بحث بعنــــوان
تأثير الهوية والإنتماء على فرص التغيير السياسي
في دول مجلس التعاون الخليجي
د.نسيب حطيط
(لبنان)
مجلس دول التعاون الخليجي:
تم تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام1981(1) ويضم كلا من السعودية، الكويت، قطر، البحرين، الإمارات ،عمان ، واختيرت التسمية إرتكازا على الموقع الجغرافي للدول المطلة على الخليج بإستثناء العراق لإعتبارات سياسية مع التوضيح أن قطر والبحرين قد انفصلتا عن اتحاد الإمارات والمشيخات الخليجية بعدما اعلنت اتحادها لسد الفراغ السياسي بعد انسحاب الإحتلال البريطاني عام 1971 ، ويبلغ عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي ما يقارب38مليون نسمة وحوالي عشرة ملايين من العمالة الأجنبية المتعددي الجنسيات ،ويتميز نظام الحكم لجميع دول المجلس وفق منظومة (الوراثة السياسية) النظام الملكي أو الأميري وقد نصت دساتير الدول الخليجية على ذلك بشكل صريح مثال دستور الكويت في المادة الرابعة "على أن جميع حكام الكويت من بعده (أمير الكويت الراحل ) هم من ذريته بأبنائه وأبناء أبنائه"(2). ولم يخرق هذا العرف إلا بإنقلابين عسكريين أحدهما في قطر ، إنقلاب الأمير حمد على أبيه عام 1995 ،وثانيهما في سلطنة عمان بانقلاب السلطان قابوس على ابيه السلطان سعيد عام 1970 .
نشأت دول مجلس التعاون الخليجي مع بدايات القرن التاسع عشر كدويلات تحت الرعاية الإنكليزية وبإتفاقيات ثنائية بين الإحتلال البريطاني والعائلات الخليجية وفق معادلة(السلطة والحماية للعائلة)والولاية السياسية والإقتصادية للبريطانيين،كما تنص إتفاقية دارين بين آل سعود والبريطانين عام 1915(تعترف الحكومة البريطانية وتقر أن نجد والإحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي يبحث فيها، وتعين أقطارها فيما بعد ومراسيها على خليج فارس، وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقا على قبائلها وبأبنائه وخلفائه بالارث من بعده على أن يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه خاصة فيما يتعلق بشروط هذه المعاهدة) (3)
الخصائص المشتركة لدول الخليج:
سياسيا": تعتمد جميع الدول على النظام الملكي والأميري(الوراثي)ولا تتقارب مع الديمقراطية بإستثناء الكويت إلى حد ما(مجلس نواب وحكومة).
- حظر قيام الأحزاب السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.
- تقييد الإعلام والقمع الفكري ومحاربة مصطلحات وقوانين حرية الرأي وحقوق الإنسان وغيرها حقوق المواطنين.
- غياب(الكيان الوطني)كقيمة وطنية تظهر الإنتماء والهوية،والتعامل مع الممالك والإمارات كملكيات إقطاعية أو قبلية خاصة لتصبح الجغرافيا وما عليها من بشر وحجر وما فيها من ثروات ملك العائلة الحاكمة وما تعطيه للمواطنين هو(مكرمة)ملكية أو أميرية وليس حقا مكتسبا للشعب.
- الضعف والعجز عن حماية النظام إلا بحماية أجنبية(وحماية أميركية أو بريطانية)لضمان إستمرارية الحكم.
- عدم وجود إقتصاد حقيقي متنوع من زراعة أو تجارة(ما عدا إمارة دبي)والإعتماد بشكل كامل على صادرات النفط والغاز دون تفكير بالمستقبل عندما تنفذ هذه الثروة الطبيعية.
إجتماعيا": تتوزع الشعوب الخليجية ضمن دائرة القبلية والمناطقية،ولم تصل إلى مستوى المواطنة الشاملة،فلا زالت القبلية العربية تتحكم بجزئيات السلطة والإقتصاد والسوك العام وتنازع الديمغرافيا الخليجية النزاعات المتناقضة على مستويات عدة(سني-شيعي)في
السعودية والكويت والبحرين(حضري-بدوي)الكويت(شمالي-جنوبي)اليمن(نجدي-حجازي)السعودية-(مواطن ومقيم ) وكل دول الخليج بما يسمى(الكفيل والعامل).
تعتقد شعوب الخليج بالدين الإسلامي،لكنها إتجهت نحو الفكر السلفي الوهابي بتأثير سعودي مما حاصر الفكر الديني والثقافة العامة للجمهور العام بقيود قاسية حاصرت العقل والإبداع،وألغت نصف المجتمع البشري المتمثل(بالمرأة)والتي يتعامل معها الفكر السلفي كإنسان من الدرجة الثانية لخدمة الرجل ولا تمتلك مقومات الإنسان الكامل فهي(عورة)متحركة تجلب العار والمعصية على الرجل فيمنعها من كل شيء إلا بوجود(المحرم)حتى في مشاهدة التلفاز في المنزل أو الكمبيوتر ولم يعطها حتى اللحظة(قيادة السيارة)وحرم عليها الإختلاط في الجامعة لأن الإختلاط كفر ومحاربة لأحكام الدين.
إقتصاديا": تتميز دول الخليج بأنها سوق إستهلاكية،(شرهة)بلا ضوابط أو شبع،ولا تنتج شيئا مما تأكل أو تلبس أو تستعمل،فهي كمصباح له ضوء ساطع و مفتاحه في الخارج،فإن فصله أحد ما سيطر الظلام على الدولة وشعبها وعاد الناس إلى الصحراء المقفرة،ولذا فهي دول لا تملك إستقلالية القرار السياسي ولا تمتلك قوة الدفاع عن نفسها ولا يؤمن الإقتصاد حاجياتها، دول لا تملك ثلاثية الكيان المستقل(القرار - القوة-الإقتصاد) فهي دول كرتونية منتفخة كبالون الهواء بأموال النفط،ولا تملك حصانة البقاء وهي على وشك الإنفجار عند أي وخز من الداخل أو الخارج،لأنها تفتقد أيضا ما يعرف بالهوية الوطنية أو الإنتماء الوطني.
تعريف الهوية والإنتماء:
إن الهوية والإنتماء للفرد أو الجماعة داخل الحدود الجغرافية المسماة(وطن)أو(دولة)ترتكز على القاسم المشترك والمميز لهذه الجماعة من خلال اللغة والدين والقومية والمصالح المشتركة والبناء الحضاري لهذه الجماعة تتراكم عبر الزمان في نفس المكان أو إمتداداته وتندرج الهوية ضمن الإطار الوطني ضمن ما يسمى دوائر الهوية الصغرى(الطائفية والقبلية والجهوية)وتندرج الهوية في الدوائر الكبرى.
- ( الإنتماء الوطني والمحلي).
- ( الإنتماء الثقافي).
- (الإنتماء الديني أو العقائدي).
- (الإنتماء الإنساني).
والهوية والإنتماء الوطني جزء من وجود الإنسان الفرد وكذلك الجماعات بشرط أن لا تتحول إلى تعصب عنصري قاتل،يلغي الآخرين أو يتخذ موقف العداء أو الفوقية،مثلما تطرح الصهيونية بأن اليهود(شعب الله المختار)أو نظرية العنصر الآري المتفوق كما طرحته النازية الإلمانية(هتلر)أو كما طرح في بداية ظهور الإسلام بين قرشي أو غير قرشي بين السيد والعبد أو كما بدأ مع تمرد إبليس وعدم السجود لآدم(ع)وجوابه(خلقتني من نار وخلقته من طين).(2)
وإذا تم بناء الهوية على أسس قومية فإنها تؤدي إلى حروب قومية مثل ما حدث في أوروبا بين ألمانيا وفرنسا وما شهدته الحرب العالمية الأولى وبناء الهوية على أساس(ديني-مذهبي) سيؤدي إلى حروب مذهبية مثال ما حدث في أوروبا أيضا، عندما أعلنت هويتها المسيحية كغطاء للتنافس السياسي والإمساك بالسلطة عبر النافذة الدينية-المذهبية وكانت سبب إندلاع الحروب بين البروستانت والكاثوليك والأرثوذكس.
وتأسست المنظومة العقائدية للحروب الصليبية لتغزو القدس والمنطقة العربية بالإضافة كما تشهد الهند من مناوشات بين الهندرس والسيخ والمسلمين،وما تبدو أثاره أيضا بعد الغزو الأميركي للعراق وأثاره الفتنة-السنية-الشيعية وإذا بنيت الهوية على أساس فكري،فيتم تقسيم العالم بين شرقي(الشيوعية)والغربي(الرأسمالية)أو بين النازية والفاشية(ألمانيا-بريطانيا)والشيوعية(الإتحاد السوفياتي)وما أنتجته من حرب عالمية ثانية فإذا كانت الحرب العالمية الأولى نتاج الصراع القومي(الأوروبي)والحرب العالمية الثانية على أساس فكري(النازية والفاشية مقابل الشيوعية)فهذا يعني أن الحرب العالمية الثالثة ستكون على أساس ديني-مذهبي كصاعق تفجير للصراع بين المحور الأميركي والمحور المضاد له لتأمين السيطرة والمصالح الإستراتيجية لكلا المحورين.
إن مشكلة دول التعاون الخليجي هي عدم وجود مصطلح(المواطنة) والإنتماء للجغرافيا(الوطن)التي يعيشها(الشعب)حيث أن مقومات مفهوم الدولة غير متوافرة في ممالك وإمارات الخليج،لأن مرتكزات مصطلح الدولة غير متوافرة،فإذا كانت الدولة تعني(الأرض-الشعب-السلطة)فإنها لا تتوفر بشكل كامل فصحيح أن الأرض(الجغرافيا)والحدود المساحة موجودة لكنها في أكثريتها ملك(للعائلة-الدولة)أما الشعب فيمثل الرعايا أو الأتباع وليس المواطنين لأن الجنسية التي تؤكد على هويته الوطنية تعطي من الحاكم(الملك أو الأمير).(5) أما السلطة فإن الشعب مبعد عن المشاركة في صناعتها حيث لا توجد إنتخابات ديمقراطية ولا تشريعية ولا حكومات ولا أحزاب ولا هيئات مجتمع مدني،بل أن الحكم والسلطة تتمثل بالملك أو الأمير كحاكم مطلق يعين ويعزل من يشاء ،والسلطة محصورة بعائلة الملك أو الأمير،فيصبح العمل السياسي وتداول السلطة والتعدية السياسية مصطلحات غير موجودة في الممالك والإمارات،وإن وجدت الدساتير فهي إما بكتابة الحاكم وفق مصالحه،أو أن الحاكم يستطيع تغييرها أو تجميدها ساعة ما يشاء وفق الإرادة الملكية أو الأميرية،وبالتالي فإن الشعب لا يشارك أو يتمثل في السلطة مما يؤدي إلى إنعدام المواطنة وتكافؤ الفرص والعدالة والمساواة بين المواطنين في النظام السياسي لدول الخليج ويتجاذب الهوية الخليجية ثلاثة إتجاهات (القبلي-والمذهبي- والخليجي ) مع أرجحية لصالح الإنتماء الخليجي ويشكل مجلس التعاون الخليجي،منظومة سياسية رديفة للجامعة العربية مع محاولة إظهار التفوق الإجتماعي على بقية العرب نتيجة واردات النفط وتكدس الأموال الخليجية وإستعمالها كوسيلة لشراء المواقف على مستوى الدول والأحزاب والأفراد.
التغيير السياسي:
إن عملية التغيير السياسي تحدث عبر تغيير منظومة الحكم ومؤسساته أو تغيير إيديولوجية وعقيدة الحزب الحاكم،وكل عملية تغيير تهدف نحو الأفضل وفق معتقدات وأهداف القائمين عليها مع إحتمالات النجاح أو الفشل ويمكن أن يتحول التغيير نحو الأسوأ(الفوضى-منع الحريات....) ولإحداث أي تغيير لا بد من توفر الركائز التالية:
- القائد والإيديولوجيا.(العقيدة).
- الجماعة المؤيدة أو البيئة الحاضنة.
- حوافز التغيير(الفقر-الإحتلال-القمع.......).
- القدرات البشرية والمادية.
فإذا ما توفرت هذه العناصر –الركائز يمكن قيام عمليات التغيير السلمية أو المسلحة في أي مكان
مع بقاء إحتمالات الفشل أو النجاح قائمة وفق إمتلاك أي حركة تغيير لهذه العناصر كليا أو جزئيا وكلما تناقص إمتلاك عناصر التغيير كلما إزدادت صعوبة التغيير وإرتفاع الكلفة البشرية والمادية وطول الفترة الزمنية(الثورة الإسلامية الإيرانية-الإنتفاضات العراقية...) وتظهر نقاط ضعف الهوية والإنتماء في الخليج عبر التالي:
- عدم وجود كيان إسمه(الوطن)أو الهوية الوطنية فالمواطن يتبع العائلة الحاكمة التي تصادر الإسم التاريخي فقد ألغيت تسمية الجزيرة العربية وتحولت إلى العائلة السعودية ليصبح الوطن(المملكة السعودية)ويصبح المواطن من التابعية السعودية أي يحمل جنسية العائلة وليست جنسية البلد أو الوطن بل يتبع الأمير والملك الذي له القرار المطلق ليفعل ما يريد وما يشاء في الجغرافيا فيسميها إمارة أو مملكة،كملكية خاصة له ولعائلته وورثته من الأحفاد كما ورثها من الآباء والأجداد وله حق سحب الجنسية ممن يعارضه أو يعطيها لمن يراه سندا أو أداة من المجنسيين الأجانب(البحرين-قطر...). حيث ينص نظام الجنسية السعودية بالقرار رقم(4)تاريخ25/4/1374هـ السعودي من كان تابعا لحكومة حضرة صاحب الجلاله المعظم طبعا لأحكام هذا النظام.(6)
- يكون سعوديا من ولد داخل المملكة أو خارجها لأب سعودي أو أم سعودية،وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له أو ولد داخل المملكة من أبوين مجهولين ويعتبر اللقيط مولودا فيها ما لم يثبت العكس ،وكذلك في قانون الجنسية القطرية(7) يجب على المتجنس أن يقسم اليمين أمام أحد القضاة وفق التالي:
- أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لدولة قطر والأمير...
- لا يعد جواز السفر أو البطاقة الشخصية دليلا على التمتع بالجنسية القطرية.
دور القبيلة في النظام السياسي لدول الخليج
حرصت بعض النظم السياسية العربية على إهمال كل ما من شأنه تعزيز دولة القانون والدستور القائمة على المواطنة والمساواة التامة،بل إتجهت لترسيخ وتعزيز الولاءات القبلية والطائفية والعرقية،بما يضمن بقائها في السلطة،وكشفت ثورات ما يسمى الربيع العربي عن الواقع الحقيقي في المجتمعات العربية،وما تمثله المكونات الأولية فيها من قبائل وعشائر وعصبيات ،لم تكتف بدور المشاهد أو المشارك من بعيد،ولكنها تسعى لتصدر المشهد السياسي وإدارة حركة التغيير، ،ليصبح الربيع العربي،بوابة لإستيلاد العرب لجذورهم وأصولهم القبلية والعشائرية والعرقية.
تتمايز المجتمعات في الدول الخليجية طبقيا بين بدو وحضر،ومن فقراء وأغنياء،ومن طبقات عليا وأخرى متوسطة،غير أنها تتمحور في نشأتها أو ما تزال حول قيم القبيلة وظواهرها الإجتماعية،والتحدي الحالي يتمثل في كيفية الإنتقال من (القبيلة)و(العشيرة)إلى (الطبقة)و(الدولة)بالمعنى الحديث،وتعتبر القبيلة تاريخيا بمثابة وحدة سياسية وثقافية متميزة ،مما يجعل الإصطدام بين الدولة والدور السياسي القبيلة أمرا لا مفر منه (8)عند تناقض مصالح الفريقين(القبيلة والعائلة -المالكة التي تمثل الدولة) وماتشهده اليمن مثلا بين القبائل الرئيسية والأحزاب و الدولة ومدى تأثيرها على الثورة والعملية السياسية لإنتقال السلطة والتغيير السياسي ولذا فإن الدولة في السعودية وفي المجتمعات الخليجية لم تتعمد إلغاء الإنتماء القبلي والثقافة القبلية،بل أرادت البناء على هذا الكيان الإجتماعي،وتوظيفه لمصلحتها،فالمجتمعات الخليجية اليوم يظهر كمجتمعات لم تنتقل بعد من البداوة إلى الحياة الحضرية إنتقالا تاما،وتعيش مرحلة بين البداوة والحضرية،والنظام البدوي السائد في كثير من مجتمعات الخليج العربي يتميز :
-أنه نظام في ذاته ولذاته:فالقبيلة في الخليج العربي تماثل مفهوم الطبقة في الغرب كمنظومة إجتماعية سياسية إقتصادية تؤسس لهوية خاصة تجمع بين أعضائها،لكنها تختلف عن الطبقة الغربية بأنها لاتعتمد على منظومة المصالح لتشكيل أساس الهوية،بل إن رابطة القرابة التي تقوم عليها لاحقا منظومات مصالح،وهذا يجعل القبيلة خلافا للطبقة، نظاما على الخارج فلا يسمح بالحراك منه إلى الخارج أو من الخارج إليه بل يرتكز على الحراك الداخلي الذاتي(مسألة الزواج مثلا)بكلمة أخرى فإن تحول القبيلة إلى دولة لم يترتب عليه تخلي القبيلة عن مفهوم العصبة القديم،القوة الإضافية التي حصلت عليها القبيلة من إنضمام(أو ضم)مجتمعات جديدة لم يترافق مع إنفكاك مفهوم المسؤولية من الأساس القرابي وتحولها إلى مسؤولية عن جميع الذين يخضعون لسلطتها فالقبيلة تشكل وحدة إنتاج للسلطة(الملوك والأمراء وأولياء العهد...)(قبيلة عنيزة- السديريون في السعودية)(آل خليفة البحرين-قطر –الإمارات)آل الصباح الكويت - ...).
الإنتماء الوطني في الخليج
إن الإنتماء(للوطن) جزء أساسي من هوية وأحاسيس ومشاعر الإنسان، وقد كان في الوجدان العربي حتى البكاء على الأطلال،وقد خاطب رسول الله(صلعم)مكة(والله إنك أحب البقاع إلي لولا أن قومك أخرجوني ..لما خرجت)(9) والفقه الإسلامي يؤكد أن(من مات دون أرضه أو عرضه أو ماله
فهو شهيد) وقد دخل مفهوم "الوطن" ضمن أحكام الصلاة والصيام أيضا ،فكانت صلاة السفر،والإفطار عند السفر، بعيدا عن الوطن.
لكن الوطن منظومة متكاملة من التاريخ والعشيرة والأمن والجغرافيا والثقافة والعيش الكريم،تمثل المرتكزات الأساسية للوطن وما يعطيه لأبنائه،فإذا ما تحول العيش الكريم إلى فقر، تصبح الحياة في الوطن غربة،وعندما نفقد الكرامة والعزة يتحول الوطن إلى سجن كبير
يحاول الإنسان الهروب منه بحثا عن الحرية، وعندما يغيب الأمن يتحول الوطن إلى ساحة خوف يهاجر الناس منها، والمواطن الخليجي يعاني من فقدان الهوية الوطنية، فهو إما من التابعية السعودية اي للعائلة المالكة أو من البدون الغير معترف بهم في الكويت او من البحرينيين الذين يسحب الملك الجنسية منهم ساعة يشاء عقابا للمعارضين ويمنحها للأجانب من العمال ليستخدمهم في اجهزة الأمن لقمع المواطنين المعارضين ،ويعاني المواطن الخليجي الفقر في قراه النائية وأحياء المدن الفقيرة و يعيش غربة قاتلة في وطنه ولا يستطيع الصراخ أو الإحتجاج،لأنه سيواجه تهمة الإنقلاب والردة على الحاكم وولي الأمر،فيقتل أو يعتقل أو ينفى ولا يشعر بالكرامة فهو من التابعية أو الرعية من الدرجة الثانية ومع كل هذه الحوافز والأسباب التي تدفعه للثورة والتغيير فإن حركات المعارضة أو الإعتراض للمطالبة بالحقوق المدنية والمعيشية للناس لم تك بمستوى يتناسب مع المظلومية التي يتعرض لها الفرد والجماعة الذين يشكلون منظومة الشعوب الخليجية.
اللغة وبناء الهوية
تشكل اللغة إحدى الركائز الأساسية للهوية الحضارية والإنتماء الوطني،ومشكلة الشعوب الخليجية في العصر الحديث بعد الطفرة النفطية،أن لغتهم تعرضت لثلاث موجات من التلقيح والتهميش،الذي أصاب مفرداتها وإستعمالها وفق المراحل التالية:
أ - الإستعانة بالخبراء والمهندسين ووصول ورجال الأعمال صارت اللغة الإنكليزية لغة الإقتصاد والتجارة والنفط، واضطر كل العاملين والمستفيدين منها أن يكتبوا ويتكلموا الإنكليزية فتراجعت اللغة العربية في يوميات هذه الشريحة وكل مواقع الخدمات التابعة لها(فنادق وسيارات التاكسي-المطاعم والمحلات...).
ب- استقدام العمال الأجانب خاصة الهنود والأسيويين و البنغاليين و قليل من العرب، فصارت اللغة المتداولة خليجيا بين الإتكليزية والعربية والهندية أو اللغات الأخرى، ولم تعد العربية لغة التواصل اليومي وإن وجدت فهي لغة هجينة محرفة غير صحيحة.
ج - وجود الخادمات والمربيات في المنازل حيث تفاقمت المشكلة وولد حتى الآن جيل أو جيلين من تربية الخادمات والمربيات المتعددة الجنسيات(الفلبين-بنغلادش وسريلانكا...)وصار الطفل مشدودا باللغة والعادات إلى أمه البديلة(الخادمة أو المربية)حتى أن بعض الدول الخليجية إذا زارها عربي لا يتكلم إلا اللغة العربية فإنه لا يستطيع تأمين كل حاجياته أو طلباته إلا بالإشارة أو الإستعانة بمترجم أو التحدث بالإنكليزية،فتحولت الأسواق والمدن إلى مستوطنات غريبة داخل الصحراء وتشكل مجتمعا هجينا متعدد الجنسيات والثقافات والإنتماءات داخل غلاف ضبابي إسمه الإمارة أو المملكة، يشبه إلى حد كبير مجمعات الشركات النفطية في الصحراء التي تبنى حتى إنتهاء المشروع وهكذا تبنى الممالك أو الإمارات حتى إنتهاء المشروع الأميركي الكبير لإستخراج النفط والغاز يمكن أن يهجرها الأميركي أو يدمرها أو يعيد تشكيلها من جديد وفق مصالحه وليس وفق مصالح الشعوب أو الملوك أو الأمراء.
تاريخ الحركات السياسية في الخليج
إن العمل السياسي المعارض في دول الخليج ليس وليد المرحلة الحالية،بل أن الحراك السياسي سواء السلمي أو العسكري قد بدأ مع بدايات القرن التاسع عشر ضد الإنكليز(المحتلين)لدول الخليج تطور بعد الإنسحاب البريطاني بعد خمسينات القرن الماضي فنشأت ثورة ظفار في عمان عام1963ذات الفكر اليساري وإستمرت في صراعها المسلح من السلطات أكثر من عقدين من الزمن حيث تمت تسوية النزاع وإستيعاب الحركة ومقاتليها ،أما في البحرين فإن الإنتفاضات الشعبية بدأت في القرن الماضي وكان عمادها التيار القومي(حركة القوميين العرب)والحركة الشعبية في البحرين وكانت المعارضة البحرينية بعيدة عن الدوافع المذهبية حيث إشترك في فعالياتها السنة والشيعة، وسيطرت حركتان سريتان علمانيتان هما (حركة القوميين العرب) (10)التي تهدف لتأسيس حركة طليعية عربية لتحرير فلسطين والعالم العربي باستخدام وسائل ثورية. وبين عام ١٩٥٨-١٩٥٩، قامت مجموعة من الطلاب البحرينيين في الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة القاهرة بالإتصال بمجموعات شبابية في البحرين ذات توجهات عربية قومية من أجل ضمهم تحت جناح الحركة. واتسعت الحركة بشكل متسارع وضمت مئات الأعضاء. أما الحركة الرئيسة الأخرى فهي (جبهة التحرير الوطني): وهي حركة شيوعية تأسست رسمياً في البحرين عام ١٩٥٥. وتأثرت بحزب توده الإيراني والحزب الشيوعي في العراق.
وإستعانت السلطة بما يسمى( الفداوية )(11) الذين يعملون في خدمة المشايخ وافتعلوا احداث الشغب والإعتداء على مسيرات عاشوراء عام 1953 ، والذين يمثلون بلطجية النظام ضد صيادي اللؤلؤ
والمزارعين،ويتكرر المشهد الآن مع المجنسين الأجانب في قوى الأمن والشرطة والتي تستعين بهم
السلطة لقمع المتظاهرين السلميين،وتؤكد الإنتفاضات الشعبية في البحرين بأنها ذات جذور تاريخية بما يرد الإتهام عنها بأنها وليدة إرادة خارجية(إيران) بل على العكس فإنها حلقة من سلسلة العمل السياسي المعارض الذي تجاوز عمره المائة عام وصمد ضد كل أدوات القمع والتخوين وسحب الجنسية، ان جمود عملية الإصلاح والقمع المستمر من خلال قانون الطوارئ المستمر وانتصار الثورة الأسلامية في إيران عام ١٩٧٩ أدى إلى مرحلة جديدة في السياسة البحرينية، فقد تشددت السلطات بشكل اكثر حدة لتأمين الحصانة ضد الرياح الإيرانية ومن جهة أخرى اضطرت حركات المعارضة لممارسة العمل السري مرة أخرى. ، وظهرت الحركات الاسلامية الشيعية، ومن أبرزها (الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين،) والتي كانت وراء محاولة الإنقلاب الفاشلة عام ١٩٨٢. كما خططت (الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي) ، للقيام بانقلاب عسكري عن طريق القوات المسحلة البحرينية عام ١٩٧٩. وشكلت هذه الخطوة نوعية عبر العودة لإستراتيجية قلب النظام باللجوء بالوسائل العنفية ، مما أدى الى تراجع فكرة العمل السلمي .
وقد ساهم تمسك البحرانيين بهويتهم وإنتمائهم الوطني بالحفاظ على ثورتهم ونقائها وسلميتها مما أحرج السلطة وحلفائها الخليجيين والدوليين،الذين استعملوا ضدها كل أساليب القمع حتى قوات درع الجزيرة بالإضافة لإهمال المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لمظلومية الشعب البحريني،أما في الكويت فإن الحراك السياسي المعارض قد أنتج نوعا من الممارسة الديمقراطية وتم إنتخاب مجلس نواب وتشكيل حكومة وإن كانت الحياة السياسية تخضع لإرادة الأمير خاصة على مستوى تشكيل الحكومة.
وفي السعودية يظهر الحراك السياسي المعارض على ثلاث مستويات فيها المشترك ومنها الخاص ضد العائلة المالكة وهي:
- المستوى الأول المتمثل بالمعارضة الليبرالية السعودية على المستوى الوطني العام منذ السبعينات والتي تتحرك قيادتها في الخارج تحت الضغط الأمني والحصار العام عليها في الداخل السعودي.
- المعارضة في المناطق الشرقية(الشيعية)نتيجة التمييز والإضطهاد الديني بشكل خاص ونتيجة الحرمان الذي تتعرض له المنطقة ومنع المواطنين من الوظائف العامة،وإشتراكهم مع بقية السعوديين في تدني المستوى المعيشي والخدماتي وفقدان الحرية الشخصية على مستوى الرأي أو العمل السياسي.
- المعارضة الدينية المستجدة وهي داخل الحركة الدينية الوهابية بين حركة(حداثية)مجددة وبين السلفية الوهابية الجامدة المتمثلة بهيئة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وبعض الهيئات والشخصيات الدينية،ويبرز أيضا صراع يتسم بالعنف بعد إنقلاب السلفية التكفيرية(القاعدة)على رعاتها الفكريين في الوهابية،مما أضطر السلطات إلى القيام بعمليات متعددة ومتلاحقة للقبض على عناصر القاعدة وقياداتهم وهذا الصراع أدخل السعودية لأول مرة في تاريخ المعارضة السعودية المسلحة،وكان قد سبقها الى العمل المسلح مجموعةً من الإسلاميين،تؤمن بالمهدوية،استولت عل ىالمسجد الحرام بمكّةالمكرّمة بقيادة جهيمان العتيبي في تشرين الثاني1979،لكنّ تلك الحركةالتي ألهمتها نظرة مذهبية ضيّقة جداًلم تستطع تعبئة أكثرمن بضع مئات من المناصرين، بيد أنّ الوضع كان مختلفاً للغاية في آب / أغسطس1990، عندمااستقطبت الخطبُ الحماسيةالشاجبة للوجود الأمريكي عشراتِ الآلاف من الشباب المتحمّسين في أرجاءالمملكة كافة بوصفه علامةعلى الفشل الأخلاقي والسياسي (للنظام السعودي)..
-
تأثير دول الجوار على الحراك السياسي في الخليج:
العراق :لقد لعب العراق بما يمثل العراق من موقع جيوسياسي يشترك في الجغرافيا والتقاليد مع دول الخليج والذي ظل بعيدا عن مجلس التعاون الخليجي مع توفر شروط الإنتساب لهذا المجلس على مستوى الجغرافيا والإقتصاد والقبائل واللغة والدين،لكنه أبعد بقرار أميركي بداية ومن ثم خاف الخليجيون منه بعد غزو الكويت مع أنهم حضنوه في حربه ضد إيران وقد لعبت منظومته السياسية(الحزبية)وفعاليته الثقافية ووسائل الإعلام دورا في تسرب وولادة بعض إرهاصات العمل السياسي المعارض إلى الداخل الخليجي فقد لعبت الصحافة العراقية والمدارس (وإذاعة قصر الزهور) دوراً كبيراًفي عملية التنوير التي انعكست على مطالب بعضا لإصلاحيين بالإضافة لدور التجار في المساهمة بعملية التلقيح الثقافي والسياسي نتيجة التفاعل المتبادل .
إيــــــــران:
إيران: إن إنتصار الثورة الإسلامية في إيران عام1979وتتطور القدرات الإيرانية خاصة العسكرية تلعب دورا أساسيا في عملية التغيير السياسي سلبيا وإيجابيا فمن الناحية السلبية تتهم الثورة البحرية بأنها تتقيد لإرادة إيرانية مما يحاصرها أكثر ويبقي عنها صفة الوطنية ويضع العراقيل أمامها كذلك الإنتفاضة الشعبية من المناطق الشرقية في السعودية التي تحاصر بتهمة الولاء الخارجي شأنها شأن كل الحركات الشعبية في دول الخليج أما في حركتها وتتعلق من إندفاعها لقمع حركات الإحتجاج وتعطي مبررا معنويا للجماهير والفتات المظلومة حتى لا تحاصر مذهبيا وتتعرض للقمع.
العمالة الأجنبية(الوافدة)وأثرها الديمغرافي والسياسي
تظهر الدراسات والإحصائيات إلى أن عدد العمالة الوافدة للخليج في نمو متسارع بدليل إرتفاع نسبتها من إجمالي عدد السكان،فمثلا وحسب دراسة نشرت في موقع الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بلغ(9) النمو السنوي للعمالة الوافدة لعام2010م.(23.4%)مقارنة بالعام السابق2009م.مشكلا ما نسبته(31.1%)من إجمالي عدد السكان في السعودية بينما تمثل في قطر(79.9%)،وفي الكويت(67.9%)والبحرين(51.4%)من إجمالي عدد السكان حسب إحصاءات عام2010م.وقد أشارت إحصائيات عام2009م.إلى أنه بلغت نسبتها في الإمارات(50.6%)،وفي عمان(24.2%)من إجمالي عدد السكان.
كما أن سيطرة الأجانب على مفاصل الإقتصاد تسبب كثيرا من المشكلات الإقتصادية وعلى رأسها:البطالة وغلاء المعيشة والمنافسة غير العادلة لللخليجيين.
وتعتبر(العمالة الوافدة)أحد أهم العوامل المؤثرة في أوضاع الخليج بما ساهم في تغيير الخريطة السكانية وتمخض عن مشكلات سياسية وأمنية وإقتصادية وإجتماعية يتفاوت تأثيرها من دولة لأخرى إلى حد أن أصبح المواطنون(أقلية)داخل بلادهم،وتحولت العمالة الوافدة إلى (أغلبية)ما يشير إلى أن أوضاع العمالة الوافدة قد تؤدي إلى تعميق الضغط السياسي على الدول،لأسباب تخصها أو إعتبارات تخص وطنها الأم،ففي1977شهدت منطقة جبيل بالسعودية إضرابا للعمال الكوريين ،كما قام العمال الهنود بإضراب في منطقة الشعيبية بالكويت عام1978لزيادة الأجور وتحسين شروط العمل،وأثار هذا الإضراب ردود فعل رسمية وشعبية في الهند،أثير في إطارها ما سمي(المضايقات)التي يتعرض لها الهنود في بعض دول الخليج.
إن زيادة الضغوط العالمية لإقرار الحقوق الأساسية للعمال،ومنهم العمالة الوافدة،وهو الأمر الذي بات يشكل حرجا للدول الخليجية،ففي إبريل2003أرسلت(هيومان رايتس ووتش)بيانات إلى دول الخليج تطالبهم فيها بالتصديق على معاهدات العمل الدولية لحماية حقوق العمال الأجانب وأفراد أسرهم والتي دخلت حيز التنفيذ في يوليو2003،وتعطى لهم الحق بتشكيل الإتحادات والنقابات وتضع معايير دولية محددة بما فيها حق التوطين.
حذر الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي من مغبة منح الوافدين إلى دول مجلس التعاون الخليجي جنسية البلد التي يقيمون فيها(10)(نخشى أن تأتي في المستقبل القوانيين الدولية وتفرض على دول الخليج منح هؤلاء الوافدين الذين قضوا فترة معينة في دول مجلس
التعاون جنسية هذه الدولة وهو ورطة حيث ستجد المواطن الخليجي يشكل نسبة بسيطة في بلده وأضاف إذا ظلت الأوضاع على ما هي عليه من تزايد كبير في إعداد العمالة الوافدة فإن الخمسين سنة القادمة ستكون هويتنا مهددة وفي خطر غير عادي وهو ما نشعر به الآن.
وقال أصبحنا نشعر بالغربة في أوطاننا وأن الأمن النفسي للمواطن يتعرض لإرهاصات خطيرة.
إن العمالة الوافدة تؤثر على الهوية الإسلامية لدول الخليج ولا تقتصر على الجانب الإسلامي فقط،ولكن على الجانب القومي والوطني أيضا،فتأثير العمالة السلبي الملموس الآن أكثر في الجانب الإقتصادي،قل لي من يملك التجارة الآن في الخليج،ومن يملك البيع والشراء.
لا تستبعد أن يتعرض الخليج كله بعد سبعين عاما، إذا لم يتخذ خطوات صارمة للحد من التوافد الأجنبي للذوبان فمثلما إستطاع كيني من إفريقيا (أوباما)أن يصبح رئيس الولايات المتحدة الأميركية فما المانع أن يأتي إلى قطر أو الإمارات نموذج مشابه؟
إن العولمة الموجودة قد تأتي بثقلها وإرهاصاتها ونصبح أمام القوانين الأممية ملزمين بتوطين كل من عاش عندك عدد معين من السنوات،وبالتالي إذا فرضت عليك أنظمة الصناديق والتصويت وأنت تشكل نسبة20% أو15% وستصبح في حرج شديد فمن غير المعقول أن تدير النسبة القليلة نسبة الأغلبية،الخوف موجود،أن تترك حقيقة واحدة أن السنوات والتجارب والحالات التي حدثت في العالم فقد كانت هجرات ثم شكلت الأغلبية ثم أصبحت مسؤولية الدول بأيدي غرباء وأصبحوا هم يشكلون الأغلبية في المواطنين.
ولدينا ظواهر شاذة وهي من آثار العمالة الوافدة مثل ظاهرة البويات،هذه مشكل لم تكن موجودة،في ظروف جاءت لنا من مجتمعات أن تكون فيها ذكر أو أنثى أو ما بين الإثنين شيء عادي فإذا تغلغلت في بعض الشباب فإننا سنكون أمام كارثة.
سأقول لك تأثير العمالة الوافدة على الجانب السياسي،فهي تجعل تقارير الأمم المتحدة تطرق على الدول الخليجية وتنعتها بإنتهاك حقوق الإنسان،وبالتالي أنت تستقدم جماعة وتجعل للأبواق الإعلامية والمتنفذين في السياسة العمالية سبيل لنقدك لغايات في نفس يعقوب.
في أميركا هناك(الهنود الحمر) وفي دولنا هل يمكن أن يطلق علينا في المستقبل(الخليجيين السمر)
وفي إستطلاع أجري حول قطر العمالة الواحدة على المواطنيين الخليجيين91%يعتقدون أنها تمثل خطرا و9% في المئة يعتقدون أنها لا تمثل أي خطر.
في المملكة قدرت نسبة البطالة10.5في المائة بلغت بين الذكور6.9 في المائة وبين الإناث28.4 في المائة،وفي الكويت تكاد نسبة البطالة في حدود السيطرة،فقد بلغت6في المائة عام2009.
إن عدد العمالة الأجنبية في البحرين تقدر نسبتها في القطاع الخاص بنحو81في المائة من القوى العاملة ،وفي قطر التي تبلغ مشاركة عمالتها الوطنية في إجمالي قوة العمل أقل من(8في المائة)وتزيد نسبة مشاركة العمالة الوافدة على92في المائة من إجمالي قوة العمل.
وفي الإمارات الدولة التي تواجه تغييرا ديمغرافيا خطيرا بلغت نسبة البطالة بحسب هيئة تنمية الموارد البشرية في الإمارات13في المائة بوجود نحو21ألف مواطن عاطل عن العمل،وفي سلطنة عمان تبلغ البطالة نسبة12في المائة، ويكفي أن نعلم ببلوغ عدد العمالة الوافدة في الدول الخليجية عام2005 ،12مليون عامل وفي عام2009 قفز العدد إلى 16 مليون عامل،وتتراوح جنسيات هذه العمالة بين 70 و 120 جنسية وتتكلم نحو 50 لغة ولديها 600 مدرسة خاصة بجالياتها كل هذه الأرقام المخيفة والمؤثرة في الجانب الديمغرافي في دول الخليج. (11)
إن عدد العمال الأجانب في الكويت حوالي 2.300 منهم 600 ألف هندي و200 ألف بنغالي و150 ألف سوري و450 ألف مصري بينما يبلغ عدد الكويتيين حوالي 1100.000 كويتي وقد تضاعف عدد السكان الكويتيين حوالي منذ العام 1957 حوالي عشرة أفغان حيث كان عددهم حوالي 113 ألف مقابل 95 ألف أجنبي تضاعف عددهم حوالي25مرة.
وتشكل الثقافات والسلوكيات الخاصة بالعمالة الوافدة تحديات وتأثيرات على الهوية الثقافية لدول الخليج.
خلاصــــــــــــــــــة
- إن ضبابية وسطحية-الهوية والإنتماء في دول الخليج،يؤديان إلى دور سلبي وإيجابي في في تسريع أو إبطاء عملية التغيير السياسي:
- إن غياب الشعور بالهوية والإنتماء الوطني يدفع الجمهور للإنقلاب على النظم السياسية الحاكمة سعيا وراء تحقيق المواطنة وتثبيت الهوية الوطنية.
- إن غياب منظومة الوطن والدولة يجعل من السلطة الحاكمة مجرد ( مشيخة ) على مستوى ( القبيلة – الدولة )والغزو المتبادل بين القبائل موروث تاريخي وسلوكي مما يسهل عملية تبادل الأدوار في التحكم والسيطرة.
- إن غياب المؤسسات الدستورية والسلوكيات الديمقراطية أو الشورى يجعل من السهولة فتح الطريق أمام الإنقلاب السياسي أو العسكري في حال توفر(القائد)بدرجة أولى، لأن منطق السيطرة للأقوى ماليا أو عسكريا أو مدعوما من الخارج.
- إن تحول الخليجيين الأصليين إلى أقلية بين العمال الوافدين الذين سيتحولون بفعل القوانين الدولية إلى جاليات أجنبية كمرحلة أولى وإلى مواطنين(بالتجنيس)وفق القرارات الدولية سيجعل التغيير شأنا حتميا ويمكن أن يصادر السلطة من الخليجيين لصالح المجنسين كما حدث مع(الهنود الحمر) في أميركا ليصبحوا اهل الخليج (الخليجيين السمر).
- إن التغيير السياسي محكوم بالقرار الخارجي خاصة الأميركي بسبب حماية أميركا لمصالحها الإستراتيجية(الإقتصادية والأمنية) في منطقة الخليج ولذا ستعمل على إعتماد أي ثورة أو تغيير سياسي أو إستبدالها بأنظمة جديدة لإمتصاص الغضب الشعبي مع الحفاظ على معظم مصالحها الإستراتيجية.
- يمكن أن يشكل التنافس السعودي-القطري،ثغرة أساسية لتتسلل المعارضة داخل الجسد الخليجي تحت ستار(النكد)أو الثأر السياسي وتحجيم الآخرين كما يحدث الآن في الكويت بين المعارضة(المدعومة من قطر)وبين آل الصباح.
- إن الصراع المذهبي(السني-الشيعي)والذي أظهرته أميركا وأوقدت جمره التاريخي وكذلك الصراعات القبلية والجهوية والتفاوت الطبقي بين الأغنياء والفقراء ،تشكل مجتمعة حواجز متعددة أمام التغيير السياسي وتؤخر ولادته في المدى القريب.
- ستلعب الوقائع في إيران والتغييرات في العراق وأحداث اليمن بشكل خاص دورا أكبر على هوية الخليج السياسية وتحركاته الشعبية بالإضافة إلى إرتدادات ما يسمى الربيع العربي.
- إن تبني الممالك والإمارات دعم الثورات بطلب أميركي سيساهم بإيقاظ وتنبيه المواطنين الخليجيين للمطالبة بحقوقهم الضائعة.
ويبقى السؤال... هل سيعاد تقسيم وتشكيل المنظومة السياسية في الخليج على مستوى الكيانات ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد أو المعدل بعدما أدت الممالك والإمارات دورها السياسي والإقتصادي لصالح أميركا والغرب، ولا بد من إعادة إنتاج كيانات سياسية للمرحلة القادمة بعد إنهاء صلاحية الكيانات التي أسسها الإستعمار البريطاني،وذلك عبر الأنقلابات العسكرية داخل العائلات المالكة أو عبر الضباط المرتبطين بالمشروع الأميركي لقطع الطريق أمام الثورات والحراك الشعبي في الخليج من إسقاط الأنظمة بما يهدد المصالح الإستراتيجية الأميركية (الأمنية والإقتصادية)؟
بيروت في 20/2/2013
*د.نسيب حطيط
- أستاذ العمارة في الجامعة اللبنانية.
- مدير العلاقات الدولية في نقابة المحررين في لبنان.
- عضو إتحاد الصحفيين العرب.
- رئيس مركز النسيب للدراسات www.alnnasib.com
Email: dr.nahoteit@hotmail.com
dr.nahoteit@alnnasib.com
mobile: 009613714088
fax: 009611305085
المراجــــــــــــع
- (1)- النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي
- (2)- دستور دولة الكويت
- (3)-ا مؤلف / خالد بن ثنيان بن محمد آل سعود - العلاقات السعودية البريطانية
- (4)- سورة الأعراف آية 12
- (6-5)- قانون الجنسية السعودية.
- (7)- قانون الجنسية القطرية
- (8)- - the creation of modern Saudi Arabia india office political and secret files 1914-1939
- (9)ابن الهيثمي
- (10)- عمر الشهابي في مؤتمر هستوريكل ماتيريالزم في لندن، ٢٠١٢.]
- (11)- الفداوية ... الباحث عباس المرشد شبكة شباب البحارنة الاعلامية عبر فيس بوك http://www.facebook.com/pages/%D8%B4...08356499255551
-
- (12)-موقع الغرفة التجارية الصناعية بالرياض
- (13):مقابلة مع قائد شرطة دبي الفريق ضاحي الخلفان مع قناة دبي في 25/12/2010 برنامج ( لكم القرار).
- (14)- مؤسسة الأهرام 2013