تركيا الضائعة بين المبادئ والمصالح
د.نسيب حطيط
يهيم الرئيس التركي اردوغان في أخاديد الفشل لمشروع الأخوان المسلمين والإتهام بالتخاذل عن نصرة السعودية وإتهام البابا لتركيا بإبادة الأرمن والتوتر الداخلي بينه وبين رفاق الأمس من فتح الله جولين الى الرئيس السابق عبدالله غول الى مشكلة الأكراد والضائقة الاقتصادية التي اثرت على الليرة التركية بالإضافة الى المشكلة الدائمة مع الإتحاد الأوروبي الذي يرفض طلب تركيا بالإنضمام اليه ومع ذلك لم تنخفض نبرة أردوغان السلطانية المغرورة بالنسبة لسوريا الصامدة بوجه الغدر التركي الذي أصابها بالظهر والعنق الحلبي... ولايزال .
السلطان الموهوم يدور في حلقة مفرغة يسيرها الدم المسال في ساحات الربيع العربي المفترض علّ الأخوان والجماعات التكفيرية يعيدان كرسي الخلافة الملقحة بالعلمانية والتحالف مع العدو الإسرائيلي وللتوضيح فإن حزب العدالة والتنمية التركي الإسلامي لايزال يسمح بالأمور التالية :
- السماح ببيع الخمور من الساعة العاشرة مساء حتى السادسة صباحا ..عندما ينام الملائكة فلا يسجلون ذنوب سلطة أردوغان !
- لايزال اردوغان يطبق المادة 143 من القانون المدني التركي التي تنص على عدم الاعتراف بالزواج الديني لا قبل ولا بعد عقد الزواج المدني.!
- لايزال الحليف الإستراتيجي للعدو الإسرائيلي وتشكره حماس على دعمه لها ولا تشكر سوريا وايران !
ومع كل ذلك فهو المرشد الأكبر للأخوان المسلمين والحامي لحقوق السنة في العالم العربي، كما يدعي ...لكن وفق ما سبق فإن الفتنة ليست مذهبية بل فتنة سياسية بإمتياز.
بعد الاتفاق النووي المبدئي بين ايران وال (5 +1 ) سارع اردوغان لحجز حصته في السلة الإستثمارية في ايران وعندما تزاحمت المبادئ والمصالح هرول نحو المصالح ومسح كل انتقاداته لإيران قبل ان يجف حبرها وتخلى عن السعودية في عدوانها على اليمن والمستضعف حيث يهدف لضرب عصفورين بحجر واحد:
- أولهما الربح الإقتصادي عبر زيادة التجارة المتبادلة مع ايران من 13 مليار الى 30 مليار و الإحتفاظ بأنبوب الغاز الإيراني وذلك لتدعيم الاقتصاد التركي المترنح .
- التخلص من المنافسة السعودية له على زعامة المسلمين "السنة" بعد تورطها في اليمن والذي يفسح المجال له لإعادة دعم الاخوان المسلمين في مصر، خاصة إذا تورط الجيش المصري في اليمن، مما سيكشف الساحة المصرية امنيا امام انصار بيت المقدس والأخوان وحركة حماس .
لكن االرد والصفعة السعودية لأردوغان جاء على لسان الوزير الإماراتي الإنفعالي والمحبط من الأصدقاء فأتهم تركيا بالتخاذل وهدد باكستان...لكن اردوغان يوازن بين البقاء مع مجلس التعاون الخليجي او مع ايران وفق معادلة الأكثر فائدة او ربحا لتركيا وبالطبع فإن الميزان التجاري مع ايران أكثر إغراء والسياسة التركية بوصلتها المصالح وليس المبادئ والصداقات !
والصفعة الثانية غير المحسوبة والمفاجئة جاءت بلسان البابا الذي اتهم تركيا بالإبادة الأرمنية لأول مرة بالتزامن مع إتهام داعش بإبادة المسيحيين والأزيديين وتدمير الحضارة الأشورية ،مما أظهر داعش وتركيا في صف واحد امام الرأي العام العامي والأوروبي المسيحي خصوصا والذي سسيقفل الأبواب امام تركيا للإنضمام للاتحاد وسيرغم اردوغان للإنكفاء شرقا بدل التوجه المستحيل غربا .
استلم اردوغان وفريقه السلطة ورفعوا شعار صفر مشاكل وبعد عشر سنوات انقلب الشعار واقعا صفر أصدقاء وصقر حلفاء وصفر إستقرار وبقي الحليف الوحيد لأردوغان داعش والجماعات المسلحة في الربيع العربي المشؤوم ....ولاننسى العدو الإسرائيلي!
أحلام اردوغان تتبخر على موقد الحقيقة المرة المشتعل بدماء الأبرياء في سوريا والعراق والنفط المسروق عبر داعش واللاجئات السوريات ومصانع حلب المسروقة ويمكن لأردوغان خداع الناس ونفسه وليس مخادعة الله سبحانه وتعالى (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا" ولهم عذاب أليم بما يكذبون) .