باكستــان ضحيــة الإرهــاب الأميركــي 2
د.نسيب حطيط
بعدما ورطت الإدارة الأميركية باكستان بتصنيع وإحتضان القاعدة وطالبان والأفغان العرب في مرحلة ما قبل 11 أيلول 2001 عادت الولايات المتحدة الأميركية لزج الجيش الباكستاني والحكومة الباكستانية في صراع مع هذه التنظيمات الإسلامية، وإقحام باكستان في مقاتلتها وحصارها لحساب الأميركيين بعد ما فشل الأميركييون وحلف الناتو بالقضاء على طالبان في أفغانستان فلجأوا إلى الحرب البديلة بإشعال الحرب بين باكستان النووية وبين المنظمات الإسلامية الهجينة بما يؤدي إلى إنهاك هذه القوى وإضعافها ليسهل على الأميركيين السيطرة على هذه المنطقة الإسترتيجية اليوجياسية على حدود أعداء أميركا ومنافسيها العالميين الصين وروسيا وإيران.
وتتمهيدا لهذه الحرب المدمرة لباكستان بدأت الولايات المتحدة بالخطوات التالية:
- إغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية بنازير بوتو الشخصية السياسية الأقوى في باكستان.
- إقصاء الجنرال برويز مشرف وتحميله مسؤولية إغتيال بوتو ،وبالتالي التخلص من الشخصية العسكرية الأقوى في باكستان(في سيناريو مشابه لعملية إغتيال الرئيس الحريري في لبنان كشخصية سياسية قوية وخروج الجيش السوري القوة العسكرية الأقوى) مع الفارق بمبادرة أميركا لتأسيس محكمة دولية لمعاقبة سوريا بشكل خاص في مرحلة أولى، وبعدها معاقبة المقاومة بينما منعت أميركا إنشاء محكمة دولية خاصة لكشف إغتيال بنازير بوتو بعد مطالبة عائلتها وحزبها بذلك، لأن هذا لا يفيد المشروع الأميركي.
- توريط الجيش الباكستاني بالعمليات العسكرية ضد طالبان والقاعدة مما ولد حركة طالبان الباكستانية وأصبح الجيش الباكستاني في مواجهة طالبان في عقر داره.
- إغتيال بن لادن على الأراضي الباكستانية في موقف يحرج باكستان ويجعلها في دائرة خطر تلقي الضربات العسكرية ثأرا" لبن لادن في حال تبنت موافقتها وشراكتها في إغتياله، وفي حال نفت علمها بذلك تضررت معنويا وظهرت كنمر من ورق لا تستطيع حماية أراضيها وبالتالي منشآتها النووية ،مما سيطرح مستقبلا مسألة حماية المنشآت النووية خوفا من وقوعها بيد القاعدة أو جماعات المتطرفة ،مما يمهد الطريق لمخطط نزع السلاح النووي خوفا من وقوعه بيد الإرهابيين وفق النظرة الأميركية.
إن باكستان تعيش إرهاصات داخلية إجتماعية ومخاطر وعسكرية وأمنية تتمثل بالتالي:
- المشكلة الأمنية عبر الصراع مع القاعدة وطالبان بفرعيها الأفغاني والباكستاني والذي يستنزف الحكومة والجيش الباكستاني، ويزيد من حالة الفقر وعدم الأمن والإستقرار و يزعزع ركائز النظام وبالتالي وحدة المؤسسات والجغرافيا، خاصة وأن باكستان ولدت بالإنفصال عن باكستان عام1947 وإنفصلت بنغلادش عنها عام 1971 وبالتالي تعيش مخاطر التقسيم المخطط له أميركيا .
- المشكلة الإجتماعية:المتمثلة بالفقر وتدني مستوى التعليم(الأمية الكبيرة)والفساد الذي ينخر الهيكليات الإدارية والمؤسساتية، يضاف إليها الصراع القبلي الذي يقسم المجتمع الباكستاني ويزيد من تسليحه ويؤسس لميليشيات وجيوش صغيرة لكيانات(حكم ذاتي) حدودها سلطة القبيلة.
- ثلاثية تقاسم السلطة بين الطبقة السياسية(الحكومة ورئاسة الجمهورية) والجيش والمخابرات والجماعات الإسلامية(المدارس الدينية) مما يجعل باكستان بثلاثة رؤوس تلعب على تناقضاتها المخابرات الأميركية لإستغلالها كاسحة ألغام ضد ما يسمى(الإرهاب) الطالباني والقاعدة، وكدرع بشري وسياسي يتلقى ردات الفعل والأعمال الثأرية التي تقوم بها طالبان واخواتها ، ردا على الجرائم الأميركية في باكستان وأفغانستان عبر القتل اليومي والمجازر الجماعية التني يعترف الأميركيون والناتو بمسؤوليتهم عنها لكن عن طريق الخطأ .
- العوامل الطبيعية من فيضانات وسيول تزيد من المتاعب الإقتصادية وما ينتج عنها من مشردين وخسائر إقتصادية وتدمير للمنازل والمحاصيل الزراعية، مما يزيد من أعباء الحكومة وتزايد نشاط الجماعات الإسلامية بالإضافة إلى جرف الألغام الأرضية وإنتشارها في مناطق متنوعة وغير معلومة، مما يهدد حركة النقل والأراضي الزراعية.
بناء على ما تقدم فإن باكستان أمام خيارات صعبة ومحدودة، فإما الإستسلام للمخطط الأميركي والقيام بالأعمال القذرة نيابة عن الأميركيين وتنفيذا لمخططاتهم الإستعمارية مع تداعياتها الكارثية على باكستان عبر حروبها العبثية مع طالبان والقاعدة والجماعات الإسلامية مما يؤدي إلى نزع(سلاحها النووي)الوحيد إسلاميا حتى اللحظة نتيجة الحصار الذي تمارسه أميركا والغرب ضد العالم الإسلامي ومنعه من إمتلاك الطاقة النووية السلمية أو العسكرية وهذا ما تتعرض له (إيران) وباكستان .
والخيار الثاني أمام باكستان هو سلوك المصالحة مع شعبها والجماعات الإسلامية الباكستانية خصوصا لحماية باكستان وتأمين المصالح الشعبية ،والإنفتاح على الصين إقتصاديا وهذا ما يريح باكستان والصين معا ،بالإضافة إلى ضرورة الإنفتاح على الدول الإسلامية للتعاون وتعويضا عن المساعدات الإقتصادية الأميركية التي تستعملها أميركا كأداة ضغط وإبتزاز لبكستان لإجبارها على تنفيذ مخططاتها الإستعمارية .