تركيا تتراجع وتعتذر من إسرائيل
د.نسيب حطيط
سرعان ما تراجع(السوبرمان)التركي،بعد إندفاعه المسرحي لتأييد المقاومة في غزة ،ومطالبته إسرائيل بالإعتذار ومحاكمة المسؤولين العسكريين والسياسيين بعد مجزرة أسطول الحرية ، فصفعه الإسرائيليون مرة أخرى بإهانة سفير تركيا في إسرائيل.
تطوع الثنائي(أردوغان-غول) لقيادة جبهة المواجهة من خلال مواقف مسرحية مدروسة من(دافوس)والجدال الخديعة مع شيمون بيريز إلى أسطول مرمرة،لكن سرعان ما كشفت الأحداث كذب هذه المواقف التي رسمها الأميركي والإسرائيلي ليتمكن من خداع العرب والمسلمين، ويدخل تركيا في منظومة العالم العربي(السني)بمواجهة العالم العربي(الشيعي)وتفجير منظومة المقاومة والممانعة في المنطقة، لتكون تركيا الفك الثاني للكماشة الغربية لحصار العالم العربي مع حليفتها إسرائيل.
لقد إنتفخ(البالون)التركي كثيرا وشعر بقدرته على شن الحروب وإعطاء الأوامر بدل النصائح وتحديد المهل للنظام في سوريا،وكأنه قوة عظمى بين بلاد ضعيفة،لكنه سقط في الإمتحان أمام أسياده مع أنهم دفعوه لخوض معاركهم من البوابة المذهبية(فأعلن منذ بداية الأحداث السورية مقولته الشهيرة(صحيح أن الرئيس الأسد علوي إلا أن زوجته سنية)ومن ثم سقط في ثورة البحرين التي إنحاز فيها إلى جانب النظام لإعتبارات مذهبية،مع أنه يرفع شعار الديمقراطية والإصلاح والتعددية السياسية وتداول السلطة وتبين أن كل هذا غير موجود في البحرين.
إنتقل الثنائي(أردوغان-غول)إلى تهديد العراق لحماية الأخوة(السنة)منه ليطرح نفسه منافسا وبديلا عن السعودية ومصر ويعلن أنه كفيل للأيتام السنة في العالم العربي وبتفويض أميركي وغربي ورضى إسرائيلي عله في كل تقديماته يرضي أسياده فيقبلونه عضوا في الإتحاد الأوروبي بعد عقود من الرفض والإبعاد.
لقد فشل اردوغان في سوريا،بعدما تعهد بقدرته على إسقاط النظام بالتعاون مع قطر كممثل للعرب،فبادر الأميركيون وحلفائه وأوعزوا لفرنسا أن تدينه بإقرار قانون إبادة الأرمن فأنتفخت أوداج أردوغان وهدد قبل إقرار مجلس الشيوخ الفرنسي بأنه سيعاقب فرنسا ،عله يجمد إقرار القانون لكن الفرنسيين يعرفون(أتباعهم)الذين يعملون عندهم، فلم يكترثوا لصراخه وتهديداته ، وأقروا القانون،وسارع الثنائي(أردوغان-غول)لإسترضاء إسرائيل،فتراجعوا عن طلب الإعتذار،وتراجعوا عن محاكمة الفاعلين وبعدها ولأول مرة في تاريخ تركيا العلمانية أو الإسلامية يعرض فيلم يعترف(بالمحرقة)الإسرائيلية وباللغة التركية تضامنا مع إسرائيل،و عادت تركيا(أردوغان)إلى طبيعتها عضوا في الناتو وحليفا لإسرائيل وذراعا للغرب في وطننا العربي والإسلامي.
لقد إستدرج حزب العدالة والتنمية الأخوان المسلمين ليكون النموذج الذي يقلدوه، فأعلن بعضهم في مصر إلتزامه بإتفاقيات كامب ديفيد،وصرح بعضهم للتلفزيون الإسرائيلي الشقفة والبيانوني في سوريا)وصرح بعضهم للإذاعة الإسرائيلية(راشد الغنوشي في تونس).
لقد إستطاعت تركيا(أردوغان)خداع العرب،لأنها تتصرف معهم بأنهم ضعفاء وأغبياء وجبناء كما عرفتهم إيان حكمها لهم أيام السلطة العثمانية ولا زالت تتعامل معهم وفق هذه المواصفات.
لكن تركيا نمر من ورق أوروبي تشكل قاعدة للناتو ودرعه الصاروخية،ومدرسة للإسلام الأميركي المهجن الذي يتحالف مع إسرائيل التي تحتل أولى القبلتين وثالث الحرمين(القدس الشريف) والإسلام الأميركي الذي يمنع الحجاب ! .
تركيا تتراجع وتعود لحجمها الحقيقي أو المسموح لها أميركيا، وإذا بدأت المفاوضات والتسوية بين محور الممانعة والمحور الغربين ستكون تركيا أهم الخاسرين لأنها راهنت على الخروج من جلدها وخداع الأمة التي تنتمي إليها،لتحصيل لجوء سياسي وإقتصادي للإتحاد الأوروبي وأرهقها الإنتظار والسعي إليه.
لقد إنتقلت تركيا من سياسة(صفر شاكل)مع الجيران إلى (صفر صداقات) ،فتصادمت مع سوريا بعد الإتفاقية الإستراتيجية،وتصادمت مع العراق بعد التدخل التركي المذهبي وتشجيع الإرهاب،توترت مع إيران وروسيا بسبب الدرع الصاروخية الأميركية ماذا بقي لتركيا غير العودة إلى(حضيرة)الناتو يتعامل معها الغرب كدولة تؤمن العمال والجنود الذين يقومون بالأعمال البسيطة التي لايقوم بها الأوروبيون ،كما يتعامل الإسرائيليون مع الفلسطينيين في الأعمال التي لا تتطلب مهارة بل سواعد قوية، وكما تعامل النظام العنصري في جنوب أفريقيا مع الزنوج قبل تحرير البلاد من النظام العنصري .
سيبقى الأتراك(الحكومات والنظام وليس الشعب التركي ) أتباعا وخدما للناتو ويحاولون تمثيل صفة(السيد)عند العرب،لكن (البالون) التركي المنتفخ غرورا، سرعان ما يخسر حجمه أو ينفجر من الداخل، فالفتنة التي أوقدها في سوريا ( الفتنة المذهبية) والتي ستفشل إنشاء الله،وإذا نجحت ستلتهم تركيا مع الفتنة الكردية –التركية ولن يبقى للثنائي التركي(أردوغان-غول) سوى الأطلال او العقاب من شعبهم او اسيادهم !.