بأدوات تكفيرية متعددة والذي قام بالتخريب والترهيب ولم يحقق الإنتصار او انجاز المشروع الأميركي حتى الآن وتراهن اميركا على تحقيق إنجازات ميدانية في اليمن خاصة لإنقاذ السعودية من ورطتها التي بدأت إرتداداتها تظهر في الداخل السعودي وستتفاقم اكثر ،بالإضافة الى الإنفعال و الإرتباك حد الجنون في السياسة السعودية والتي بدأ تصيب المصالح الأميركية بالأضرار المالية والإستراتيجية (الإنفتاح السعودي على روسيا ..)وكذلك الميدان السوري العراقي المشترك حيث لم تنجز الجماعات التكفيرية مهامها المطلوبة بل بدأت بالتراجع نسبيا ولم تتقدم إلا في عمليات القتل وإستدراج تركيا للتدخل الميداني لمنع قيام كيان كردي مستقل في سوريا يهدد الجغرافيا التركية .
- إنجاز صفقات السلاح والمفاعلات النووية الغربية لدول الخليج قبل توقيع الاتفاق النووي بالإستفادة من الخوف الخليجي الموهوم والكاذب الذي تديره إسرائيل بإتقان لحشد اكبر تكتل عربي ضد النووي الإيراني
والسؤال ماهي تداعيات توقيع الاتفاق النووي او عدم الاتفاق؟ فإذا تم الاتفاق برضى المتفاوضين فإن ملفات ووقائع كثيرة ستتغير ومنها :
- الإعتراف الدولي بإيران دولة نووية وهذا من النوادر الدولية في تشريع المنشآت النووية خاصة لبلد إسلامي غير تابع للمظومة الغربية الأميركية ، مما يثبت ان المقاومة ستربح وإن طال الزمن عكس التابعين المستسلمين الذين يسقطهم أسيادهم لإستبدالهم بأحذية جديدة.
- رفع الحصار عن إيران ،مما يريح الشعب الإيراني المحاصر ويوسع دائرة التنمية الداخلية ويعطي زخما ومصداقية للثورة امام شعبها .
- تثبيت إيران قوة عظمى في الإقليم ولاعبا أساسيا في السياسة الدولية .
- أما إذا فشل الاتفاق فسينعكس وفق التالي :
- - تحرر إيران من الإلتزامات الدولية بالنووي السلمي والإسراع بإنجاز النووي العسكري .
- التصعيد الميداني في هجوم مضاد لحلف المقاومة وتغيير قواعد اللعبة في المنطقة مما يهدد السلم العالمي وإستدراج اكثر الأطراف الى الميدان كما حصل للسعودية في باليمن وإسرائيل مع الدروز في الجولان .
- البدء بالبحث بالملفات السياسية للمنطقة إبتداء باليمن ثم سوريا والبحرين والعراق ولبنان لفك الإشتباك السياسي بين السعودية وايران ومكافحة الإرهاب الذي بدأ بإجتياح الخليج .
هل تستطيع اميركا المغامرة خوض حروب متعددة او عالمية في ظل عودة روسيا ودول البريكس وضعف الأتباع والحلفاء خاصة أوروبا التي بدأت تتشظى ماليا وكيانيا بما يهدد الإتحاد الأوروبي إن الوقائع تشير الى عجز اميركا عن خوض الحرب ولذا فهي ملزمة بالتوقيع لكنها تماطل للإبتزاز او كسب التنازلات في اللحظات الأخيرة .