بين الأخوان والوهابية
د.نسيب حطيط
تأسست حركة الإخوان المسلمين في بداية القرن التاسع عشر مع(الإمام)حسن البنا على فكر سياسي خاص،يرتكز على مبادئ أساسية منها:
- البيعة وطاعة(الإمام) رئيس الجماعة.
- لا إصلاح ولا تغيير بلا سلطان(الإمساك بالسلطة).
- المرحلية لبناء(الخلافة)على الساحتين العربية الإسلامية.
- المنظومة الشاملة لتحقيق الهدف وفق المبادئ العشرة المطلوبة من الأخواني المنتسب.
- عدم التكفير لمن شهد الشهادتين إلا بإستثناءات حددها كتاب(الإخوان).
وكانت جماعة الإخوان أول حركة سياسية إسلامية عند أهل السنة والجماعة بعد الحركة الوهابية في السعودية وقد تميزت علاقة الإخوان،(بالوهابية)عبر العائلة المالكة السعودية بالتعاون مع بدء الصراع بين الإخوان و الرئيس عبد الناصر، والذي حاول الإخوان إغتياله عبر(التنظيم الخاص)فاستفاد السعوديون الذين كانوا قلقين من المد الناصري في الدول العربية، فدعموا الإخوان ولجأت بعض قيادات الإخوان إلى السعودية لمقاتلة عبد الناصر،لكنها إستفادت من هذا الإحتضان لنشر أفكارها المتعارضة مع الفكر الوهابي على المستويين السياسي والعقائدي.
يعمل الإخوان وفق مبدأ(التقية)السياسية بعنوان التكتيك فهم يحركون بعض الأحداث من وراء الكواليس دون ظهور على المسرح ،وسيتغلون ظواهر إجتماعية ودينية،ويصنعون شخصيات وتجمعات سياسية ودينية،فإذا ربحت هذه الجماعات إنقض الإخوان على الحدث بأكمله وصادروه ويتم ؟غعادة هذه الأدوات المتحركة إلى الكواليس،ويمكن سحقها اذاتمردت،وإذا فشل التحرك أو الإنقلاب صمت الإخوان ولم يتحملوا وزرها،وهذا أحد مبادئهم السياسية في العمل الميداني وذلك بعد إخفاقاتهم في مصر في الخمسينات ضد الرئيس عبد الناصر و في سوريا في الثمانينات ضد الرئيس حافظ الأسد وحصارهم في دول أخرى ، وإذا ما رجعنا إلى الأحداث في مصر وتونس وليبيا،في سوريا لا نرى الإخوان المسلمون في الطليعة أو القيادة المباشرة،أو رواد الحدث بل كانوا في الكواليس أو ضمن الجمهور والحدث العام، وقبيل ظهور نتائج الحراك الشعبي إنقضت حركة النهضة التونسية بقيادة راشد الغنوشي(الإخوانية)على السلطة وفي مصر إنتظر الإخوان فلم يشاركوا في الثورة في بدايتها وحاوروا حسني مبارك وعندما مالت الموازين لصالح الثورة إنقضوا على السلطة(ديمقراطية وفق النهج الإخواني)وفي سوريا يتحكمون بكل مفاصل المعارضة السياسية والعسكرية لكن لا تسمع أو ترى يافطة أو عنوانا للإخون المسلمين بإنتظار نتائج المعارك الدائرة.
الإخوان المسلمون لا يؤمنون بالأحزاب الليبرالية أوالعلمانية ،ويعلنون تأييدهم للتعددية السياسية ظاهرا،لكنهم ضدها في الواقع لأنهم يصفونها بأنها إنعكاس(للعلمانية والرأسمالية)وللنخب المرتبطة بالفكر الغربي،وهم مع الديمقراطية ذات المرجعية الإسلامية وتطبيق الشريعة،لكن وفق نظرية الإخوان(المرشد-الإمام)واجب الطاعة وفق نظرية(أستاذية العالم)وصولا للإعتقاد بأن(الإمام الإخواني-الخليفة) وفق مصطلح الإخوان رئيس الدولة الكبرى هو(ظل الله على الأرض).
لقد أعتمد الإخوان على ثلاثية (الدعوة والمساعدات الإجتماعية والعنف المسلح)،لتحقيق أهدافهم،وفصلوا بين جسم الجماعة الفضفاض(والتنظيم الخاص)الذي يمثل الدرع العسكري والأمني لتنفيذ الإغتيالات السياسية:
فاغتالوا رئيس الوزراء المصري ( احمد ماهر ) في العام 1944 ومن ثم اغتالوا رئيس الوزراء المصري ( محمود النقراشي ) في العام 1948 ، وبعدها محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في العام1954 ،ومن رحم الإخوان ولدت الجماعات الإسلامية في مصر خاصة.
إن ديكتاتورية الإخوان بدأت بالظهور في تونس مع حركة النهضة وفي مصر عبر قمع الإعلام،وتقييد للحريات،وميليشيا الإخوان المنظمة(التنظيم الخاص)بالإضافة إلى الإعلان الدستوري(الحاكم المطلق)إلى بدء فرض الأحكام العرفية الملطفة بأعطاء صلاحيات الجيش والشرطة والحصانة القانونية بإعتقال المدنيين والمعارضيين السياسيين بتهمة التعامل مع الخارج ويمكن للإخوان تجاوز مبدأ عدم التكفير ضمن الإستثناءات التي يحددونها بالإنقلاب على بعض أساسيات الدين.
يمثل الإخوان نسخة عن(الوهابية بربطة عنق)وبدلة إفرنجية بدل الدشداشة واللحية الطويلة،مع فارق أن الوهابية قد نظمت تقاسم السلطة بين العائلة المالكة والسلطة الدينية،بينما يجمع الإخوان بين السلطة السياسية مع السلطة الدينية في لقب واحد هو(الخليفة)للدولة الإسلامية الكبرى دولة الخلافة التي يمكن تحقيقها ضمن (كونفدرالية عالمية ) تضم العالمين العربي والإسلامي بشرط أن يتسلم السلطة فيها الإخوان ضمن مفهوم(الإسلام الإخواني).
ديكتاتورية الإخوان ولدت...فهل تستمر وتقبض على السلطة بإسم الإسلام، أم تشعل ساحات في ما يسمى الربيع العربي لإجهاض الثورات التي ولدتن أم ستنتهي وتعود إلى عملها السري كما كانت طوال ستة عقود،ويتم إعطاء الحكم لتجمع سياسي متنافر لا يمتلك وحدة القرار او الإستقلالية لتبقى أميركا هي الحاكمة سواء عبر(الإخوان)أو الملوك أو الأمراء أو(الثورات المصنعة).
بيروت في10/12/2012 سياسي لبناني*
www.alnassib.com