تركيا تغرق في رمال الربيع العربي.
د.نسيب حطيط
ركب "أردوغان" حصان السلطنة العثمانية البائدة، متجها نحو بلاد العرب لإستعادة حكمها وثرواتها ،بعدما رحلت في الحرب العالمية الأولى، وكان "الإخوان المسلمون" جسر العودة ليعود الأتراك مستعمرين لبلادنا وإعلان دولة الخلافة الإسلامية العثمانية الحديثة، المهجنة أميركياً وإسرائيلياً عبر حزب العدالة والتنمية لتحقيق الأمور التالية:
- تأسيس كيان "الإسلام السياسي الجديد" وفق الفهم الأميركي من خلال النموذج التركي الذي يستطيع التوأمة بين الإسلام والتحالف الإستراتيجي مع إسرائيل التي تحتل القدس وتغتصب فلسطين وتستطيع التوأمة بين الإسلام والتحالف مع الأميركيين لقتل المسلمين في أفغانستان وباكستان والعراق وإسلام حديث يستطيع تعديل الأحكام الإلهية وفق ضرورات السياحة التركية والإقتصاد والقوانين المطلوبة لدخول جنة الإتحاد الأوروبي الموعودة بدل الدخول الى الجنة التي وعد الله سبحانه عباده المخلصين فقد تم تعديل تحريم (الخمر) فيصبح مسموحاً من السادسة صباحاً حتى العاشرة مساءً !! مما يعني أن الإسلام الحديث ليس الإسلام الذي بشر به رسول الله (محمد) (ص) بل الإسلام الذي أنتجته مراكز الدراسات الأميركية -الصهيونية والتي تنفي الإعتقاد بخاتمية الإسلام للرسالات وهذا ما بشرت به الحركة القاديانية التي قامت في الهند عام1900م، عندما أعلنت زعيمها خاتم الأنبياء وأن الله الذي تعبده هو "إنكليزي" الأصل ولا يمكن مخاطبته إلا بالإنكليزية !!
- إن تركيا وبدل الدخول إلى الإتحاد الأوروبي الذي أغلقت أبوابه بوجهها طوال خمسين عاماً ولا تزال موصدة، تحاول القيام بدخول عكسي حيث تعمد إلى إدخال الإتحاد الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط عبر "الإسلام الجديد" ودعامته جماعة الإخوان المسلمين.
- القضاء على الإسلام السياسي الذي يدعم ويستولد حركات المقاومة ضد الغزاة وحصاره بالإسلام التكفيري الذي يغير إتجاه البوصلة فتصبح عمليات "بيت المقدس" والنصرة وداعش وإنتحاريو طرابلس (اللبنانيون) يفجرون أنفسهم بالمسلمين سواء كانوا سنة (مصر – سوريا) أو شيعة (لبنان) فالمهم بأن لا يصلوا إلى العدو الإسرائيلي.
بعد ثلاث سنوات من الفشل الميداني لتركيا وأعوانها سواء في مصر (سقوط الإخوان) وفي سوريا حيث صمد النظام والدولة وتقاتل المعارضون فتشتتوا وانقسمت قيادة المعارضات بين تركيا وقطر والسعودية وغيرها وبدأ الخطر يهدد الداخل التركي، بالإضافة إلى قضايا الفساد والحرب الشاملة بين (غولين) و(أردوغان) والتي أصابت الجيش والشرطة والقضاء والوزراء حتى وصلت إلى بيت أردوغان (اتهام إبنه بالفساد) يضاف إلى ذلك الإنقسام المذهبي والقومي في تركيا وبشكل صارخ منذ مائة عام،حيث تحرك العلويون (15 مليون) بعد استفزازهم وتعرضهم للخطر الداهم من مسلحي القاعدة والجماعات التكفيرية التي سمح لها أردوغان بالإقامة في تركيا وكذلك المشكلة الكردية التاريخية وانقسمت الكتلة السياسية (السنية) إلى قسمين (العلمانيون والإسلاميون) فتفرقت تركيا بين أربع تيارات وكتل وازنة ومتعادلة تهددها بالإقتتال الداخلي والقلق الدائم حيث تسببت بخسائر إقتصادية (هبوط الليرة التركية 10%) خلال أقل من شهرين.
الحكومة التركية أمام خيارين، إما الإستمرار في هجومها الفاشل على سوريا ورهاناتها الخاطئة على الإخوان المسلمين للسيطرة على العالم العربي واسقاط دور (مصر والسعودية) على مستوى الإسلام السياسي السني في المنطقة والخيار الثاني العودة للواقعية والعقلانية السياسية والبحث عن دور و الشراكة مع دول المنطقة، خاصة مع إيران لحفظ الدور واستيعاب الهزات الإرتدادية للجماعات التكفيرية داخل تركيا والتوازن الإقتصادي أو على الأقل تثبيت الوظيفة التركية لحلف الناتو والإدارة الأميركية كقاعدة تهديد لدول المنطقة أي الإحتفاظ بالدور وفقاً للسلبية التي تؤديها تركيا.
إن الإنفتاح التركي (الإقتصادي والسياسي) على إيران هو أولى الخطوات نحو شاطئ الأمان وحفظ ماء الوجه بانتظار التراجع عن الخطيئة في سوريا وعقلنة خطاب وسلوك الإخوان المسلمين في مصر وسوريا لإعادة تهدئة الأوضاع والمساكنة السياسية بين دول السداسية (مصر- السعودية –تركيا – إيران – سوريا – العراق) وفق معادلة (3 + 3) لإعادة الإستقرار للمنطقة والحفاظ على ما تبقى من دول وكيانات خاصة وأن الفوضى المسلحة تهدد تركيا والسعودية والخليج بعدما فشلت في سوريا والعراق وبدأت في مصر.
تركيا مثال الآية الكريمة (من أسس بنيانه على شفا جرف هار فأنهار به في نار جهنم ).
سوريا صمدت ومحور المقاومة والممانعة أفشل المشروع الأميركي، والمتآمرون يسقطون ويعود بعضهم لرشده ومصالحه ونحن في طريق العودة للأمن والإستقرار بإذنه تعالى.