تركيا ودوامة العنف والإنهيار السياسي
د.نسيب حطيط
السلطان أردوغان يترنح بعد خسارته الانتخابات وعجزه عن تأليف الحكومات منفردا" فبدأ يجول على الأحزاب من المعارضة المعتدلة حتى المتطرفة يستجدي الشراكة، لإلتقاط الأنفاس ولإشراك الآخرين في خسائره المتوقعة والتي بدأت تباشيرها تظهر في أعمال العنف والتفجيرات ومقتل عشرات العسكريين الأتراك وجرح اضعاف أعدادهم .
الليرة التركية تتهاوى والإقتصاد يعيش القلق والتوتر وعدم الاستقرار خوفا من المستقبل الدامس الذي يصنعه التكفيريون من داعش وأخواتها من أبناء أردوغان بالتبني في تكرار للإنكشارية التي صنعها السلطان العثماني من اللقطاء والأسرى والأيتام مجهولي الأهل فرباهم على الولاء له والتوحش، ليس من أجل الدولة العثمانية بل من أجله فقط ، فأنقلبوا عليه بعدما أستشعروا القوة في أنفسهم، فكان الصدام القاتل بينهما ،وهذا ما سيكون عليه الحال مع داعش وأردوغان والذي كانت أولى بشائره تهديد داعش لأردوغان بتـحرير تركيا منه ومن الفساد والعلمانية وردها لديار الإسلام وهذا أول إتهام من التكفيريين لحزب العدالة التركي بأنه غير إسلامي وإن تبرقع ببرقع الأخوان المسلمين ،مما يسحب البساط من تحته ويدحض ادعاءاته بأنه حامي المسلمين وخاصة أهل السنة.
أسقط أردوغان وحزب العدالة والتنمية اتفاق الهدنة مع حزب العمال الكردستاني، فأنفجر الوضع الأمني بوجهه وخسر كل ما تبجح به عندما وقع هذا الأتفاق ليخدع الشعب التركي بأنه صاحب المكرمة الكبيرة لشعبه بشعار (صفر مشاكل) مع الجيران والظاهر انه يقصد ان لا مشاكل مع الجيران لأنه سيلغي القرار المستقل للجيران في سوريا والعراق عبر تسلمه للحكم عبر الأخوان المسلمين وداعش والنصرة وأخواتها ،أي إلغاء الجار الآخر وتعيين دمى تابعة له في السلطة كما يعين الإئتلافات والمجالس والمعارضات السورية في فنادق تركيا أو دميته الكبرى محمد مرسي الذي لبى طلب أردوغان، فأعترف بإتفاقية "كامب ديفيد" مع العدو الإسرائيلي وحاصر حماس وغزة ،فشكرته حماس على عطاءاته بالشراكة مع قطر وتنكرت لدعم إيران وسوريا والمقاومة في لبنان وشكرت بعض القوى السياسية من 14 أذار ولم تشكر الذين قدموا لها الدعم من 8أذار وغيرهم من الشرفاء .
فرضت الإدارة الأميركية على المغرور أردوغان وحزبه وحكومته إحتضان التكفيريين وكل المعارضة السورية لإسقاط الدولة والرئيس والكيان السوري ولفتح حدودها ومطاراتها ومدنها لكل تكفيريين من العالم لغزو سوريا والقضاء على المقاومة، فقام أردوغان بتنفيذ ما طلبه الأميركيون صاغرا" ذليلا" دون نقاش وتباهى بذبح سوريا بسكاكين التكفير وغزو العراق بجحافل داعش وتخريب مصر بالأخوان القطبيين ودواعش سيناء ،ولما وجدت أميركا بعد صمود سوريا والعراق وتوقيع الاتفاق النووي مع ايران وتقدم الروس في منطقة الشرق الوسط ،سارعت للطلب من أردوغان -السلطان أن يعلن الحرب على داعش فلبى دون نقاش وأنقلب على عقبيه وقال بوجوب قتال الإرهاب الداعشي .
والسؤال... أيهما نصدق أردوغان حليف داعش أم أردوغان عدو داعش ؟
هل نثق بأقوال وأفعال تركيا التي تدور وفق عقارب الساعة الأميركية ؟
ماذا لو عاقبت أميركا الدمية –السلطان ،لإخفاقه بإسقاط ألرئيس الأسد وفشله في تقسيم سوريا، فأستغنت عن خدماته كما فعلت مع مبارك وبن علي وشاه إيران وصدام حسين؟
تركيا على حافة الهاوية الأمنية والسياسية والإقتصادية وبداية النهاية للرقص على الحبال المتعددة الشعارات التي تكذبها الوقائع والممارسة لحزب العدالة التركي بعد فشل مشروع حكومة الئتلاف الوطني مع المعارضة وبعد إعتذار احمد داوود أوغلو شريك أردوغان بتشكيل الحكومة وبعد رفض حزب الشعب المعارض المشاركة في الحكومة المؤقتة وبعد تزايد الأعمال العسكرية للأكراد وتوسع جغرافيا المعارك والتفجيرات ضد الجيش التركي ...نسأل ماذا بقي من خيارات لحكومة أردوغان وحزبه سوى الإنتخابات المبكرة، لعله يعيد الإمساك بزمام الأمور بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة أو تصعيد العنف ضد الأكراد وداعش وسوريا لتحطيم الهيكل التركي على الجميع ،والبقاء على رأس السلطة المنهكة وسلطانا على تركيا المحترقة .
هل يتدخل الجيش وينقذ تركيا من بهلوانيات أردوغان وحزبه أم ينتفض الشعب التركي، فيسقط أردوغان في الانتخابات المبكرة ؟