تطهير إدلب نهاية الحرب
دنسيب حطيط
تتسارع عمليات تطهير إدلب من نفاياتها التكفيرية والمرتزقة، بعدما تمكّن الجيش السوري وحلفاؤه من تجميع التكفيريين في "مطمر" إدلب للتكفيريين بوسيلتين: العمليات العسكرية، وتراجع التكفيريين عن مواقعهم، والمصالحات الناعمة التي أرسلت التكفيريين إلى مطمر إدلب التكفيري (حوالي 30.000 مسلح)، والذي سيكون مطمراً للمشروع والحرب الأميركية على سورية والمقاومة.
لقد بُنيت الحرب الأميركية على ركيزتين أساسيتين هما "داعش" و"جبهة النصرة"، مع بعض "المقبّلات" الإقليمية والسورية المتنوعة من التنظيمات المسلحة الهامشية، والتي تمثّل دولاً أو تنظيمات "إسلامية" إقليمية وعالمية، وبعد هزيمة "داعش" وتحرير معظم المدن السورية الرئيسية (ما عدا الرقة مؤقتاً) فإن الدولة السورية والحلفاء يتجهون لحسم معركة إدلب وتحريرها كآخر ساحة أو نافذة تفسح المجال لتركيا وأميركا وبعض الإقليم باستمرار الطعن في الجسد السوري، ولإقفال ملف "جبهة النصرة"؛ التنظيم المخصَّص لتحرير بلاد الشام (سورية ولبنان..)، وطيّ آخر صفحة من كتاب الجماعات التكفيرية المسلحة الكبرى، وبتر القدم الأميركية الثانية بعد بتر القدم الأولى المسماة "داعش".
إن تحرير إدلب سيثمر النتائج التالية:
1- القضاء على "النصرة" كعمود فقري للجماعات التكفيرية في الحرب على سورية.
2- تقزيم الدور التركي إلى أدنى مستويات التأثير، وتخفيض أوراق القوة التركية في المفاوضات السياسية.
3- استعادة الدولة السورية للجغرافيا المفيدة والرئيسة، والتفرُّغ لتطهير الجيوب الجغرافية الباقية.
4- إزالة التهديد والخطر لكل من حماة وحلب واللاذقية، وإقفال البوابة التركية الكبرى على سورية.
5- استعادة الثروة الزراعية (ثلث الإنتاج الزراعي السوري).
6- تدمير أهداف وأحلام المعارضة بالوصول الى البحر المتوسط، خصوصاً المعارضة الكردية.
معركة تحرير إدلب تشكّل بداية نهاية الحرب الكبرى المقنَّعة بقناع الثورة والمعارضة الداخلية على سورية، والبدء بإرساء مداميك الحل السياسي الذي ستخوضه سورية والحلفاء على قاعدة النصر الميداني، واحتراق أوراق الضغط الخارجية بجميع مسمياتها، إضافة إلى الهزيمة النفسية والمعنوية لكل المعارضين الذين سيبادرون إلى طرح التسويات والمصالحات لحفظ أمنهم، وتجريد فصائل المعارضة السورية من مخالبها الميدانية، واختصار أعدادها وممثليها في المفاوضات، مما يسهّل الحل السياسي بالتزامن مع اختفاء الوجوه التي شاركت في القتل والتدمير الخارجي لصالح شخصيات من الرأي العام السوري، الذي لا يمتلك الحيثيات السياسية أو الشعبية المسلحة والمؤثرة، مما يتيح إدخال معارضة مدنية للشراكة في السلطة، وهذا ما لا ترفضه الدولة السورية التي تفتح أبوابها للسوريين.. لكن ستغلقها أمام السوريين الذين يمثلون دول الخارج الذين شاركوا في سفك الدم السوري، وحاولوا تقسيم سورية والسيطرة على شتاتها المتفلت؛ كما هوا الحال في ليبيا.
تحرير إدلب سيعزز محاولات الدولة السورية لاسترجاع النازحين قبل الانتخابات السورية، بعد توسُّع الجغرافيا الآمنة تحت سلطة النظام، مما يمنع الأطراف الخارجية من استخدام النازحين كرهائن انتخابية ومصادرة أصواتهم التي تؤثّر في الانتخابات (حوالي مليون ونصف المليون صوت)، مما يتيح للخارج أخذ بعض المكتسبات السياسية التي فشل في ربحها طوال سبع سنوات من الحرب المدمرة والمتوحشة على سورية.
معركة تحرير إدلب ستكون من أشرس المعارك وأقساها، لأنها الحصن الأخير للمشروع الأميركي، ولذا لجأت أميركا لتأسيس جيش جديد يستوعب عناصر "النصرة"، ودمجهم مع الأكراد على الحدود التركية - السورية، وعلى نهر الفرات، وستكون بعض فصولها اللعب بالنار على حافة الهاوية بين أميركا وروسيا؛ كما حصل بالاعتداء على قاعدة حميميم بالطائرات المسيَّرة والمفخخة، وستُحرج وتربك التركي الذي لا يستطيع منعها، ولا يتقبل نتائجها التي ستطيح بأحلامه ومخططاته، وستعزز الثقة بالنفس والقدرات لمحور المقاومة وحليفته روسيا، والذي سيبني على نتائج المعركة حساباته السياسية للعقدَين المقبلَين، حيث سيشعر بالقدرة على تحجيم الدور الأميركي وإلغاء القطب الواحد في المنطقة، وصولاً لإلغاء منظومة القطب الواحد عالمياً، ليس على مستوى النظرية، بل على مستوى الواقع والميدان.