بعدما خذلهم الغربهل يتجه المسيحيون شرقاً د.نسيب حطيط
صرّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري "لا حاجة لحماية المسيحيين في الشرق" والرئيس الفرنسي ساركوزي يقول "لا مكان للمسيحيين في الشرق العربي".
سأل ساركوزي البطريرك الراعي أثناء زيارته لفرنسا "ما دام أن عدد المسيحيين في لبنان أصبح عددهم 1.3 مليون والمسيحيون السوريون 1.5 مليون... فلماذا لا يأتي المسيحيون إلى أوروبا ليعيشوا فيها مع العلم أنه تم استيعاب مليون مهجر مسيحي عراقي بعد الغزو العراقي، وقال في ظل صراع الحضارات لا مكان للمسيحيين في الشرق العربي!
قامت الحملات الصليبية بحجة حماية المقدسات في فلسطين، واستعمر الفرنسيون والإنكليز بلادنا وأوهموا المسيحيين بأنهم جاؤوا لحمايتهم لتصبح فرنسا الأم الحنون.
لم يطل عمر الحماية الغربية للمسيحيين في الشرق فقد تخلى الغرب وعلى رأسه بريطانيا وفرنسا عن المسيحيين في فلسطين عندما أعطى الغرب اليهود وطناً قومياً فتهجر المسيحيون الفلسطينيون ولم يبق منهم إلا القليل ...
حاولت فرنسا الإيحاء بالتعويض على المسيحيين بإقامة دولة لبنان الكبير لكنها في الحقيقة كانت نافذة لتحقيق مصالحها في المنطقة ، ولمتصمد هذه الحماية أكثر من ثلاثين عاماً عندما اندلعت الحرب الأهلية العام 1975 وجاء العرض الأميركي بترحيل المسيحيين إلى كندا بدل حمايتهم ، فكانت الخيبة الأولى التي تصدت لها الجبهة اللبنانية آنذاك... وبعدما تورط بعض المسيحيين بالتعامل مع إسرائيل تحت وهم حمايتهم لكن الوقائع اثبتت أن إسرائيل استغلت هذا التعاون لتحقيق مصالحها وأطماعها في لبنان وألصقت بهم تهمة مجزرة صبرا وشاتيلا التي دبرتها إسرائيل ولبست قفازات لبنانية لتنفيذها ... وتهجر المسيحيون في الجبل الذي أقاموا فيه تاريخياً ... واستغلت إسرائيل الخوف المسيحي من الفلسطينيين في الجنوب فأقامت الشريط الحدودي العازل لحماية إسرائيل وليس لحماية المسيحيين وتركت عناصر جيش لحد وعائلاتهم على الشريط الشائك ثم أسكنتهم مستوعبات حديدية ووزعت عليهم الملابس القديمة كالفقراء.
لقد تركت فرنسا وأميركا والعالم الغربي المسيحيين في سورية لقمة سائغة بيد الذئاب التكفيرية واستقبلت من يذبحهم ويخطفهم، ولم يتحرك العالم المسيحي الغربي لنجدة معلولا ورمزيتها المسيحية التاريخية... لم يتحرك العالم الغربي لنصرة المسيحيين في العراق بل اتجه لدعم جبهة النصرة بالسلاح والمال، لم يتحرك العالم الغربي لمساعدة الدولة المصرية لحماية الأقباط في مصر من الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات السلفية.
لقد تحرك العالم الغربي لنصرة المسيحيين في جنوب السودان من أجل نفط "الجنوب" وليس "مسيحيي الجنوب" فهل يتحرك العالم الغربي لحماية المسيحيين في لبنان وسورية إذا عرف بمخزون النفط والغاز قبالة الساحل... وهل يحمي المسيحيون أنفسهم بالاستعجال لاستخراج النفط في لبنان حتى يكذب الغرب ويدعي حماية المسيحيين ليحجز حصته من النفط اللبناني.
بدأ المسيحيون في لبنان والشرق اكتشاف االنفاق الغربي الأميركي – والأوروبي، وأنهم مكشوفو الظهر فهل يبادر المسيحيون إلى تجميع قدراتهم في الشرق لحفظ الوجود المسيحي بالتكافل والتضامن؟
هل تبادر الكنيسة الشرقية لأخذ دورها في حماية أبنائها المسيحيين المشرقيين والتكامل مع الكنيسة الغربية (الفاتيكان) لحماية المسيحيين كرسالة في العالم ولحماية المسيحيين في الشرق ؟
هل يستطيع المسيحيون إسكات أو عزل بعض الأصوات النشاز التي أوقعت بالمسيحيين وأصابتهم بالتصحر في لبنان من خلال الحلف مع التكفيريين تحت شعار فليحكم الإخوان ؟
فليبادر الأخوة المسيحيون لتوحيد كلمتهم ولمّ الشمل، ليلاقيهم الإسلام الأصيل بجناحيه (السني والشيعي) لحماية منظومة العيش المشترك والتكامل الرسالي لحفظ منظومة القيم الدينية والأخلاقية مقابل الصهيونية والماسونية وأذرعها الملتحية أو غير الملتحية ... ولايمكن حماية المسيحيين ومساعدتهم إن لم يبادروا لحماية أنفسهم.
د.نسيب حطيط